وجه فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني، كلمة إلى الشعب العراقي في الذكرى العشرين لفاجعة الأنفال، و في ما يلي نص الكلمة :بسم الله الرحمن الرحيمأيها الشعب العراقي العظيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهتمر هذه الأيام الذكرى العشرون لفاجعة "الأنفال" التي كانت واحدة من ابشع حملات الابادة الجماعية في تاريخ الشعب العراقي عامة والشعب الكردي خاصة، مجزرة خلفت ندوبا غائرة في الروح والذاكرة، وما برحت برهانا على وحشية النظام الديكتاتوري الذي حكم العراق بالحديد والنار. قبل عشرين عاما دبّر الطغاة تلك المذبحة التي اودت بارواح مائة واثنين وثمانين الف طفل وشيخ ورجل وامراة دفن الأغلب منهم أحياء، ودمر القصف الجوي والكيمياوي زهاء الأربعة آلاف قرية آمنة واعتقل وهجر مئات الالاف من السكان المدنيين.وقد أرغم مئات الآلاف من المواطنين الأكراد على مغادرة ديارهم ورحلوا إلى مناطق يسكنها إخوتهم العرب، من شيعة وسنة وسائر الأديان والمذاهب. وكان هناك تباين سافر وصارخ بين الموقف الإجرامي لنظام الطغيان وبين مواقف السكان العرب الذين استقبلوا الكرد المهجرين كأخوة وأحبة واقتسموا معهم لقمة الخبز على شحتها، ما خلف في ضمائر ونفوس الشعب الكردي ذكرى عطرة طيبة لن ينساها مدى الحياة. و برهن ذلك على إن الأخوة العربية الكردية راسخة الجذور وإن وحدة الشعب العراقي قد صمدت، ولسوف تصمد، لاختبارات الزمن مبرهنة منعتها وقوتها.بيد إن هناك مواقف زادت من فداحة الجريمة وهولها، وهو ذلك الصمت المريب الذي رافقها، اذ ان اصوات التنديد والادانة التي تعالت في اوربا لم تكن تجد احيانا صدى لدى الاقربين، وغدا التجاهل والانكار ممالاة للجناة وتحريضا لهم بل ومشاركة غير مباشرة في الجناية.ولقد كان سقوط نظام الاستبداد ومحاكمة رموزه دليلا على ان "أعمار الطغاة قصار" لكن ذكرى شهداء الانفال والام ومعاناة ذويهم ومن تبقى منهم على قيد الحياة ما برحت تستصرخ الضمائر لإعادة الحق إلى نصابه والاقتصاص من كبار المجرمين وإنصاف الضحايا.بيد ان ذكرى الانفال تهيب بنا، في الوقت ذاته، ان نبني دولة العدل والقانون وان نحصن مجتمعنا من احتمالات النكوص نحو اي شكل من اشكال العسف والجور، والتصدي لمثيري الفتن والاحتراب.إن الآم الماضي وأوجاعه ستظل محفورة في الذاكرة لكنها ينبغي ان تكون في الآن ذاته دافعا لجعل عِبَر الماضي منطلقا لبناء عراق خال من العنف نابذ للغلو والتطرف.المجد والخلود لشهداء حملة الانفال ولكل ضحايا نظام الطغيان البائد.ولتبق راية الإنسانية خفاقة في سماء عراق الديمقراطية والمحبة