يختتم الرئيس الايراني احمدي نجاد اليوم زيارته الى العراق بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الاقتصادية في قطاعات المالية والكهرباء والصناعة والتجارة والنقل. وبحسب مصدر مسؤول في السفارة الايرانية في بغداد، فان الرئيس نجاد الذي خاض امس جولتي مباحثات قمة مع رئيسي الجمهورية والوزراء، سيلتقي اليوم كلا من نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ورئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي، يهدف من خلالها الى تعزيز العلاقات المشتركة مع اطياف الشعب العراقي من دون تمييز. وكان الرئيس الايراني وصل الى مطار بغداد صباح امس في زيارة رسمية معلنة تستمر ليومين، ليكون اول رئيس ايراني يزور العراق منذ ما يقرب من 29 عاماً. ويرى متابعون للشأن العراقي ان هذه الزيارة تمثل انعطافة في تاريخ العراق، اضافة الى الاشارة الواضحة الى نجاح السياسة الخارجية العراقية، لاسيما مع دولة خاضت حرباً ضروسا مع العراق لثماني سنوات. وتاتي هذه الاشارة، بالرغم من رفض بعض الجهات السياسية والشعبية للزيارة التي عبروا عنها بتظاهرات سلمية، وصفها المتابعون أنفسهم بأنها ظاهرة صحية تنم عن ثقافة ديمقراطية اكتسبها الشعب العراقي في مدة قياسية. وأفاد المصدر في السفارة الايرانية لـ(الصباح) ان رئيس الجمهورية الاسلامية سيوقع مع الجانب العراقي اليوم مذكرات تفاهم رسمية واتفاقيات ثنائية في مجالات الكهرباء والمالية والصناعة والتجارة والنقل، مشيرا الى ان ذلك سيتم خلال مؤتمر صحفي يعقده قبيل عودته الى طهران. وكشف عن جدول اعمال الرئيس نجاد اليوم بأنه سيلتقي مع كل من طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، ورئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي، اضافة الى اللقاء مع علماء الدين ونخب من المثقفين ورؤساء الجامعات. ولم يعط المصدر المزيد من تفاصيل البرنامج، الا انه اكد أهمية الاتفاقيات التي سيعقدها مع المسؤولين العراقيين في المجالات المذكورة، والتي ستعود بالفائدة على الشعب العراقي بالدرجة الاساس. واتخذت الاجهزة المختصة منذ صباح امس اجراءات امنية مشددة، لاسيما في جانب الكرخ، فيما اغلقت عدداً من الشوارع ومنعت مرور المركبات بأنواعها على الجسور التي تربط جانبي بغداد لبضع ساعات.
وكان الرئيس نجاد بحث في وقت سابق امس، وفي جولتين منفصلتين مع رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي، فتح افاق جديدة في العلاقات بين البلدين، مؤكداً دعمه المطلق للحكومة العراقية والتجربة الفريدة في العملية السياسية الجارية. وقال الرئيس الطالباني في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الايراني ان الطرفين توصلا إلى عدة اتفاقيات مهمة في جوانب مختلفة وخاصة الاقتصادية والسياسية. وأضاف الطالباني “توصلنا إلى عقد اتفاقيات مهمة في الجوانب المختلفة وأهمها الاقتصادية والسياسية”. دون ان يكشف عن مضمون تلك الاتفاقيات. وفي سؤال بشأن اتفاقية الجزائر بين العراق وايران، أوضح الرئيس الطالباني انه لم يتم البتة التطرق الى مسألة اتفاقية الجزائر أو قضية منظمة منافقي خلق، الا انه اكد ان المباحثات كانت ايجابية. وكان الرئيس الايراني اعلن الاسبوع الماضي انه يهدف من خلال زيارته العراق الى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، نافياً انه يحمل معه ملفات أمنية بشأن أمن الحدود والآبار النفطية المشتركة. وقام الرئيس الايراني قرابة الساعة التاسعة من مساء امس بجولة في مدينة الكاظمية، والتقى خلالها رجال دين في المدينة، دون ان تذكر المصادر مزيدا من التفاصيل الا انها اوضحت ان مسؤولا عراقيا قد رافقه اثناء الزيارة.