وقال جابر سوادي للمجلة، وهو يعمل في البحث عن الأشخاص المفقودين باستخدام شبكة اتصالات قام بتوسيعها خلال العامين الماضيين لتشمل السجون والمستشفيات والمقابر، مقابل أجر يتلقاه من ذوي المفقودين يتراوح ما بين 300-500 دولار أميركي.
وتشير المجلة في تقريرها الذي نشر يوم الأحد الماضي إلى انخفاض ضحايا العنف الطائفي في العراق حيث لقي 600 مدني عراقي حتفه نتيجة لهذه الأعمال في تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، فيما سجلت إحصائيات شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي سقوط 3000 ضحية.
وترى المجلة ان هذه الإحصائيات لا تعطي صورة حقيقية لواقع الحال في العراق، مشيرة في هذا السياق إلى تأجيل إعلان الانتصار من قبل القادة العسكريين الاميركيين، وفي مقدمتهم الجنرال ديفيد بتريوس.
ويسلط التقرير الضوء على أسلوب جديد لجأت إليه الميليشيات وهو إخفاء جثث الضحايا في قبور ضيقة وإلقائها في قنوات تصريف المياه.
وتنقل المجلة عن روبرت لامبرن، وهو مدير الخدمات القضائية في السفارة البريطانية لدى بغداد، قوله: "هناك أعمال قتل أقل، وفي المقابل فإن هناك سرية أكبر ترافق هذه الأعمال".
وتشير المجلة إلى أن الشهرين الماضيين شهدا العثور على أكثر من 12 مقبرة جماعية في العراق، نصفها على الأقل في بغداد، ومن بينها المقبرة التي تم العثور عليها أواخر الشهر الماضي في حي السيدية جنوب غربي بغداد، حيث دفنت الجثث ورؤوسها المقطوعة في حفرتين منفصلتين، حسب مصدر في وزارة الداخلية غير مخول بالتصريح، كما تم العثور على 16 جثة إضافية مدفونة في قناة لتصريف المياه شمال بغداد الخميس قبل الماضي.
وتؤكد المجلة على أن القاء الجثث هو أمر ليس بالجديد في العراق، حيث سبق لصدام حسين أن ملأ قبورا جماعية بعشرات الآلاف من العراقيين، لكن الجديد هو أن هذه المقابر أصبحت أمرا معلنا في أوج الحرب الأهلية، فالجثث المقطوعة الرؤوس والمحترقة والمشوهة والتي تظهر عليها آثار ثقوب ناجمة عن استخدام جهاز الثقب (الدريل) كانت تلقى على قارعة الطرق كرسالة يتم توجيهها إلى الآخرين. لكن فرق الموت في أغلب مناطق بغداد التي تسود فيها طائفة على غيرها، بدأت تتجه نحو التعتيم على عمليات القتل التي تمارسها.
ووفقا للمجلة، فإن لجوء الميليشيات لهذه الاستراتيجية يعكس بعض التطورات الإيجابية في بغداد، ومع الأعداد الإضافية من القوات الأميركية والعراقية، فإن القتلة فقدوا الجرأة التي كانت تتصف بها عملياتهم في السابق.
وتكشف المجلة عن حادثة وقعت قبل شهر في إحدى مناطق غرب بغداد عند نقطة تفتيش لميليشيا سنية محلية اصطفت إلى جانب القوات الأميركية في إطار ما يعرف بمجالس الصحوة، يعمل فيها شخص اختار أن يطلق عليه اسم صابر الدليمي لدواع يصفها تقرير المجلة بالأمنية، ويروي التقرير الحادثة التي بدأت بوصول رفاق الدليمي الذين كانوا يستقلون سيارتين إحداهما دايوو خضراء اللون والأخرى تويوتا "بيك اب" بيضاء إلى نقطة التفتيش التي يقف فيها الدليمي، حيث قيد رجلان يصفهما التقرير على أنهما عنصران من ميليشيا شيعية في خلفية السيارة الخضراء، فيما ألقيت جثتان في الحوض الخلفي للبيك أب.
وأبلغ الدليمي مراسل المجلة بأنهم كانوا يتوقعون ظهور دورية أميركية في أية لحظة في الوقت الذي أمر قائد مجموعة الدليمي رجاله بإخفاء الجثتين بسرعة، وبالفعل قاموا بإلقائهما في مجرى ضيق لتصريف المياه في ضواحي الحي وغطوا الجثتين بالقليل من الأوساخ وأوراق الأشجار، وبعد مضي شهر على هذه الحادثة، لم يسمع عناصر الميليشيا شيئا عن هاتين الجثتين.
ويمضي التقرير إلى القول إن غالبية المقابر يعثر عليها في أماكن شهدت تحسنا أمنيا، ففي محافظتي الأنبار وديالى عثرت القوات الأميركية على مقابر تعود للفترة التي سيطر فيها تنظيم القاعدة على المحافظتين، بينما تمكن المهجرون العائدون إلى مناطقهم السابقة في بغداد من الاستدلال على مواقع المقابر من رائحة الجثث المتفسخة.
وتنسب المجلة إلى المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري قوله ردا على سؤال حول اخفاء المسلحين لجثث ضحاياهم "قد تغير الميليشيات من خططها وتستحدث استراتيجيات مقابل خططنا، لكنها لن تكون قادرة على مواجهة الامكانيات التي نمتلكها".
وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول إن من غير الممكن تحديد مدى انتشار هذا التوجه من قبل المسلحين، كما لا يمكن التأكد من حقيقة الهدوء الذي تنعم به بغداد، مشيرا إلى أن لا وزارة في الحكومة العراقية تقوم بمتابعة المفقودين وهو الأمر الذي أخذه جابر سوادي ورفاقه على عاتقهم.
https://telegram.me/buratha
