يمر العراق حاليا بأحد المراحل الهامة والحساسة في تاريخه، حيث أثرت ويلات الحروب علي كافة المجالات به، وبالتالي لا بد أن تأخذ يد التنمية دورها في توجيه البلاد نحو التقدم والتطور، وتأتي التنمية العمرانية في مقدمة مجالات التنمية التي تعتبر القاطرة التي تشد معها باقي المجالات، وهناك نقاط فاصلة تغير من التوجهات في التنمية العمرانية، ويأتي مشروع التخطيط العمراني لمدينة النجف الجديدة كأحد النقاط الفاصلة في توجهات التنمية العمرانية في دولة العراق، ومدينة النجف الجديدة هي امتداد لمدينة النجف التي تعتبر من كبري المدن العراقية ومن أهمها من الناحية الدينية والتراثية.
ومن ثم، فإن هذه الدراسة التخطيطية تهدف إلى الوصول إلى عمل مخطط مدروس بطريقة علمية واقعية مستندة على بيانات علمية وإحصائيات دقيقة، يصل بمدينة النجف الجديدة إلى تكوين بيئة متكاملة ومتزنة تصلح لأجيال متعاقبة وتحقق أهداف التنمية المستدامة على المدى البعيد والقصير وتحقق العائد الاقتصادي الذي من شأنه دفع عجلة التنمية في جمهورية العراق.
وتعتبر محافظة النجف من أهم المحافظات بالعراق، وذلك لكثرة العتبات المقدسة بها، حيث يوجد بها الروضة الحيدرية والتى يوجد بها مرقد الامام على بن ابى طالب عليه السلام، وكذلك مرقد ابنته السيدة خديجة بنت الإمام على بن أبى طالب عليها السلام، ومرقد كل من النبي صالح وهود عليهما السلام، ومرقد الصحابى الجليل مسلم بن عقيل بن ابى طالب رضى الله عنه، ويوجد بها كذلك بيت الإمام على بن أبى طالب عليه السلام والكثير من قبور الصحابة رضى الله عنهم والتابعين. وتبعد محافظة النجف عن العاصمة بغداد 161 كم وبها من الاثار الكثير أهمها سور النجف وقصر الخورنق والسدير وبحر النجف ومقبرة النجف الملقبة بـ (وادى السلام) .
وتبلغ مساحة محافظة النجف حوالي 28824 كم2 أم ما يوازي 6,6% من مساحة العراق، ويبلغ عدد الأقضية بها 3، وعدد النواحي 7، كما يوضح البيان الصادر من الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات الصادر عام 2001.
وتقع مدينة النجف على حافة الهضبة الغربية من العراق، جنوب غرب العاصمة بغداد. وترتفع المدينة 70م فوق مستوى سطح البحر، ويحدها من الشمال والشمال الشرقي مدينة كربلاء (التي تبعد عنها نحو 80 كم)، ومن الجنوب والغرب منخفض بحر النجف، وابي صخير (الذي تبعد عنه نحو 18 كم)، ومن الشرق مدينة الكوفة (التي تبعد عنها نحو 10 كم).
ومدينة النجف القديمة بلدة واسعة واقعة على رابية مرتفعة، فوق ارض رملية فسيحة، تطل من الجهة الشمالية الشرقية على مساحة واسعة من القباب والقبور، وهذه المقبرة العظيمة تدعى وادي السلام والتي تعتبر أكبر مقبرة في العالم ، والتي دفن بها أنبياء الله مثل هود عليه السلام وصالح عليه السلام، بالاضافة الي أضرحة مقام زين الدين العابدين والامام المهدي ومحمد بن الحنيفة ورقية بنت الحسن والتي يزورها الشيعة كل عام من مختلف المناطق العراقية أو من خارجها، وتشرف من الجهة الغربية على بحر النجف الجاف. و تبلغ مساحة المدينة نحو 1338 كم2، شوارعها مستقيمة فسيحة وعماراتها جليلة مرتفعة واسواقها عريضة منظمة ولا سيما السوق الكبير الذي يبتدئ من سور المدينة الشرقي وينتهي عند صحن الامام علي رضي الله عنه.
بعد ظهور القبر الشريف للإمام أمير المؤمنين سنة170 هـ تمصرت النجف واتسع نطاق العمران فيها، وتوالت عليها عمليات الاعمار شيئا فشيئا حتى أصبحت مدينة عامرة، وقد مرت عمارتها بثلاثة أطوار هي:
الأول: طور عمارة عضد الدولة البويهي الذي امتد من سنة (338 هـ) إلى القرن التاسع الهجري، وهو يمثل عنفوان ازدهار مدينة النجف، حيث شيد أول سور يحيط بالمدينة، ثم بنى أبو محمد بن سهلان الوزير البويهي سنة 400 هـ السور الثاني للمدينة.
الثاني: الطور الذي يقع بين القرن التاسع وأواسط القرن الثالث عشر الهجريين، حيث أصبح عمرانها قديماً وذهبت نضارتها بسبب الحروب بين الأتراك والفرس.
الثالث: وهو العهد الأخير الذي يبدأ من أواسط القرن الثالث عشر الهجري، وفيه عادت إلى النجف نضارتها وازدهر العمران فيها، وحدثت فيها الكثير من التغيرات العمرانية والثقافية والخدمية، بعد أن كانت قضاء تابعاً لمحافظة كربلاء.
· بين سنتي (550 هـ و656 هـ) اعتنى الخليفة الناصر لدين الله العباسي عناية فائقة بالمدينة، شملت أعمال عمران واسعة وترميم المشهد العلوي الشريف.
