الأخبار

كلمة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم " دام ظله "في الملتقى الوطني الحادي عشر للخطباء والمبلغين في النجف الاشرف

1222 16:41:00 2008-01-03

المركز الإعلامي للبلاغ _ خضر الياس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين المظلومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) صدق الله العلي العظيم .

نستقبل هذه الايام موسما من اعظم مواسم التضحية والفداء نعيش ذكرى واقعة الطف الفجيعة .. واقعة الدماء والعطاء .. تلك الواقعة التي انتصر فيها الدم على السيف والمال .. فقد اراد الطغاة والمنحرفون باغراء المال وبطش السيف ان تموت هذه الامة المرحومة ، وتنسى دينها العظيم وتعاليمه القويمة ومثله واخلاقياته الفاضلة ، وترجع في غفلتها نحو جاهليتها العمياء ، لتتخذ من الطغاة اصناما تعبدهم من دون الله تعالى ، وتجعل منهم ائمة يقودونها إلى النار ، تحلل ما احلوا وتحرم ما حرموا ، من دون وازع ولا رادع .

وقد ابى سيد الشهداء عليه السلام ذلك فاعلن عن نهضته المباركة وما تتمخض عنه من الفتح العظيم الذي اشار إليه في كتابه لبني هاشم بقوله :

(( اما بعد فان من لحق بي استشهد ، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح ، والسلام )) .

فكانت واقعة الطف المضمخة بالدماء الزكية صرخة مدوية ايقظت ضمير الامة ونبهتها لواقعها المريع ، وهزت عروش الظالمين وسلبتهم شرعيتهم ، وصبت عليهم اللعنة والنقمة ابد الابدين ، وعادت دعوة الدين حية تستقطب ذوي السعادة والتوفيق من اجل ان يحملوها ويرعوها ، ويبلغوا بها الاجيال جيلا بعد جيل ، لتبقى كلمة الحق ظاهرة تقوم بها الحجة على الناس ، ولا يقولوا انا كنا عن هذا غافلين .

واذا كان سيد الشهداء عليه السلام قد تحدى الطغاة والمنحرفين وقال كلمته المشهورة (( والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد )) وقدم نتيجة ذلك الدماء الزكية والتضحيات العظيمة ، فان شيعته قد واصلوا التحدي باصرارهم على احياء تلك الذكرى المقدسة بابعادها الماساوية والعقائدية والاخلاقية الفاضلة وتذكير الامة بها وبرموزها الشامخة وبجرائم الطغاة والمنحرفين .

وقد تحملوا في سبيل ذلك والى يومنا هذا من المتاعب والمصائب والماسي والفجائع ونزف الدماء ما لا يحيط به وصف ولا يحصيه بيان . وقد كان للمد الالهي والفيوضات الربانية والكرامات المتعاقبة التي يرونها باعينهم ويلمسونها بايديهم ويعيشونها في واقعهم اعظم الاثر في شد عزائمهم وشحذ هممهم مما زادهم بصيرة في امرهم واصرارا على مواقفهم ، وهكذا صدق الوعد الالهي الذي اشارت إليه ام المصائب زينب الكبرى في حديثها مع الامام زين العابدين (ع) في صبيحة يوم الحادي عشر من المحرم حيث قالت (( وينصبون لهذا الطف علما لقبر ابيك سيد الشهداء لا يدرس اثره ولا يعفوا رسمه على كرور الليالي والايام وليجتهدن ائمة الكفر واشياع الضلالة على محوه وتطميسه فلا يزداد اثره الا ظهورا وامره الا علوا )) .

وننتهز هذه الفرصة الكريمة لنؤكد على الاخوة المبلغين سددهم الله تعالى ملاحظة الامور التالية :

الاول : ان يبحثوا عن واقع تلك النهضة المقدسة وابعادها العقائدية وأهدافها السامية ، ويدرسوها دراسة موضوعية من اجل ان يتعرفوا عليها ، ويثقفوا عموم المؤمنين ويعرفوهم بها ، ليزادوا بصيرة في دينهم واعتزازا بواقعهم وثباتا عليه ودفاعا عنه .

