الأخبار

من الدكتاتورية الى الحرية.. 9 نيسان في عيون العراقيين

1295 13:20:00 2008-04-09

التاسع من نيسان العام 2003 ليس يوماً عادياً بالنسبة للعراقيين على مختلف توجهاتهم وافكارهم ورؤاهم،لان في ذلك اليوم حدثت الاحداث وفيها اختزلت الذاكرة، وتوقف التاريخ امام نفسه، ففي ذلك اليوم حدث ما لم يكن يتوقعه أحد من انتهاء حكم دموي ديكتاتوري جثم على صدر العراق والعراقيين ثلاثة عقود من الزمن، ولم تكن هناك بوادر انفراج أزمة الفوضى والخروج من الظلمات الى النور، ليس لان ذلك النظام امتلك قلوب العراقيين وايقن بدوام حكمة، بل لانه وضع كل الشعب داخل سجن كبير اسمه العراق، عراق الرافدين وعراق بغداد والبصرة والنجف واربيل، كان قد أصبح سجنا لنظام العفالقة ومطارا يغادره ابناءه كل يوم بالجملة الى المجهول.

اليوم وبعد خمس سنوات على سقوط الصنم المشؤوم في ساحة الفردوس ببغداد، والاعلان رسميا عن انتهاء الحكم الدكتاتوري في عراق الانبياء والائمة والصالحين والعلماء، لابد لأهالي النجف، تلك المدينة التي عانت أشد ظروف المحن وعاشت أصعب السنين في ظل حكم (القائد الضرورة).للوقوف على ذاك الحدث التاريخي، كان لموقعنا هذا الاستطلاع في النجف.

نشطاء حقوق الانسان والمجتمع المدني

يقول صالح عزوز رئيس جمعية الحرية لتطوير الارياف "لا يمكن تصور أي دولة في العالم يستطيع شعبها العيش كل هذه السنوات الطويلة تحت سيف الإرهاب المسلط على رقابهم، والذي اختطف واقتطف من البشر العدد الكبير والكثير جداً، وكأن الحجاج بن يوسف الثقفي قد عاد إلى العراق، ليقول لناس العراق من جديد "أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وأني لصاحبها" ولكن هذا الشعب نفسه قد صبر طويلاً تحت سلطة سيف إرهاب الطاغية والجلاد صدام حسين، الذي قال بأنه مستعد أن يقتل ألف و ألفان وثلاثة ألاف شخص دون أن يرف له جفن، وقد قتل مئات الألوف من الناس الأبرياء عرباً وكورداً وكورد فيلية وغيرهم من بنات وأبناء العراق عبر الإرهاب والقمع والحروب والوأد والقبور الجماعية، وقد ترك هذا الطاغية (صدام حسين) خلفه جراحاً عميقة مفتوحة ونازفة في بنية وفكر المجتمع العراقي، وسيحتاج هذا المجتمع إلى سنوات طويلة حتى تلتئم تلك الجروح ويعود الصفاء، وتعود المودة والحنان إلى فعل وتفكير الإنسان العراقي الطيب".

ثم يستذكر عزوز احد الجراح التي خلفت جراحا اكبر منها فيقول " لقد سقط القانون في العراق منذ عقود، سقط بتشويهه وتزويره وما أقر من قوانين مخالفة لنص ومضامين القانون الأساسي الذي وضع في العام 1925 من قبل الحكام أنفسهم الذين وضعوه قبل المواطنات والمواطنين، لقد سقط على امتداد عهد الدكتاتورية البعثية في العراق على أيدي الطغاة أنفسهم، ثم سقط على أيدي من وجد فرصة للتجاوز على القانون في أعقاب سقوط الدكتاتورية ومن قبل المحتلين والكثير من الحكام الجدد والسياسيين ومن غيرهم من الناس أيضاً، ولكن بشكل خاص من الميليشيات الطائفية المسلحة، شيعية كانت أم سنية، إضافة إلى أولئك الخارجين على القانون والذين مارسوا القتل والنهب والسلب والاختطاف والابتزاز على نطاق واسع ويومي".

ويذكر حيدر العابدي نائب رئيس جمعية رعاية الصحافة والاعلام بعض الصفات التي كانت ملازمة للمقبور صدام، ويقول "قد تلبست صدام حالة ألوهية وقد جمع خلطة من القتل والثروة والملذات والأبهة، فقتل مئات الآلاف ممن شك في ولائهم له، وكدس في حساباته وحسابات عائلته ثروة بالمليارات من الدولارات وامتلك مئات القصور وآلاف السيارات الفارهة واغتصب عشرات النساء، وظل يعتقد أن هذه المكتسبات الضخمة ستحميه من الموت، والأهم أنه استخدم العراق بكل مكوناته ليكون درعاً لحمايته، لكن عندما وقع العراق في قبضة الاحتلال اعتبر أن الدرع الواقي لحمايته قد سقط ولم يعتبر أن نهاية العراق هي نهايته كما فعل أي رئيس أوزعيم أوقائد في التاريخ، وظن أنه قادر على الاستمرار في الحياة بما يمتلك من ثروة وأنصار وغير ذلك وظل همه الوحيد الذي لا يتغير هو أن يستمر حياً بأي ثمن".

النساء النجفيات

وللمرأة النجفية شجون وآلام في هذه الذكرى كون المرأة بطبيعتها مستودع للأحداث المؤلمة والسارة على حد سواء.

