و فيما يلي نص كلمة رئيس الجمهورية جلال طالباني:
" بسم الله الرحمن الرحيمجناب الشيخ سعد الحريري الموقر والمحترم نرحب بكم صديقا عزيزاً في بلدكم الثاني العراق ونرى فيكم سيماء مستقبل لبنان الموحد والمعافى و لا ننسى أنكم لعبتم دوراً تاريخياً في تحقيق هذه الوحدة والأخوة في لبنان، لقد كنا نتابع تطورات الأوضاع في بلدكم الشقيق وسط الخراب الذي خلقه في وطننا النظام الاستبدادي وكلنا أمل وثقة في نهوض لبنان وعودته إلى مواقعه الطبيعية شامخاً معافى.لبنان الحضارة والثقافة والديمقراطية والتوافق الوطني بين كل مكوناته كان دائماً مركز أشعاع للشعوب العربية وحاضنة للحريات والمهجرين والمهاجرين والتفاعل بين الآراء والأفكار وهكذا نريده أن يكون لبنان دائماً أنشاء الله.واليوم ونحن نعيش ربيع بغداد إذ تعود الأوضاع في مختلف المحافظات إلى الاستقرار وتستعيد الحكومة وحدتها الوطنية بعودة الأخوة وزراء التوافق أليها، حيث قدمت أسماء الوزراء إلى البرلمان نزداد ثقة وتجربتكم ماثلةً أمامنا بان الضمان الأكيد لاستنهاض بلدينا وشعبينا يتجسد في الوحدة الوطنية وتكريس الديمقراطية كطريق وأداة للتفاعل الوطني، على أن تكون الدولة وحدها راعيةً وحاضنةً وسيدةً تلتقي فيها وعندها كل الآراء ومن خلالها تعالج الأمور والتباينات كافة .أنا سعيد وأتشرف باستقبالكم وقد استعدتم وحدتكم على أساس التفاعل والعمل المشترك وسعادةً كبيرةً لنا أن نراكم هنا كما هي سعادةً كبيرة أن تستمر وحدة لبنان وشعبه. والعراق بلدكم الثاني مفتوحةً لكم، مفتوحة لكم شخصياً وبصورة دائمة كما هو مفتوح للأشقاء العرب.وإعادة العراق إلى موقعه الطبيعي قوة فاعلة في محيطه العربي قوة لكم وإمكانات العراق ستكون في خدمة قضايانا المشتركة وخاصةً في خدمة لبنان وسنكون سعداء بتعزيز العلاقات بيننا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية وغيرها ونحن مستعدون لبذل الجهود اللازمة لمساعدة شعبنا الشقيق في لبنان ومساعدتكم انتم كقائد لبناني بارز، كقائد يحمل راية التحديث والإنماء والتطور والعروبة الحديثة .مرحباً بكم ثانيةً في بلدكم الثاني و أهلا وسهلا بكم و نحن فرحون بزيارتكم الكريمة".
نص كلمة النائب الشيخ سعد الحريري:
" فخامة الرئيس، أصحاب السيادة،
اسمحوا لي أن أبدء كلمتي أمامكم بالوقوف دقيقة صمت، وقراءة الفاتحة، عن أرواح جميع إخواني العراقيين الذين سقطوا في سبيل الوطن، كما عن روح والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي ربطته بالعراق وشعبه علاقات الاحترام والتقدير والأمل المشترك بمستقبل كريم.أقف أمام مجلسكم الموقر اليوم، آتيا من لبنان الذي يجاهد شعبه، تماما مثل ما تجاهدون، للحفاظ على دولته ومؤسساتها، وعلى عروبته ونظامه الديمقراطي.وفي هذا المجال، كما في مجالات عدة، يمكن لشعبينا الشقيقين أن يفيدا كل من تجربة الآخر، وان يشكلا نموذجا لكل العرب في الصمود والتغلب على الأزمات والتطلع دائما الى الأمام.
أصحاب الفخامة والسيادة،أن لبنان والعراق خرجا، كل في ظروفه، وخلال سنوات متقاربة، من مرحلة امتدت عقودا ثلاث، كانت الإرادة الوطنية في كل البلدين خلالها أما مسلوبا تماما أو مرهونة لمصالح لا علاقة لها بالمصالح الحقيقية للمواطنين. وفي العراق، كما في لبنان، كان السؤال حول قدرة القوى السياسية وأطياف المجتمع، على أنتاج توافق ديمقراطي، يضمن الاستقرار والعيش الكريم للمواطن بالتوازي مع التعبير السليم وغير المنقوص عن الإرادة الوطنية الفعلية في كل من البلدين.لكن الديمقراطية المستقرة، في العراق كما في لبنان، ان كتب لها النجاح، وأنا متأكد أنها ستنجح في نهاية المطاف ، تشكل نموذجا مزعجا،لا بل مقلقا، لنماذج حكم مجاورة، لا تمت بصلة لا إلى الديمقراطية ولا إلى احترام الارادة الحرة للمواطنين.ولذلك في العراق كما، كما في لبنان، جرت محاولة الانقضاض على كل من شأنه ان يؤدي الى ديمقراطية مستقرة، وبالأدوات نفسها، وان تفاوتت النسب: بالإرهاب، بمحاولة تعطيل المؤسسات، بنشر السلاح خارج الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية للوصول الى الفلتان الأمني، وكل ذلك على خلفية فتنة مذهبية لا علاقة لها بتاريخنا وتقاليدنا ولا بقيمنا الدينية والوطنية.