الثاني : ان يعرفوا المؤمنين اهمية احياء الذكرى المقدسة في حفظ الدين الحنيف وتجديد حيويته وقيام كيانه وثباته امام القوى المعادية الهائلة ولعله لذا اكد ائمتنا الاطهار ( صلوات الله عليهم ) على احيائها ، وحثوا على ذلك بمختلف الاساليب واشادوا بفضله وعظيم اجره بنحو مذهل . وينبغي بيان ما ورد عنهم ( عليهم السلام ) في ذلك والتذكير به لان لكلامهم عليهم السلام وموافقتهم العلمية موقعها الخاص في نفوس المؤمنين وتاثيرها العظيم عليهم وللتبرك نذكر ما ورد عن الامام الصادق (ع) حيث قال (( من ذكرنا عنده ففاضت عيناه حرم الله وجهه على النار )) .

الثالث : ان يستفيدوا من هذا الموسم الشريف لبث الثقافة الدينية العامة في العقيدة والسلوك ما يجب عليهم التعرف على واقع دينهم والتفقه فيه والاعتزاز برموزه والعمل بتعاليمهم السامية والتنفر من الطغاة والمنحرفين ومباينتهم والبراءة منهم .

الرابع : مراعاة الغرض الاهم من هذه المراسم والذي اكد عليه ائمة اهل البيت صلوات الله عليهم وهو عرض ظلامة سيد الشهداء (ع) خاصة وظلامة اهل البيت عامة والتفجع لها واثارة الجوانب العاطفية بالاساليب المختلف نحو مصائبهم وما نزل بهم وتعمد العرض الشجي واستدرار الدمعة على ما جرى عليهم صلوات الله عليهم .

وفي ختام ذلك نرى من الحق علينا في هذه المناسبة الشريفة ان نذكر بمزيد من الشكر والامتنان والفخر والاعتزاز مواقف المؤمنين الصلبة وجهودهم الجبارة في احياء هذا الموسم العظيم وسائر المواسم الشريفة وفي اشغالهم الساحة امام الاعداء والمنحرفين من اجل الحفاظ على وجودهم وتثبيت موقعهم وتحصيل ما يمكن من حقوقهم .

وندعوهم للمزيد من الصبر والثبات واليقظة والحذر من كيد الظالمين واراجيفهم وتوحيد الصفوف وجمع الكلمة والتجاوب مع ذوي الخبرة والاخلاص والشفقة فان الصراع مرير والطريق طويل قال الله عز وجل : (( ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )).

كما ندعو المسؤولين ان يخلصوا في اداء واجبهم ويراعوا لهذا الشعب المظلوم والمكافح الصابر حرمته ، ويعرفوا له حقه ، ويبذلوا جهدهم في خدمته واسعاده ورفاهيته ونؤكد عليهم بهذه المناسبة ضرورة السعي الجاد لاعمار مرقد الامامين العسكريين (ع) وتسهيل وصول الزائرين إليه فقد طالت مدة الانقطاع عن بركاتهما ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، كما نؤكد على الاسراع في تسهيل اعادة المهجرين إلى منازلهم ومحل سكناهم فقد عظمت واشتدت عليهم محنة التهجير فاللازم تخفيف القيود ورفع العوائق عن عودتهم إلى بيوتهم ما دام الوضع الامني في تحسن خاصة وان من شاء ذلك اعادة الأمور إلى سابق عهدها والله ولي التوفيق .

وعلينا جميعا ان نتوكل على الله عز وجل حق توكله ونلجا إليه تعالى في جميع امورنا ونبتهل إليه سبحانه بقلوب صادقة ونيات صافية في قبول الاعمال وصلاح الاحوال وكشف البلاد ودفع كيد الاعداء وان يكلل جهودنا جميعا بالفلاح والنجاح ويمدنا بالتاييد والتسديد .

انه ارحم الراحمين وولي المؤمنين وهو حسبنا ونعم الوكيل

مكتب سماحة المرجع الديني الكبير

السيد محمد سعيد الحكيم " قدس سره "

النجف الاشرف

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك