اكد مجلس القضاء الاعلى :" ان بناء الدولة لا يتحقق الا عندما تبقى المؤسسات فوق الصراعات، لا ادوات داخلها ".
وقال في قراءة تحليلية لرسالته في بيانه الاخير الى القوى السياسية، انه جدد دعوته السابقة للاحزاب والقوى السياسية الى احترام التوقيتات الدستورية في تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهي دعوة تحمل في ظاهرها حرصاً قانونياً، وفي باطنها رسالة سياسية واضحة بأن تجاوز الدستور بات يهدد استقرار الدولة وتماسك مؤسساتها".
واضاف :" هذا التذكير لا يأتي من فراغ، فالتأخير في تشكيل السلطات اصبح سمة متكررة في العملية السياسية، وغالباً ما يفتح ابواباً للتدخلات والضغوط واعادة توزيع النفوذ خارج الاطر القانونية، لذلك يسعى القضاء الى اعادة الجميع الى مربع الانضباط الدستوري"، مشددا على :" ان احترام المدد الزمنية ليس خياراً سياسياً يمكن تجاوزه، بل التزام يضمن استمرار شرعية النظام السياسي برمته".
واشار الى :" ان النقطة الاكثر حساسية في بيان مجلس القضاء الاعلى في جلسته الـخامسة عشرة ، ظهرت في الفقرة الاخيرة التي وجه فيها رسالة قاطعة تضع حداً لتنامي الخطاب السياسي الساعي الى زج القضاء في مسألة تسمية رؤساء السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا سيما رئيس الوزراء القادم، اذ لم تكن هذه الفقرة مجرد توضيح، بل اعلان مبدئي يهدف الى حماية سمعة المؤسسة القضائية ومنع تحويلها الى طرف داخل الصراع السياسي"، مؤكدا عدم دعمه او تبنيه اي رأي تجاه اي شخصية مرشحة لهذا المنصب"، مبينا انه :" بهذه الصياغة غير المعتادة في حدتها ووضوحها، يعكس المجلس ادراكه لخطورة المرحلة، ولخطورة محاولات بعض الاطراف استغلال اسم القضاء في تسويق خيارات سياسية او تبرير تفاهمات تعقد خلف الابواب المغلقة".
واوضح انه :" من الناحية الدستورية، يمثل هذا الموقف تكريساً لمبدأ الفصل بين السلطات، اذ يضع القضاء نفسه في موقع الحكم المحايد، ومن الناحية السياسية، هو رسالة تحذير واضحة للاحزاب بان القضاء لن يكون طرفاً في دعم جهة على حساب اخرى، وفي الوقت نفسه يبعث برسالة طمأنة للرأي العام بان المؤسسة القضائية تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تملك سوى الادوات القانونية التي خولها لها الدستور لحماية الدولة والنظام الديمقراطي".
وخلص الى انه :" في ظل تعقد المشهد السياسي العراقي، يبدو القضاء وكانه يقول للجميع؛ هنا تنتهي لعبة السياسة، وهنا يبدأ القانون.. وبهذه الرسالة، يضع مجلس القضاء الاعلى حدوداً واضحة بين ما هو سياسي وما هو قضائي،مؤكداً ان بناء الدولة لا يتحقق الا عندما تبقى المؤسسات فوق الصراعات، لا ادوات داخلها"
https://telegram.me/buratha
