تنفذ وزارتا الزراعة والموارد المائية خطة عمل مشتركة لمواجهة آثار موجة الجفاف التي ضربت البلاد للعام الحالي تتضمن قيامهما بحفر الآبار المائية في جميع المحافظات لصالح الفلاحين الذين توقفت أو تضررت أغلب اعمالهم خاصة المتعلقة باستزراع المحاصيل الستراتيجية، جراء قلة الحصص المائية المجهزة في حوض نهري دجلة والفرات اللذين يعانيان أصلا من انخفاض منسوبيهما بنسب بلغت الثلثين على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية.
وتأتي الاجراءات وسط حراك من جانب الحكومة على أعلى المستويات لاطلاق حصص اضافية في النهرين تمثلت في رسائل من رئيس الوزراء نوري المالكي حملها وزير الموارد المائية الى نظيريه التركي والسوري قبل أيام تمخضت عنها وعود باتخاذ جميع الاجراءات التي من شأنها حل مشكلة الشحة المزمنة وبالتالي تجاوز آثارها التي وصلت الى تقليل المحافظات المشمولة بزراعة الشلب الى ثلاث محافظات جنوبية فقط، فضلا عن منع زراعة محصولي السمسم وزهرة الشمس تماما وعدم ادخال المساحات الزراعية في محافظة ديالى ضمن خطط الاستزراع للعام الحالي، علاوة على حرمان مناطق واسعة من حصصها المائية بسبب ذلك. وتأتي الشحة بسبب قلة سقوط الامطار خلال العام الحالي التي بلغت نسبتها 30 بالمائة مقارنة بالأعوام الماضية، فضلا عما اسهمت به المشاريع التركية والسورية على حوضي نهري دجلة والفرات في تقليل المياه الواصلة للعراق، في قمة الاسباب التي دعت لاعلان وزارتي الزراعة والموارد المائية أن 2008 هو عام جفاف بالنسبة للعراق وهو ما تطلب تشكيل خلايا للأزمة في مجلس الوزراء والوزارتين المذكورتين لمواجهة تبعات الجفاف على البلاد واتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك.
وجاء الاعلان غداة وصول مجمل الخزن الحي في السدود والخزانات الى 22 مليارا و260 مليون متر مكعب وهو أقل من اجمالي الخزن الحي للعام الماضي ولنفس التاريخ بمقدار تسعة مليارات و190 مليون متر مكعب، الذي يمثل مقدار العجز في الخزين المائي للبلاد، وجاء ذلك في وقت وصلت فيه ايرادات نهر الفرات الى ثمانية مليارات و220 مليون متر مكعب سنويا مقارنة بأكثر من 32 مليار متر مكعب بداية ثمانينيات القرن الماضي، فيما كانت لنهر دجلة حاليا سبعة مليارات و660 مليون متر مكعب سنويا مقارنة بـعشرين مليارا و930 مليون متر مكعب للمدة ذاتها، اضافة الى معدلات الملوحة العالية التي أصابت مياه النهرين معا للمدة عينها ووصلت في نهر الفرات الى ألف و350 جزءا في كل مليون جزء بعد أن كانت لاتتجاوز 450 جزءا بالمليون قبل سنوات معدودة في حين تبلغ النسبة أقل لنهر دجلة حاليا ولحين انجاز سد أليسو على حوضه خلال السنوات الخمس المقبلة لتصبح برقم مقارب أو ربما سيزيد عنه.وكانت وزارة الموارد المائية قد أوضحت في تقرير قدم لمجلس الوزراء قبل أشهر أنها تتوقع عجزا مائيا عام 2015 يصل الى 33 مليار متر مكعب في ضوء الايرادات المائية التي ستصل حينها الى 43 مليارا و930 مليون متر مكعب في حين تبلغ الاحتياجات المائية حينها 76 مليارا و952 مليون متر مكعب واللازمة لزراعة ما يقرب من عشرة ملايين دونم في المحافظات في ظل توقعات أن يتناقص معدل جريان النهرين اذا ما استمرت تركيا في تنفيذ مشروع الكاب الرامي لتشييد 22 سدا على حوضي النهرين خلال السنوات الخمسة عشر المقبلة.
وكانت تركيا قد أعلنت بداية ثمانينيات القرن الماضي عن نيتها المضي بمشروع جنوبي شرق الاناضول أو ما بات يعرف بمشروع "الكاب" والداعي لتشييد 22 سدا على حوض نهري دجلة والفرات اضافة الى بناء 19 محطة كهرومائية ضمن حوض تغذيتهما بغية ارواء مساحة تصل الى تسعة ملايين دونم، فيما ستخرج من الرقعة الزراعية للعراق في الوقت ذاته مساحة تقرب من ثلاثة ملايين دونما.وكانت ايران قطعت قبل أسابيع المياه عن 28 رافدا تزود رافد الزاب الاسفل بالمياه التي تزود بدورها اضافة الى الزاب الاعلى وديالى والخابور والعظيم، حوض نهر دجلة بالمياه البالغ مساحته 235 ألف كيلومتر مربع منها 54 بالمائة منها داخل العراق مقارنة بحوض نهر الفرات البالغة 444 ألف كيلومتر مربع منها 40 بالمائة داخل البلاد.
https://telegram.me/buratha