دعا حجة الإسلام والمسلمين إمام جمعة النجف الأشرف سماحة السيد صدر الدين القبانجي في خطبة صلاة الجمعة اليوم المسؤولين في الإدارة المدنية ومجلس المحافظة إلى مكافحة الفساد الإداري، وتشكيل غرفة عمليات لمكافحة هذه الظاهرة، وقال سماحته " نجح السادة المسؤولون في عدّة ملفات بمستويات، كملف الإعمار، والأمن، والسياسي، والتشغيل واليد العاملة، ولكن يبقى ملف الفساد الإداري الذي وصفه سماحته بالسرطان الذي ينخر في البدن، ويشكي الناس من وجود الفساد الإداري ويضعون باللائمة على الأجهزة المسؤولة، فيجب مكافحته قبل ان تبدأ علائم السخط على وجوه الناس وألسنتهم، والناس كذلك يتحملون المسؤولية بالمساعدة في مكافحة هذا المرض.
وذكّر السيد القبانجي بالمسؤولية الثقافية والفكرية التي يتحملها الجميع، فهناك احتكاك ومعترك ثقافي في البلاد، والحوزة العلمية والمرجعية الدينية لا تتحمل وحدها المسؤولية كما يظن بعض الناس، بل على الجميع تحمل المسؤولية من جامعات، وإدارات، ومؤسسات أمنية في بناء أفرادها تجاه هذه المعركة الثقافية التي نشهدها بأشكال مختلفة، وبهذا الصدد قدم سماحته الشكر للمؤسسات المدنية التي تقيم النشاطات الثقافية للدفاع عن الثقافة الوطنية، والإسلامية وشدَّ على أزرهم في هذه المسؤولية.وتحدث إمام جمعة النجف الأشرف عن (ذكرى انتفاضة صفر)، ففي سنة 1977قمع زوار الحسين(ع) بالطائرات والدبابات، وسجن واعتقل منهم ما يزيد على(10.000شخص)، وأصدر النظام يومئذٍ قراراً بمنع هذه الزيارة، وقد كانوا في سنوات سابقة يثقفون لمنع الزيارة، والمواكب، والخطباء، حتى تصدى له أحد أصحاب المواكب وقال تحدياً غداً سينطلق موكب المشاة لزيارة الإمام الحسين(ع)! وانطلقت المسيرة وحدثت المواجهات مع قوات النظام وسميت(انتفاضة صفر) ولم يكن لدى الزوار إلا شعار(أبد والله ما ننسى حسيناه).
وتحدث السيد القبانجي عن مجموعة دلالات لهذه الانتفاضة، هي الإرادة الصلبة للشعب العراقي، والولاء لأهل البيت(ع)، ودور المرجعية الدينية ورعايتها لهذه المسيرة، ووعي الجمهور الديني والسياسي الذي أستطاع ان يسبق به الآخرين.وفي تحليل لبعض الإدعاءات التي تريد ان تجعل لحزب البعث فكراً ذكر سماحته إننا سمعنا بعض الشخصيات السياسية التي تريد ان تميّز بين ثلاث مفردات، تجربة البعث في العراق، وفكر البعث، وعناصر حزب البعث، ويقولون عن تجربة البعث إنها سيئة، ولكن يتحملها صدام، وفكر البعث نظيف، وعناصر البعث فيهم أناس طيبون وأجبروا على الانضمام على حزب البعث، وحسب وجه النظر هذه، تجعل المسؤولية فقط على عاتق صدام، فلا معنى للحديث عن اجتثاث البعث وما شاكل ذلك.