فخامة الرئيس، أصحاب السيادة،نعم، أن هدف الهجمة في لبنان، كما في العراق، هو القضاء على المشروع، مشروع الدولة، مشروع المؤسسات، مشروع الديمقراطية،مشروع الإعمار، مشروع فرص العمل والحياة الكريمة للمواطنين، تحديدا من اجل سلب الإرادة الوطنية في كل من بلدينا، إرادة الانتماء إلى العروبة الحديثة المنفتحة، وتجييرها لمصالح خارجية، قريبة أو بعيدة، وتحويل أوطاننا من ورشات إعمار وبناء إلى ساحات صراع وتصفية حسابات .لكن هذه الهجمة تتوسل لتحقيق أهدافها سبيلين نراهما واضحين أمام أعيننا: الفتنة المذهبية، ولنقلها بصراحة، تسميم كل علاقة بين الشيعة والسنة في لبنان كما في العراق، وإظهار شعبينا، بكل الطوائف والمذاهب، بمظهر التطرف والتعصب الأعمى، و الانجرار خلف الغرائز المتخلفة في كل المجالات.لهذا السبب ودفاعاً عن المشروع الديمقراطي الحديث، مشروع بناء الدولة والمؤسسات، مشروع الإرادة الوطنية والسيادة والاستقلال، علينا أن نعمل سوياً، وكل على حدة، بكل ما أوتينا من قوة ومنعة وصلابة على قطع الطريقين: طريق الفتنة السنية الشيعية وطريق التطرف والغرائز العمياء.هذا، أصحاب الفخامة والسيادة، معنى كل نضالنا وكل ما قمنا به من خطوات سياسية في لبنان، وهذا ما نفهمه من معنى كل ما قمتم وتقومون به أنتم، في هذا المجلس الموقر كما في سائر المؤسسات والمواقع في العراق.وهذا ما جئتكم من لبنان الشقيق أقوله: إن هذا النضال، الأسمى والأنبل على المستويين الوطني والعربي يجب ألا يتوقف، ولا يمكنه أن يتوقف تحت أي ظرف من الظروف، لا في لبنان، ولا هنا في العراق.لأننا في صدد الحديث عن وطنين من أوطان العرب، إن سقطاً، أو سقط أي منهما، في براثن الفتنة وأتون الانفجار الداخلي، وسقط معهما النموذج، وسقط معهما روضتان فريدتان لا تعوضان من رياض العرب.فكما أن لبنان فريد في المنطقة، بطبيعته، وتنوعه، وتعدده، وطاقاته البشرية وإنتاجية شعبه وحيويته الثقافية والفكرية، كذلك العراق، فريد بين العرب، بأنه يجمع في آن واحد الثروات المائية والنفطية والبشرية، وهذا ما جعل منه منذ زمن طويل هدفاً رئيساً في كل المشاريع الرامية إلى إضعاف العرب و اختراق مساحات العروبة الحديثة المنفتحة لإعادة عقارب ساعتها إلى الوراء.وبهذا المعنى، فإن كل منا يعتمد على الآخر، حتى في وجوده. إن وهن النموذج هنا، تداعى النموذج هناك، والعكس بالعكس. ونحن في لبنان، على كل حال، نعتمد عليكم: نعتمد عليكم لتقفوا إلى جانبنا في قضايانا، وعلى رأسها قضية الحقيقة والعدالة في جريمة اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقضية الحفاظ على استقلالنا وسيادتنا ونظامنا الديمقراطي.لذلك كله، فإننا نتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه العراق سيداً حراً مستقلاً، ونموذجاً ديمقراطياً مكتملاً، مستقراً، ينعم أبناؤه باقتصاد مزدهر في ظل حريات عامة سياسية وشخصية ودينية لا يعكرها إرهاب ولا تهددها فتنة، وأنا واثق كل الثقة أن الحق لا بد أن ينتصر، وأن كل التضحيات التي قدمها الشعب العراقي، للعرب والعروبة، ولوطنه أولاً، لن تذهب سدى. عشتم، عاش العراق وعاش لبنان".
https://telegram.me/buratha