نقلت صحيفة لوس انجلس تايمز Los Angeles Times الامريكية، الاربعاء، عن مسؤولين عسكريين امريكيين ان الولايات المتحدة تتجسس على الجيش العراقي، وأن اقمار تجسس استخدمت في تعقب حركة القوات العراقية بعد ان تفاجأ قادة امريكيون، بتوقيت اندفاع الجيش العراقي بقوة الى البصرة قبل ثلاثة شهور
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين امريكيين، سابقين وحاليين، ان الولايات المتحدة "بعد تفاجئها بالعمليات العسكرية التي نفذها القوات العراقية مؤخرا، عمدت الى استخدام اقمار تجسس مخصصة في العادة الى رصد الاعداء، في مراقبة تحركات الجيش العراقي". وتعلق الصحيفة بقولها ان اتخاذ هذه الخطوة "يعكس انهيار الثقة والتنسيق بين الجيشين" وقال مسؤولون، بحسب الصحيفة، ان ذلك "جزء من توسيع الجهد الاستخباري بعد ان تفاجأ قادة امريكيون، بتوقيت اندفاع الجيش العراقي بقوة الى البصرة قبل ثلاثة شهور".
وترى الصحيفة ان استخدام اقمار صناعية تجسسية "يضع الولايات المتحدة في موقف غير اعتيادي، من خلال استعمال اكثر تكنولوجيتها التجسسية تطورا في متابعة تحركات جيش حليف ساعدت الولايات المتحدة نفسها في انشائه، وتواصل تقديم المشورة له، بل حتى تقاتل الى جانبه".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في الجيش الاميركي قوله ان الاقمار "تصور المواقع التي يحتلها الجيش العراقي،" موضحا ان "شرائح من تلك الصور استخدمت في مؤخرا في اجتماعات مغلقة بشان المقار الاميركية في الشرق الاوسط". وقال المسؤول ان الاقمار "تصور مناطق التدريب التي يستخدمها الجيش العراقي، وتصور الطرق التي تمر بها الدروع العراقية وارتاله الكبيرة."
وتذكر الصحيفة ان مسؤولين عسكريين وخبراء قالوا لها ان هذه الخطوة "تبين قلق القادة الاميركيين من مدى متابعة نظرائهم العراقيين للارشادات الاميركية او اعلام شركائهم في التحالف بكامل تحركاتهم". وقال جون بايك، مدير موقع الامن العام، وهو موقع الكتروني متخصص بالاستخبارات والقضايا العسكرية، "اعتقد ان ما عندنا ثقة تامة في تسلسل قيادتهم، او في رغبتهم بابلاغنا ما سيقومون به لانهم ربما يخشون من اننا قد نحاول ثنيهم عما يريدون،" في اشارة الى القادة العراقيين.
وترى الصحيفة ان تطور اداء القوات العراقية ينظر اليه ايضا على انه علامة على انها بلغت مستوى من الاستقلالية والكفاءة يامل المخططون العسكريون الاميركيون في بلوغها. وقال المسؤول العسكري السابق ان "الاخبار السيئة هي اننا نتجسس على العراقيين. والاخبار الطيبة هو علينا فعل ذلك."
واكدت الصحيفة ان هذا المسؤول العسكري السابق ومصادر اخرى تحدثوا عن هذه العملية شريطة عدم الكشف عن اسمائهم بسبب حساسية القضية، مشيرة الى ان البنتاغون ووكالات استخبارية اميركية رفضوا التعليق على هذه المعلومات. وتواصل الصحيفة قولها "على اية حال ان توسيع المراقبة من طريق الاقمار الصناعية تاتي في وقت ينشغل فيه الجيش العراقي بسلسلة من العمليات واسعة النطاق لاعادة سيطرة الحكومة على مناطق من بينها مدينة الصدر في بغداد ومدينة الموصل في شمال العراق، اللتين كانت معقليْن لميليشيات معادية وجماعات تمرد".وكانت اولى العمليات، التي ابتدات في اذار مارس الماضي، "هو الهجوم الذي شنته القوات العراقية في مدينة البصرة الجنوبية على عناصر من جيش المهدي. ومن بين القوات العراقية التي نشرها رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وحدات انهت تدريباتها لتوها ولم يخصص لها فريق عسكري اميركي"، الامر الذي ربما يفسر، بحسب راي الصحيفة، "تفاجئ القادة الاميركيين".
