إنطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية وحرصنا على المضي بالمسيرة الديمقراطية لبناء العراق الموحد الذي يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات ولا يسمح بعزل او تهميش أي مكون من مكوناته لأغراض سياسية أو مصالح وأجندات خارجية، من هنا نجد من الضروري بيان موقف الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي بصدد موضوع اقرار مشروع قانون انتخاب مجالس المحافظات وما رافق عملية تعديل صياغاته واقراره من ملابسات، ومن ثم نقضه من قبل مجلس الرئاسة.
اولا: إن خصوصية قانون انتخاب مجالس المحافظات تجعلنا أمام استحقاق شعبي واختبار حقيقي لديمومة ونجاح العملية السياسية واستمرار التجربة الديمقراطية في العراق بالاتجاه الصحيح، في وقت نعتبره نموذجيا للارتقاء بالممارسة السياسية الى آفاق المصلحة الوطنية العليا، لذلك كنا عازمين على استثمار التوافق السياسي الحالي لكي ندعم توافقا تشريعيا مرضيا عند جميع الاطراف يكون منطلقا جديدا للتجربة الديمقراطية في العراق.
ثانيا: لقد بذلت جهود جبارة في صياغة هذا القانون وكان للشيخ خالد العطية دوراً محورياً لتقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية امتدت الى اشهر مضت وما حدث في اللحظات الاخيرة لاقرار هذا القانون ما هو الا محاولة للتمهيد الى احداث شرخ بين مكونات الشعب وعرقلة هذا القانون ومن ثم تعطيل اجراء الانتخابات وحرمان ابناء الشعب من ممارسة حقهم الدستوري في إختيار أعضاء مجالسهم المحلية، ذلك الحق الذي طالما انتظروه بفارغ الصبر، رغم مطالبة النائب الاول من رئيس المجلس رفع الجلسة قبل التصويت لفسح المجال لمزيد من المشاورات للتوصل الى اتفاق مرضٍ بين الكتل النيابية، الا ان الاصرار على إجراء التصويت بالطريقة السرية حال دون ذلك.
ثالثا: اتفق قادة الائتلاف العراقي الموحد بعد التصويت على القانون تخويل النائب الاول لبيان موقف الائتلاف من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في ذلك اليوم، فيكون ما تم الاعلان عنه في المؤتمر لايمثل وجهة النظر الشخصية للنائب الاول، بل هو الموقف الرسمي للائتلاف العراقي الموحد.
رابعا: رغم الجهود الحثيثة التي بذلت وتمديد الفصل التشريعي، وتقليص عطلة المجلس الصيفية كي نكون عند حسن ظن شعبنا وتطلعاته، يحق لنا ان نتساءل: هل هناك من مصلحة وطنية ترتجى في اتباع أساليب تنسف الثقة المتنامية بين المكونات العراقية وتبث الشحناء بين الكتل السياسية وتعود بنا مرة أخرى الى مرارة الشكوك المتبادلة؟.
لم يكن توقعنا لنقض مجلس الرئاسة لقانون انتخابات مجالس المحافظات بخافٍ على بقية الزملاء والزميلات في المجلس فضلا عن رئيسه لما رافقه من ملابسات الامر الذي أثار استغرابنا لمحاولة البعض على الرغم من ذلك تمرير القانون والتفرد بالقرار في تشريع قوانين مصيرية تخص مكونات الشعب العراقي كافة رغم العلم الذي لايقبل الشك بأنها ستواجه النقض من قبل مجلس الرئاسة.
إن الوقوع في مطب النقض سيدخلنا في معوقات جديدة خاصة اذا دخلنا في العطلة الصيفية فسيكون من المتعذر اجراء الانتخابات لهذا العام وبالتالي ظهور معطيات جديدة تلزم المفوضية بتحديث سجل الناخبين الحالي مما يمنع من اجراء الانتخابات في بداية العام القادم.
