لندن - عبدالمنعم الاعسم
في الكواليس البريطانية ثمة حلقات متوترة من النقاش وتبادل المعلومات عن اتجاهات التحقيق التي ستبدأ مع شركات بريطانية نافذة تورطت في مخالفات في تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء إذ قالت الحكومة العراقية انها تزمع مقاضاة هذه الشركات التي ذكر تحقيق جرى بإشراف رئيس البنك المركزي الأميركي السابق بول فولكر انها تصل الى 2200 شركة في 66 بلدا ضالعة بدفع رشاوى بلغت 1,8 مليار دولار إلى مسؤولين متنفذين في النظام السابق للحصول على عقود في البرنامج الذي بلغت قيمته 60 مليار دولار. وبموجب برنامج 'النفط مقابل الغذاء' سمحت الأمم المتحدة للعراق الذي كان يخضع لعقوبات اقتصادية دولية ببيع النفط لشراء الغذاء ومواد ذات طابع إنساني بين عامي 1996-2003.وطبقا للمحرر في صحيفة الغارديان برايان وايتيكر فان ملف جورج غالاوي، النائب العمالي السابق والصديق القديم لنظام صدام سيفتح مرة اخرى، وهذه المرة ببراهين جديدة ودامغة على تورطه في الحصول على رشاوى من بغداد على هيئة كوبونات نفط،، وتفيد مصادر البرلمان البريطاني بان ثمة هيئة محامين واحدة في الاقل تتولى الآن اعادة بناء مخالفات غالاوي على اسس جديدة 'بحيث لا يفلت منها هذه المرة'.
يذكر انه في عام 1998م قام غالاوي بتأسيس وترؤس واجهة خيرية زائفة بزعم جمع التبرعات لإغاثة ( مريم حمزة ) وهي طفلة عراقية عمرها أربع سنوات كانت تعاني سرطان الدم. في البدء زعم غالاوي أن عائدات التبرعات لمؤسسة نداء مريم ستستخدم في دفع نفقات علاج الطفلة في بريطانيا والمطالبة برفع العقوبات عن العراق، وأكد أن ما يزيد على نفقات العلاج من التبرعات سوف يوجه لتقديم المساعدة الطبية لأطفال العراق، وذكر أن هذه المؤسسة إنما هي حملة سياسية تعنى بصراع حياة أو موت في وجه أميركا وبريطانيا.أجري تحقيق في بريطانيا في شهر نيسان عام 2003م بشأن الموارد المالية لمؤسسة مريم، وقد أقر غالاوي حينها بأنه حصل خلال أربعة أعوام على مليون جنيه إسترليني جاءت من مصادر غير عراقية ابرزها رجل الاعمال الاردني فواز زريقات وقد افلت من التحقيق الذي بقي يدور في اطار المدونات البريطانية وصحتها حيث كان غالاوي محتسبا للامر.
وإذ تحركت الجهات العراقية لاستئناف التحقيق فقد قدمت وزارة النفط العراقية وثائق تؤكد ان كلا من (فواز زريقات) و (مؤسسة مريم) متورطان في قضية إعطاء حصص نفطية لـ(جورج غالاوي) في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء، وان النائب غالاوي استخدم شركتين نفطيتين في ضم الحصص التي حصل عليها، وهاتان الشركتان هما:شركة أريديو بتروليوم فرانس وشركة الشرق الأوسط، ويرأسها الأردني فواز زريقات.* وتهتم الصحافة البريطانية هذه الايام في الحديث عن منظمات العنف والتطرف في البلاد ارتباطا مع الذكرى السنوية الثالثة لهجمات الجماعة الاسلامية المتطرفة على شبكة المواصلات في السابع من - تموز عام 2005 التي اوقعت52 قتيلاً بالإضافة إلى مئات الجرحى، والجديد هذا العام يتمثل في مراجعة الاجراءات الرادعة التي اتخذت بموجب قانون مكافحة الارهاب ضد بؤر العنف والتطرف وحققت نجاحات بعيدة المدى، والمطالبة بالتكيف مع المستجدات الجديدة وابرزها هزيمة ايديولوجية الكراهية وتراجع تعاطف الجالية المسلمة التي يبلغ تعدادها مليونين وربعا مع تنظيمات الارهاب.
ويجمع المتخصصون في النشاط الارهابي على ان عمليات التجييش ضد العراق واستقطاب المتطوعين للقتال في العراق قد تراجعا الى ادنى منسوب لهما خلال عام ونصف، وقد قامت شرطة مكافحة الارهاب بتفعيل ثلاث من الخلايا التي كانت تتولى الترويج لـ'الجهاد' في العراق بين الجاليات الاسيوية والمغاربية.واتخذت حكومة توني بلير السابقة طوال ثلاث سنوات الحل المعتمد على إجراءات أمنية صارمة، مع تغليظ العقوبات والتشديد على إزالة بعض النشاطات الاسلامية السلفية من الحياة العامة وشملت الاجراءات تسليم الداعية المتطرف' أبو حمزة المصري ' الى القضاء الاميركي، كما اصدرت تشريعات تقنن عقوبات اثارت احتجاجات المعارضة التي رأت فيها تقييدا للحريات العامة وبخاصة ما تعلق بإحتجاز المشتبه فيهم لمدة 42 يوماً دون تقديمهم إلى القاضي المختص وفق قانون وافق عليه البرلمان، فيما انشغلت الهيئات النقابية والقانونية والاجتماعية بآثار هذه الاجراءات على النظام الديمقراطي في البلاد من جهة والحرص على حماية هذا النظام من الارهاب والكراهية ونشاط المنظمات المتطرفة، وقد تولدت في رحم الحياة البريطانية من خلال المساجلات الكثير من الأفكار والتيارات.* الصحفية البريطانية ماري كولفين من صحيفة الصانداي تايمز زارت العراق وكتبت تحقيقا مثيرا في السادس من تموز الجاري عن مطاردة تقوم بها القوات الأميركية والعراقية حاليا ضد فلول تنظيم القاعدة في العراق بغية طردها من 'حصنها الأخير' في مدينة الموصل الواقعة شمالي البلاد، وذلك في ما يُعتبر ذروة الانتصارات المذهلة التي تحققت حتى الآن في ما بات يُعرف بالحرب على الإرهاب. ترصد كولفين كيف ان المسلحين الذين يقدر عددهم بـبضع مئات بعد ان كانوا 1200 مسلح بينهم الكثير من غير العراقيين راحوا يدافعون بشكل مستميت عن 'آخر مواقعهم' في المدينة، وذكرت أن العملية أسفرت حتى الآن عن مقتل قائد تنظيم القاعدة في العراق، الملقب بـ 'أبو خلف'، بالإضافة إلى أسر أكثر من ألف شخص ممن يُشتبه بأنهم من مسلحي التنظيم المتطرف الذي جرى تحجيمه وتقليصه إلى مجرد مجموعات صغيرة 'لم يعد بمقدورها فعل شيء سوى شن هجمات سرعان ما يلوذ المهاجمون على أثرها بالفرار، كتلك التي نفذها مسلحون يوم الرابع من تموز وقتلوا فيها شرطيين كانا خارج الخدمة، والتفجيرات المتقطعة هنا وهناك التي تهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين.
https://telegram.me/buratha