تتحدث السيدة انوار الفتلاوي عن (ابي تحسين) ذلك العراقي الذي اوصل رسالة العراقيين للعالم اجمع عندما (صفع) وجه الطاغية المقبور بـ(نعاله) وصاح بأعلى صوته (الله اكبر هذا الذي قتل العراقيين) تقول الفتلاوي "بلا شك أصبحت صورة الحاج أبا تحسين وهو يصفع صورة المجرم صدام وهو يصرخ ويبكي ويقول ياعرب ياناس هذا الذي قتل أبنائنا وأضطهدنا وقتلنا طيلة 33 سنة، فعندما يتم توثيق الأحداث ويتم انتقاء صور مختارة من هذا الكم الهائل من الصور ستكون صورة ابو تحسين الخالدة ليس في ذاكرة العراقيين فحسب بل في ذاكرة العالم اجمع، وانا على يقين بان كل وسائل الاعلام العالمية وبمختلف انواعها تحتفظ في ارشيفها بنسخة مسجلة لابي تحسين العراقي الشهم النبيل الذي اوصل رسالتنا للقاصي والداني".

وتستذكر ام وليد ليلة سقوط صدام وتقول "مع ان القوات الامريكية كانت قد دخلت معظم المحافظات والمدن الجنوبية قبل التاسع من نيسان ومن ضمنها النجف، الا انني لم اكن اصدق بان صدام سيسقط بالضربة القاضية، ليس لان صدام شجاعا، بل لانه شغوف بحب الكرسي الذي ثبته على جماجم الشهداء، وكنت اعتقد بانه مستعد ان يبيع العراق باسره للامريكان مقابل ابقاءه حاكما على بغداد فقط، ولكني عندما شاهدت تمثاله اللعين يهوي في ساحة الفردوس لم اتمالك نفسي، فزغردت بصوت عالي والدموع تنهمر على خدي من شدة الفرح".

تصمت قليلا كانها تجمع ذكرياتها ثم تقول "ان صدام هذا رملني، وانا بنت في الثالثة والعشرين وترك لي ابن وبنت، كنت في كل يوم يمر علي وانا اعاني ما اعاني من ألم الترمل ومشاهدة اليتم في عيون ابنائي في كل يوم كنت العن صدام، ومن جاء بصدام الى الحكم، وما زال الالم يعتصر قلبي، وما زلت ارى اليتم في عيون ابني وبنتي مع انهم كبروا الآن وتزوجوا ولكنني احس بذلك في كل مناسبة او حادثة ولعلي لم افرح منذ العام 1984 حتى الآن الا مرتين، الاولى عند سقوط تمثال المقبور صدام، والثانية عندما شاهدت عدالة الله تنفذ فيه ورقتبه القذرة معلقة بحبل المشنقة ".

المثقفون النجفيون

للمقفين النجفيين حديث بلغة حية حول سقوط النظام البائد ولهم وجهة نظر يستمع اليها كل منصف، يقول حسين سجاد "لقد برر كثيرون الاستسلام الذليل لصدام بأنه تم بعد عملية تخدير ولم يسألوا أنفسهم ماذا فعل بعد أن زال التخدير، وبالتأكيد فإنه لم يكن مخدراً عندما كان الجندي الأمريكي يعبث بلحيته وشعره وفمه فقد كان صدام سعيداً بالاستجابة للفحص الطبي، وبعد أيام من اعتقاله ألايمكن له أن ينتحر بألف طريقة وطريقة أو يضرب عن الطعام، ولكنه مازال متمسكاً بالحياة في ظل الاعتقال والاحتلال، وهو متمسك بالحياة برغبة عارمة وليس بموجب ضمانات أمريكية له بالإبقاء على حياته، وقد يكون من سوء حظه أن الأمريكان لم يغدروا به ويبادروا إلى قتله، ولكن الذين افترضوا أنه سوف يقاوم فاتهم أنه كان صاحب الدور الأول في مسرحية الحرب التي أدت إلى سيطرة أمريكا على العراق، وقد فاتهم أيضاً أنه لو أراد المقاومة والاستشهاد فإن مكانها كان بغداد وزمانها يوم سقوطها وبما لا يتطلب منه أكثر من إصدار أوامره لأكثر من مليون مقاتل داخل بغداد للدفاع عنها لأشهر أولسنوات، وكان كل ما فعله يومها هو دعوة رجالاته للهرب وكان أول الهاربين".

اما ليث الخاقاني فيقول "التاسع من نيسان، الله، يوم جميل مع ان ايتام صدام حاولوا ان يجعلوه رماديا من خلال اعمال العنف والارهاب التي يقومون بها كل يوم، ولكن دعني اخبرك بشئ، كنت انا واصدقائي متجمعين حول التلفزيون ننتظر اللحظة الحاسمة التي سقط فيها الطاغية المغرور، وكنا نترقب بشغف حالنا في تلك اللحظة كحالنا عندما كان العراق والسعودية يلعبان في نهائي أمم آسيا بعد ان سجل يونس محمود هدف العراق فالكل ينتظر صافرة الحكم التي باطلاقها سنتوج أبطالا لآسيا، وكذلك الحال في التاسع من نيسان كنا ننتظر اللحظة التي نصبح فيها احرارا ونتخلص من عبودية الجلاد واذلاله، كنا ننتظر اللحظة التي نطوي فيها سجل الظلم والجوع والفقر، وكنت متاكدا ان الزمن يمر وصدام ينتهي، وفعلا سقط صدام، واصبح ذكرى قبيحة في تاريخ العراق، وعلامة سوداء في تاريخ العروبيين المغرر بهم".

puk

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك