نبه السيد الحكيم (مد ظله) إلى الأهداف التي حمّلت المرجعية الدينية على توجيه أبناءها نحو المشاركة في العملية السياسية وإجراء الانتخابات، ملخصاً سماحته تلك الأهداف المتمثلة بتثبيت الهوية الإسلامية للشعب العراقي، وإبراز الكيان الشيعي إلى الواقع كأغلبية عانت من الظلم والتهميش والقهر والحرمان على أيدي أنظمة الحكم المتعاقبة على العراق، وإبرازه ككيان يريد التعايش السلمي والأخوي مع كافة المكونات الأخرى.جاء ذلك خلال استقبال سماحته للفريق الميداني للاتصال المباشر بالشباب التابع لوزارة الشباب والرياضة بمكتبه في النجف الأشرف يوم الأربعاء 23 جمادى الثاني 1427هـ.
وأوضح سماحته الأسباب التي دعت المرجعية الدينية إلى إصرارها بقوة على ذلك، هو بروز دعوات تريد سلخ الهوية الإسلامية عن شعب العراق المسلم، واصفاً سماحته الهوية الإسلامية بأنها تمثل شرف وعزة البلاد.وبيّن سماحته بأن إنجاز الدستور برغم افتقاره لما يلبي طموحات المؤمنين، وعملية إجراء الانتخابات، وما أفرزته من نتائج واقعية تنطوي على الكثير من الإيجابيات، واصفاً سماحته تلك الإنجازات بأنها تمثل فتحاً كبيراً.وفي مداخلة من أحد أفراد الفريق حول الفرق بين دور المرجعية في العشرينات من القرن الماضي والدور الحالي، بيّن سماحته وحدة الهدف والموقف والدور الذي مارسته المرجعية الدينية في الحالين، مذكراً سماحته بأن ثورة العشرين لم تأتِ بصورة تلقائية، بل جاءت في أعقاب مفاوضات شاقة وطويلة مع المحتلين الإنگليز ومراسلات مع الرئيس الأمريكي ويلسون وملك بريطانيا جورج الخامس، ومفاوضات مباشرة مع المندوبين الساميين البريطانيين امتدت لأكثر من ثلاث سنوات منذ سقوط بغداد عام 1917 حتى اندلاع الثورة عام 1920.وأضاف سماحته أن المفاوضات تلك كانت تهدف إلى إجبار الإنگليز بتنفيذ وعودهم بإقامة حكومة وطنية دستورية، انتهت بتنصل المحتل البريطاني عن وعوده، وبذلك انتهت الأمور باندلاع الثورة العارمة ثأرا لكرامة البلاد.واستطرد سماحته بشرح الموقف الحالي بقوله: "إن الاستجابة من قبل المحتل قد حصلت، وتم إجراء الانتخابات أمام مرأى ومسمع العالم أجمع وبنسب مشاركة عالية لم تجد مثيلاً لها في البلدان الأخرى، نتج عنها إنجاز الدستور، وتشكيل حكومة وطنية دستورية شاركت فيها جميع المكونات".وخلص سماحته إلى القول بأن موقف المرجعية واحد، فالموقف الأول لم يحصل على استجابة المحتل الإنگليزي، بينما خلال هذه المرحلة حصلت الاستجابة بفضل إصرار إرادة الشعب.وحول الحالة الاجتماعية وحجم التذمر بين صفوف قطاعات الشعب، نتيجة سوء الخدمات وحجم الفساد الإداري والمالي، أكد سماحته بأن طبائع البشر عموماً تنقسم بين الصالح الذي يهتم بمصلحة البلاد، وهناك من يفضل مصالحه الفردية على مصالح البلاد، مضيفاً بأن حجم المخلصين هم من القلة في كل زمان ومكان، منبهاً على ضرورة إشاعة ثقافة الصبر والحث على الاستقامة من أجل عدم تسرب حالة الإحباط في نفوس الشباب الذي يطمح للتغيير نحو الأحسن.ودعا سماحته إلى ضرورة التفريق بين الدين وتعاليمه السمحاء وبين من يتلبس بالدين من أجل مصالحه الضيقة.وأهاب سماحته بالعاملين المخلصين الذين تقلدوا المسؤولية أن يتحملوا الانتقادات البنّاءة، وأن يعرضوا عن كل التهريجات التي يطلقها البعض من أجل إحداث البلبلة وعدم الثقة والاستقرار.وساق سماحته أمثلة عديدة للحالات السيئة التي يحاول البعض ممارستها من أجل خلق أجواء سلبية، كحالة تهريب الوقود المستورد بأسعار عالية من أجل سد حاجة البلاد، واصفاً عملية التهريب بأنها من السلوكيات السيئة التي تؤدي إلى خلق أجواء اجتماعية سلبية.كما دعا سماحته أبناءه الشباب إلى الفخر والاعتزاز بما حققوه من الإنجازات التي لم تكن لتتحقق لولا شعورهم بحتمية العيش بعز وكرامة بعيداً عن التهميش والحرمان، مضيفاً بان الأشياء الأخرى كإرساء الأمن وتوفير الخدمات يمكن لها أن تأتي بمزيد من الصبر والجهد والمثابرة، مؤكداً على دور العناية والتسديد الإلهي الذي لولاه لتفاقم الوضع أكثر مما هو عليه.
وأهاب سماحته بكل العاملين في مفاصل الدولة المهمة بعدم إطلاق التصريحات والآمال الحالمة وقطع الوعود من أجل عدم تسرب اليأس والإحباط في نفوس الشباب، مشدداً على أن يكون الخطاب موافقاً للواقع ولحجم التحديات الكبيرة المحيطة بالجميع، مذكراً سماحته بأن الطريق طويل وشاق مما يستلزم الدعوة باستمرار إلى الإصلاح وعدم الوقوع في دائرة الإحباط.
واختتم سماحته حديثه بالدعاء للمولى القدير أن يكلل أعمال المخلصين بالنجاح من أجل النهوض بواقع البلاد، والأخذ بيد الشباب نحو جادة الصواب الذين يمثلون البناء الأكفّاء لمقدّرات البلاد.
مكتب سماحة اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
https://telegram.me/buratha