· في سنة (1226 / هـ / 1810 م) أمر الصدر الأعظم نظام الدولة محمد حسين خان العلاف (وزير فتح علي شاه القاجاري) بتشييد أضخم وأقوى سور للمدينة بعد أن تكررت هجمات غزاة نجد من الوهابيين على المشاهد المقدسة.
· في نهاية القرنين السابع والثامن الهجريين وفي عهد السلطتين الالخانية والجلائرية في العراق تطورت النجف من حيث العمران وازدحام السكان وإنشاء دور العلم.
· سنة (1325 هـ / 1908 م) أنشئت شركة أهلية للسكة الحديد تربط المدينة بالكوفة.
· سنة (1348 هـ / 1929 م) ربطت النجف بالكوفة بأنابيب نصبت لها مضخات تدفع المياه فيها بعد أن كانت المدينة تعتمد على حفر الترع والنهيرات لإيصال الماء من نهر الفرات البعيد عن المدينة.
· سنة (1350 هـ / 1931 م) فتحت الحكومة المحلية على عهد القائم مـقام السيد جعفر حمندي خمسة أبواب في سور المدينة وخططت الساحة الكبيرة في جنوبها، وقام التجار وأهالي المدينة بإقامة القصور والدور والمقاهي والحدائق والحوانيت.
· أنشأت السلطات الأميرية في المدينة المدارس والحدائق والمنتزهات المختلفة ومستشفىً واسعاً، سميت هذه المحلة الجديدة بـ (الغازية) نسبة إلى اسم الملك غازي.
· سنة 1948 م رفعت سكة الحديد بعد أن تيسرت السيارات اللازمة للتنقل بين النجف والكوفة وعُبّد الطريق بينهما.
وتتأثر مدينة النجف بالمحيط الإقليمي من حولها والتي تؤثر علي أهداف ودوافع إنشاء مدينة النجف الجديدة: (قومية /إقليمية /محلية) مما يستدعي دراسة وتحديد الدور الذي تقوم به المدينة حالياً والمتغيرات الإقليمية المؤثرة على هذا الدور.
تتأثر المدينة الجديدة أيضا بالتطورات الاقتصادية والحالة الأمنية وفرص الاستثمار والخريطة الديموجرافية والعمرانية في النطاق الأشمل للمدينة، وتتأثر كذلك بتوزيع وحجم السكان الحالي و اتجاهات الهجرة.
المقومات الاقليمية
مدينة النجف تمثل بوابة الاستثمار العمراني في العراق، فهي تمتلك من المقومات ما يؤهلها لقيادة عملية التنمية، ويمكن التأكيد علي أن من أهم مقومات التنمية التي تتمتع بها مدينة النجف، وامتدادها المتمثل في مدينة النجف الجديدة، يتمثل في موقعها حيث تعتبر مدينة النجف بمثابة البوابة الجنوبية للعراق، حيث تقع علي الحدود مع المملكة العربية السعودية، مما يضفي علي ذلك أهمية من ناحية التبادل التجاري بين البلدين، وأما علي مستوي دولة العراق فنجد أن المدينة يحاط بها العديد من المزارات السياحية التي تنتشر في العديد من المحافظات المجاورة إضافة إلي مقومات محافظة النجف ذات نفسها، فالعراق هي مهد الحضارة الفينيقية وملتقي الرحلات التجارية القادمة من الصين والهند إلي أوروبا عبر أراضيها و كانت مقرا للخلافة العباسية وعاصمة الدولة الإسلامية، إضافة الي أن بها مقابر آل بيت الرسول صلي الله عليه واله وسلم، وتنتشر تلك الآثار والمزارات في العديد من محافظات العراق ولكنها تتركز في الوسط أي بالقرب من النجف مما يؤهل مدينة النجف لأن تكون ضمن منظومة شاملة للسياحة علي المستوي الإقليمي في دولة العراق، فوجودها بالقرب من بغداد مقر الخلافة العباسية، والتي بها القصر العباسي الشهير، يعتبر من المقومات الأساسية، وهي تضم أيضا العديد من المتاحف والتي سرق العديد من آثارها للأسف بسبب الغياب الأمني، وكما سبق التنويه فان النجف أيضا تقع علي الحدود مع الحلة التي تضم آثار بابل القديمة.
إضافة إلي وقوعها بالقرب من باقي المدن التي تحتوي علي الآثار العديدة من الحضارات المختلفة، فمدينة النجف هي عاصمة محافظة النجف أحد محافظات العراق الثمان عشر, وتسمى ايضا بـ(النجف الأشرف)، وهي مدينة ذات طابع ديني وتعتبر بمثابة المدينة المقدسة عند الشيعة، ومنبع علوم الشيعة في العالم، ومرقد شهيد المحراب الإمام أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه.
كل هذا يؤكد علي أهمية المدينة السياحية والدينية والتي بلا شك ستنعكس علي الاستعمالات الجديدة التي سيتم توطينها بمدينة النجف الجديدة.
وتعتمد إستراتيجية جذب وتوطين السكان في مدينة النجف الجديدة علي ما يلي:-
· الحفاظ علي الهوية المحلية لمدينة النجف التاريخية.
· تشجيع جذب السكان ذوي الدخول المرتفعة عن طريق توفير مناطق سكنية متميزة وراقية
· تشجيع جذب فئات سكان محدودي الدخل من العاملين في المشروعات الاستثمارية الجديدة ومنزائري المدينة.
· الحفاظ على تنوع المجتمع الجديد وشموله على أنماط سكنية مختلفة تناسب مختلف فئات السكان.
· توفير فرص عمل لجميع الفئات
· توفير الخدمات بأنواعها لكل فئات المجتمع بما يحقق رغبات السكان
https://telegram.me/buratha