إضافة الى ما ذكرناه من اخلال خطير بالتوافق السياسي الذي بنيت على أساسه العملية السياسية في العراق، فان لنا جملة من الاعتراضات الإجرائية والقانونية على جلسة التصويت وما صدر عنها نجملها فيما يأتي:
1- مغادرة قاعة جلسات المجلس من قبل أحد المكونات الرئيسية وعدم مشاركته في عملية التصويت، الأمر الذي يُشكل سابقة خطيرة في العمل البرلماني يُمكن ان تُلقي بضلالها السلبية على عملية المصالحة الوطنية، وحالة الإستقرار والأمن في محافظة كركوك وغيرها من المحافظات.
2- بيّن الدستور في مادته (55) بأنه يتم إنتخاب رئيس مجلس النواب والنائب الأول للرئيس والنائب الثاني له بالأغلبية المطلق لعدد أعضاء المجلس وبالإنتخاب السري المباشر، وعلى نفس المنوال سارت أحكام الفقرة (ثانياً) من المادة (7) من النظام الداخلي للمجلس إذ نصت على أن ينتخب المجلس رئيساً له ثم نائباً أول ثم نائباً ثانياً بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس بالإنتخاب السري المباشر، ولدى إستقراء نصوص الدستور والنظام الداخلي للمجلس يتبيّن عدم وجود أي نصوص أُخرى تُعالج وتتطرق لموضوع نوع التصويت وفيما إذا كان بالإقتراع السري أو العلني، وفي ضوء ما تقدم يتضح وفقاً لقواعد التفسير القانوني الدقيق، إن ورود النص على تحديد نوع التصويت عند إنتخاب رئيس المجلس ونائبيه وتخصيصه (بالإنتخاب السري)، يدل على أن الأصل بطريقة الإقتراع أن تكون (بالإقتراع العلني)، وهو ما جرى عليه العمل والعرّف الدستوري طيلة فترة الدورة الإنتخابية للجمعية الوطنية، وما مضى من الدورة الإنتخابية لمجلس النواب.
3- ينص النظام الداخلي لمجلس النواب على ان تتوافق هيئة رئاسة المجلس في قراراتها ولكن ما حدث في التصويت على المادة (24) من القانون واعتماد اسلوب التصويت السري في اقرارها لم يتم الاتفاق او التوافق عليه مسبقاً في هيئة الرئاسة وكان قراراً لرئيس المجلس وحسب.
4- تضمن مشروع القانون المصوت عليه نصوصاً لا تمت بأي صلة بموضوع وعنوان مشروع القانون، وعلى سبيل المثال نص الفقرة (ثالثاً) من المادة المذكورة التي تناولت موضوع الملف الأمني في محافظة كركوك.
5- تحديد مشروع القانون المصوت عليه مقاعد للأقليات الدينية في مجالس المحافظات بنسبة تعددهم وتواجدهم في المحافظات في المادة (18) منه، دون ان تستند تلك النسب من حيث الواقع لأي معيار او محدد موضوعي أو إحصاء سكاني.
6- قيام بعض الكتل النيابية بتقديم بعض التعديلات على نصوص مشروع القانون أثناء جلسة التصويت مما يتعارض وأحكام النظام الداخلي للمجلس.
رغم هذه المعوقات فقد باشر النائب الاول الشيخ خالد العطية ومنذ اليوم التالي لاقرارالقانون باستئناف الحوارالمباشر مع أطراف الازمة من أجل ترميم ما تصدع من تفاهمات وتجاوز تداعياتها بهدف الوصول الى توافق يمثل الحد الادنى من اتفاق يرضي جميع الاطراف.
نجدد اليوم دعوتنا للجميع بذل أقصى الجهود لأداء المسؤوليات الدستورية والوطنية مستحضرين تضحيات ابناء شعبنا العزيز والمهام الكبرى التي ينبغي انجازها في هذه المرحلة الحرجة من خلال التزام جميع الاطراف بروح المصلحة الوطنية العليا والتوافق السياسي الذي لا بديل عنه لبناء مستقبلنا الواعد.
المكتب الاعلامي
للنائب الاول لرئيس مجلس النواب
https://telegram.me/buratha