وتواصل الصحيفة تعليقها ان على الرغم من العيوب التكتيكية، الا ان عمليات الجيش العراقي ظهرت كنجاح كبير، وتبيان على ان الجيش العراقي يبرز قوة مقتدرة، وهو الذي كان ينظر اليه على انه غير فاعل، ان لم نقل غير كفوء. وتشير الصحيفة الى ان الادميرال مايكل مولن، رئيس هيئة الاركان المشتركة، كان قد قال في الشهر الماضي "انهم حرّكوا فرقة عسكرية في غضون ايام قلائل. وقبل عام من الان لم تكن القوات العراقية قادرة ابدا على تحريك هذا الحجم من القوات."
وذكرت الصحيفة ان الاراضي العراقية كانت نقطة تركيز اقمار تجسس اميركية على مدى قرابة عقدين من الزمان. واستخدمت تلك الاقمار في التقاط صور عن مواقع اسلحة يشك في انها كيماوية او بيولوجية قبل الحرب، مع ان تلك الشكوك لم تثبت، واستمر استخدام تلك الاقمار في رصد حركات التمرد ودخول السلاح المزعوم من ايران.وتضيف الصحيفة ان الاقمار التجسسية تعد جزءا من ترسانة استخبارية واسعة نشرت في العراق، ومن بينها محطة واسعة تابعة لوكالة المخابرات المركزية CIA، ومعدات انصات ترصد قسما كبيرا من حركة الاتصالات، فضلا عن طائرات مسيّرة، وغيرها من الطائرات. لكن في الشهور الاخيرة، كما تنقل الصحيفة عن مسؤولين، ركزت الاستخبارات الاميركية اجهزة فضائية عالية الدقة على عمليات الجيش الاميركي، واستخدمت التحليل الصوري لرصد تلك الوحدات وعلامات استعداداتها للانتشار.
وقال المسؤول العسكري السابق ان "ما تستطيع ان تفعله الاقمار ولا تستطيع الطائرات المسيّرة Predators ان تفعله هو انها ترى البلد باكمله،" واضاف "انها تستطيع رصد اية تحركات كبيرة يوميا. وبان الفرقة الرابعة العراقية في هذا المكان، وبان القوات العراقية الخاصة تحركت من هذا المكان، وبان 12 الية عراقية تحتشد في جنوب سامراء." وتتابع الصحيفة قولها ان مسؤولي الاستخبارات الاميركية شددت على ان الاقمار لا تتحول عن مهامها ذات الاولوية القصوى ـ ومن بينها متابعة تحركات الارهاب ونشاطات التمرد ـ الا انها تلتقط صورا اضافية كجزء من روتين عملها المسحي.
كما اكد المسؤولون ايضا، بحسب الصحيفة، ان مراقبة القوات العراقية هذه لا تعكس وجود علاقة عدائية. وقالوا ان الجيشين يواصلان التنسيق المشترك وينفذان عمليات مشتركة، والتعاون مع فرق تدريب اميركية ترافق وحدات من الجيش العراقي. وتخدم هذه الاقمار المسؤولين الاميركيين كوسائل مستقلة لمتابعة تلك التحركات العسكرية.
وتجد الصحيفة ان استخدام تلك الاقمار يعكس ايضا الانتقال التدريجي في وقت تصبح فيه الحكومة العراقية اكثر استقلالا عن راعيتها، الولايات المتحدة، واختلاف مصالح البلدين. فقد اتخذ العراق مؤخرا خطوات، من بينها استقبال مهيب في اذار مارس الماضي للرئيس الايراني، محمود احمدي نجاد، بين العراق من خلاله انه لا ينوي البقاء تحت الهيمنة الاميركية.
وحتى على الرغم من ان الولايات المتحدة نصبت فعلا حكومة العراق وساعدت في بناء مؤسساتها، الا ان وكالات التجسس الاميركية كانت نشطة في البلاد منذ البداية ووضعت السياسيين العراقيين والجماعات المؤثرة تحت المراقبة الشديدة، كما تقول الصحيفة. وقال مسؤولون ان اقمار المراقبة ترمي بدرجة كبيرة الى ان تؤكد للقادة الاميركيين معرفتهم باماكن عمليات الجيش العراقي كي لا يحدث تصادم بين الجيشين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الاستخبارات الاميركية قوله "عندك جيش مستقل تابع لدولة مستقلة وينفذ عمليات مستقلة،" مضيفا "ولمعرفة اماكن تحركات هذا الجيش ينبغي الا تكون هناك نتائج غير مقصودة."واشارت الصحيفة الى انها اتصلت بالناطق باسم "مكتب الاستطلاع الوطي"، وهو وكالة استخبارية اميركية مقرها شانتلي، التي لم يكن وجودها سريا حتى العام 1992، رك اوبورن، ورفض التعليق على هذه المعلومات.واكتفي الناطق بالقول "ما دام الامر يتعلق بسياستنا العامة، فليس بوسعنا مناقشة مهامنا".
https://telegram.me/buratha