وبمناسبة الحديث عن فكر البعث الذي كان ينظر لحرب الحسين(ع) وزواره، وليس فقط لشخص، أوضح سماحته بأن تجربة البعث تجربة سيئة برأي الجميع، ولا نعرف في فكر البعث إلا إلى أربعة أشياء وهي معالم فكر البعث- الدكتاتورية ومصادرة الحريات، فلم يكن في العراق صحيفة حرة، ولا إعلام حرّ، ولا اتحاد أو منظمة حرة، حتى أصدر النظام مرسوماً جمهورياً ان من يهزأ بالرئيس يحكم بالإعدام، وهذا أشد من الدكتاتورية البلشفية. - والطائفية حيث مارست النظم السابقة الطائفية، لكن لم تمارس بمثل ممارسة نظام البعث، والتنظير لها، وان الشعب العراقي هو من مذهب معين والباقون أجانب لا قيمة ولا كرامة لهم، ويستحقون السحق والإبادة، حتى أنهم كانوا يعقدون أضخم محفل للزواج في يوم العاشر من محرم، بتبرع من عدي نكاية بالشيعة، وحتى كان يقول أحمد حسن البكر في(مذكرات حردان) أنني لا أحترم (الحسين) لأنه خرج عن سلطان زمانه.- والعنصرية وهي العراق فقط للعرب دون سواهم، ويجب على التركمان ان يعربوا، وأما الأكراد فحقهم ان يسحقوا، كما في معارك الأنفال وقد سحق(182ألف كردي)، ولا تجد في كل كتابات البعث ما يدين هذه التجربة المرّة مع الأكراد.- وحرب الدين وهو المقوم الأساسي في فكر البعث، وان الدين يمثل رجعية ودخلوا معركة لاستئصال الدين، قبل ان تحبط تجربتهم ويتحلوا إلى منافقين يلبسون الثوب الديني. وحديثهم عن عناصر البعث وإنهم طيبون، أوضح سماحته ان هناك من أجبر فعلاً على الانخراط في هذا الحزب،إذن فلنكتشف موضع المغالطة، والدستور العراقي، وقانون المسائلة والعدالة وما قبله لا يوجد مادة لمعاقبة حرب البعث، وإنما نسجل ما يلي:
1- ان حزب البعث حزب إرهابي ولا يحق له ان يمارس الحركة السياسية على الأرض.2- ان يحتل أعضاء الشُعب، والفرق، مواقع القيادة والمسؤلية، وليس عدم العمل.3- ومن يخرج من مواقع الممسؤولية له راتبه التقاعدي، وما زال آلاف المفصولين السياسيين لم يأخذوا راتبهم، وهؤلاء منذ خمس سنوات يأخذون راتباً، وأشار إلى ان مؤسسة الشهيد في النجف الأشرف في الأسبوع القادم سوف توزع الرواتب.
وبهذا الصدد أشار سماحته إلى ان 1/10/2008 سيكون موعد انتخاب مجالس المحافظات، ويجب ان يحذر الجمهور من تسلل البعثيين إلى المواقع المسؤولة، والجميع مدعو للمشاركة بهذه الانتخابات، وأكد على ان كل من يجد في نفسه الكفاءة إلى ترشيح نفسه.وفي الخطبة الأولى تحدث إمام جمعة النجف الأشرف وفي سياق الحديث عن التقوى عن الشعائر الحسينية، وكيف أنها من التقوى، فالتقوى ليست حالة انعزالية ومنزوية، بل تأخذ في المفهوم الإسلامي بعداً اجتماعياً وتبدأ من الذات لتنعكس على المجتمع وبالعكس، وذكر سماحته آيات أحاديث، في فضل إحياء الشعائر الحسينية، مشيراً إلى مشاهد التأسي بالحسين(ع)، التي نرى في هذه الملحمة المليونية من العطش، والغبار، والمشي، وحرارة الشمس، والدماء، والرايات، وغيرها. ودعا سماحته الشخصيات المسؤولة إلى تقديم العناية للزوار، والمشاركة بهذه الزيارة بعيداً عن مواقع المسؤولية، ووجه الدعوة كذلك إلى السادة في الحوزة العلمية، ولا حاجة للتأكيد على البعد الأمني، حيث لا خوف عليهم.
https://telegram.me/buratha