الى ذلك، قال رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نجاد عقب جولة المباحثات الثانية: ان العراق يسير في بسط الامن ومستمر في مواجهة التحديات ويتجه بقوة نحو تفعيل الاعمار والخدمات.واضاف نوري المالكي: "ان زيارة نجاد واحدة من هذه الخطوات وخاصة اننا وجدنا لديه رغبة حقيقية في تفعيل العلاقات والاتفاقيات التي تمت بين البلدين." ووصف زيارة الرئيس الايراني بأنها تعبر عن وجود رغبة لدى البلدين لاقامة علاقات متينة بعيدا عن التوترات التي كانت تعيشها المنطقة. واشار المالكي الى انه بحث مع الرئيس الايراني في موضوعات الكهرباء والتجارة والنقل والصناعة وفي مجالات التعاون الاخرى. وذكر بان ايران مرت بنفس التجربة التي مر بها العراق من التخريب الاقتصادي واستطاعت ان تنهض وان تكون صاحبة تجربة رائدة. واشار المالكي الى ان هذه الزيارة ستكون مشجعة ودافعة للأشقاء العرب لزيارة العراق والانفتاح على تجربة العراق الجديد، مبينا ان "افاق التعاون بين بلدينا كثيرة وسيتم توقيع اتفاقيات بين الطرفين". وأكد خلال المباحثات التي حضرها اعضاء الوفدين أن "العراق الديمقراطي الآمن المستقر هو صمام أمان المنطقة وإن زيارة الرئيس الايراني تشكل بالنسبة للعراق وشعبه دعما وإسنادا وتصب في مصلحة شعبينا وعموم المنطقة، وإنها زيارة ناجحة بكل المقاييس وتبعث رسائل ايجابية الى محيطنا العربي والاقليمي". وأضاف رئيس الوزراء "ان سعينا لتوطيد العلاقات بين البلدين يمثل جزءا من سياستنا القائمة على إيجاد أفضل العلاقات مع دول الجوار وإن التعاون المشترك بين دول المنطقة كفيل بابعادها عن المغامرات والحروب.وقال: "إن العراق الجديد ليس عراق الدكتاتورية بل هو بلد دستوري ديمقراطي اتحادي لا يسمح بإستخدام اراضيه منطلقا للمنظمات الارهابية ضد اصدقائه واشقائه، وسنسعى لإنهاء وجود المنظمات الارهابية كالقاعدة ومنظمة منافقي خلق وحزب العمال الكردستاني وغيرها من المنظمات التي تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وتسيء لعلاقاتنا مع دول الجوار.ودعا رئيس الوزراء ايران الى تدعيم العلاقات مع العراق بشبكة من المصالح الاقتصادية والتجارية والى الاستثمار في مجالات البناء والاعمار، كما دعا الدول العربية والاسلامية ان تحذوا حذو ايران وتساعد العراقيين على اعادة بناء بلدهم.
من جانبه قال الرئيس الايراني :"ان الشعبين الايراني والعراقي تجمعهما صداقة متينة ويقفان مع بعضهما في السراء والضراء على طول التاريخ ولهما استعدادات هائلة مادية ومعنوية وبمقدورهما ان يكملا بعضهما في اوجه التعاون". واضاف نجاد:" لقد تطرقنا في مباحثاتنا الى اوجه التعاون في مجالات الطاقة والنفط والتجارة والسياحة والاستثمار والامن والى العلاقات الاقليمية وهناك تشابه في وجهات النظر، مؤكدا "نحن مصممون على ان نستثمر كامل امكانياتنا وطاقاتنا للرقي وتطوير العلاقات مع العراق." واشار الى :"ان الاتفاقيات التي تمت بين البلدين ستفتح افاقا جديدة لتوطيد العلاقات الثنائية وسوف نرتقي بالعلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين والشعبين.وبشان التهم التي توجهها الولايات المتحدة لايران بالتدخل بالشان العراقي قال نجاد:" ان توجيه التهم سيزيد من مشاكل اميركا في المنطقة ويجب ان تقبل الولايات المتحدة حقائق المنطقة، مبينا ان الشعبين العراقي والايراني لهما تاريخ وجغرافية مشتركة.هذا ورافق الرئيس نجاد في زيارته، وفد ايراني رفيع المستوى، ضم وزير الشؤون الخارجية منوشهر متكي ومعاون رئيس الجمهورية رحيم مشايي ووزير الطاقة ووزير الاقتصاد والمالية دانش جعفري وسكرتير قسم التنمية الاقتصادية الايرانية العراقية المهندس حسن داتابي والمستشار الأقدم لرئيس الجمهورية المهنــدس هاشمي ثمرة وعددا من المسؤولين.
https://telegram.me/buratha