"أيها الشعب العراقي الابي يا شعب الحضارات و الامجاد و الصمود البطولي بوجه الدكتاتوريات و الارهاب . السلام عليكم و رحمة الله و بركاتهسيدخل يوم التاسع من نيسان عام 2003 تأريخ العراق بوصفه يوم انهيار اعتى دكتاتورية شهدتها بلاد الرافدين ، وسقوط نظام سياسي جر الويلات على شعب العراق وشعوب المنطقة. و خلف وراءه مقابر جماعية تضم مئات الالوف من الابرياء و ترك عراقاً مهدماً و محروماً من أبسط مقومات حياة عصرية لائقة بانسان هذا العصر. في هذا اليوم لم تسقط بغداد ، بل ان الشعب العراقي الذي عانى الامرين من جور صدام حسين وطغيانه رفض القتال معه او نيابة عنه، كما ان افراد القوات المسلحة أبوا ان يكونوا وقودا لمعارك في سبيل حكم اضطهدهم وجار عليهم وزجهم في اتون حروب دموية عبثية دمرت اقتصاد العراق واستنزفت موارده البشرية والمادية وخلقت حالة عداء مستحكم وارتياب شديد بينه وبين اشقائه وجيرانه.
لقد كان التاسع من نيسان كسرا لدائرة مغلقة كان نظام الاستبداد يستولد فيها نفسه وينوي ان يسلم راية الطغيان من جيل الى جيل، ولذا كان لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الدور الابرز في مساعدة الشعب العراقي في انفاذ مشيئته وتخليصه من نير سلطة الحيف والجور. وسنحفظ لاصدقائنا الاميركيين والبريطانيين ومن سائر دول التحالف مشاعر الود والامتنان لما قدموا ،وما زالوا يقدمون، من تضحيات بشرية ومادية في سبيل تثبيت الامن والاستقرار في ربوع العراق ، عاملين في الوقت ذاته على وضع اتفاقية استراتيجية طويلة الامد مع الولايات المتحدة الاميركية تكرس تحالفنا وصداقتنا وتصون المصالح المشتركة للشعبين والبلدين. وتحرر العراق من قيود الاحتلال المقرر بقرار دولي.
ان التاسع من نيسان لم يكن مجرد تبديل لنظام، بل انهاء لحقبة طويلة من الحكم الجائر ، وايذانا ببداية مرحلة التغيير والبناء بكل ما صاحبها ويصاحبها ويتخللها من مصاعب ومشاق وتضحيات.وقد ترك النظام البائد ارضا سعى الى زرعها بروح الحقد والكراهية والعنف والتسلط، وخلّف بقايا اجهزة قمعية وامنية لطالما عانى منها شعبنا. وكانت العقود الماضية مرحلة فرض قسري للرأي الواحد بينما الصوت المعارض محكوم عليه بالالغاء السياسي والمعنوي والتغييب الجسدي. وقد كرس "قانونيا" حكم الحزب الواحد الذي كان في واقع الحال تسلط عائلة وطغيان فرد، تُكرس له المنابر الاعلامية كلها ويتصرف على هواه بموارد الدولة ومصائر الشعب، لا يقيده دستور ولا حتى "قوانين" كان يستقي منها ما يشاء ويغير فيها كيفما اراد.والنظام السابق هو الذي خلق ميليشيات متسلطة بأسم "فدائيي صدام" و"أفواج الجحوش"( المرتزقة ) و"جيش القدس" واجهزة حزبية ومخابراتية كانت تعمل خارج اطار الدولة ومن دون غطاء شرعي، لتضطهد وتصفي كل من ترتاب بعدم موالاته للنظام.
ان محاربة مثل هذا الارث الثقيل لم تكن بالامر الهين ، فقد استأنفت نشاطها بقايا الاجهزة التي زرعها النظام ، وتحالفت معها الفصائل الارهابية الوافدة وعلى رأسها القاعدة ، كما ان قوى اقليمية متنفذة كانت تدعم كل العمليات الرامية الى زعزعة الوضع الجديد في العراق.
الا ان سقوط النظام فتح افاقا عريضة امام الشعب العراقي ، فقد اتيحت حرية العمل السياسي والحزبي والنقابي وانطلقت الصحافة الحرة وعملت منظمات المجتمع المدني ، وبدأ ارساء دعائم النظام المؤسساتي بأنتخاب جمعية وطنية تولت وضع دستور دائم طرح على استفتاء عام وحظي بموافقة الشعب ، وعلى اساسه جرت انتخابات برلمانية اسفرت عن قيام مجلس نواب انبثقت عنه رئاسة الجمهورية وشكلت حكومة وحدة وطنية برئاسة الاخ نوري المالكي ضمت ممثلي الجميع غداة تشكيلها.
وكان لمسيرة شعبنا ان تمضي بوتائر اسرع لولا شراسة الهجمة الارهابية والتدخلات الاقليمية، ولولا الصعوبات التي اكتنفت عملية التوصل الى اجماع وطني. بيد ان الاجتماع الاخير الذي عقده المجلس السياسي للامن الوطني قبل ايام ، كان نقلة تأريخية واستكمالا منطقيا لعملية بناء الدولة . فقد حصل اجماع وطني فريد على تكريس فكرة الدولة المؤسساتية التي تقبل تعددية الفكر ولكنها تتمسك بمبدأ المرجعية الواحدة للسلاح ، فالاختلاف في الراي متاح لكن استعمال القوة حكر على الدولة ومؤسساتها .
واسترشادا بهذه الافكار والقناعات ركنت القوى السياسية خلافاتها الثانوية جانبا ودعمت الحكومة في مواجهتها الحازمة مع الخارجين على القانون وعلى الاجماع الوطني. ونحن الان في سبيلنا الى اعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية برئاسة الاخ المالكي تتولى ترسيخ ركائز الديمقراطية وتعمل على التصدي للفوضى واشاعة هيبة القانون وسلطة الدولة، وتنفذ مشاريع اعادة الاعمار ، وتكافح مظاهر الفساد الاداري والمالي والمحسوبية وغيرها من المظاهر التي تعيق تحركنا نحو عراق الديمقراطية. ان بيان المجلس السياسي للامن الوطني مع سابقه بيان القادة الخمسة في آب الماضي يشكلان خارطة طريق للعمل الوطني الموحد و المتحد و يبشران بربيع جميل. وها نحن نقبل على ربيع بغداد السياسي الجديد فلنسرع في تنفيذ بنود البيان في اعادة ممثلي القوى السياسية المنسحبة الى وزارة الوحدة الوطنية التي يرأسها الاخ المالكي خاصة وان بنود بيان القادة الخمسة تتضمن جميع الاهداف المرجوة في المشاركة الحقيقية في ادارة الدولة و القيادة المشتركة وان القوانين الصادرة لبت الكثير من مطاليب القوى السياسية المعارضة. فالي اسهام الجميع في ربيع بغداد الجديد ادعو الكتل البرلمانية و جميع القادة و المخلصين.
ان احدا لن يتمكن من الغاء ذاكرتنا ومحو الصفحات المظلمة من تأريخنا ، لكننا نعمل بوحي من روح التسامح والطموح الى اشاعة روح المحبة والتفاهم ونتعود الاصغاء الى الراي الاخر ونحتكم الى الحجة وصناديق الاقتراع رافضين اللجوء الى التسلط والاستبداد والعنف، ساعين الى بناء عراق ديمقراطي اتحادي تعددي موحد يحيا ابناؤه على اختلاف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم في ظل القانون الذي يمنع أي استئثار اوتهميش و يكفل للمواطنين المساواة والفرص المتكافئة ويحفظ لهم كرامتهم ويوفر مناخات الحرية والتقدم والازدهار.والسلام عليكم و رحمته الله و بركاته"
https://telegram.me/buratha