وقد ثمّن سماحته الدور الذي تقوم به القوات العراقية المسلحة والصحوات والعشائر واللجان الشعبية والمناطقيه في مطاردة الإرهاب والمجرمين مشدداً على ضرورة ان تكون هذه الصحوات عوناً وذراعاً للحكومة العراقية في توفير الأمن والاستقرار وليس بديلاً عنها .كما تطرق سماحته الى العديد من القضايا والموضوعات التي تحفل بها الساحة العراقية ، وفيما يلي نص خطبتي الصلاة ::: الخطبة الأولى ::
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه المنتجبين..اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين..السلام عليكم ايها المؤمنون الاعزاء ورحمة الله وبركاته..أبارك لكم وللمؤمنين جميعاً حلول عيد الاضحى المبارك، وبالخصوص لحجاج بيت الله الحرام، سائلاً المولى "عز وجلّ" أن يتقبل حجهم وسعيهم وطاعاتهم، ويعيده علينا جميعاً بالخير والبركة وقبول الطاعات والأعمال..أيها المؤمنون الكرام.. إن عيد الأضحى المبارك يحمل في طيّاته معاني سامية، وكبيرة، لا تقف عند حدود اداء الشعائر وتقديم الاضحية في هذا اليوم العظيم، بل تتعدى ذلك الى معاني السمو والخلاص من الذنوب، والأمل العظيم بغفرانها من قبل الله "سبحانه وتعالى"، وهو الخالق العظيم الذي وضع لنا هذه الشعائر ليعلمنا معالم الطريق إليه، والقرب منه..وإنني بهذه المناسبة، وفي هذا اليوم المبارك، أدعو نفسي وادعوكم الى التأمل والتبصّر في معاني هذه الأيام، التي وضعها الله "سبحانه وتعالى" لنا لتكون محطّات نحاسب فيها أنفسنا على سالف أعمالنا، ولنضع لأنفسنا البرنامج القادم الذي نتجاوز من خلاله أخطاءنا وذنوبنا السابقة.في هذا اليوم، يمارس الحجيج اعمالاً لو تأملنا فيها قليلاً، لوجدنا أنها جميعاً تدلُّ على رغبة الانسان وسعيه الى التطهير الذاتي، وتعميق ارتباطه بالله تعالى، حيث يبتدئ الحجيج يومهم برمي الجمرات، وهو تعبير عن الاستعداد لرجم الشيطان، واتخاذ موقف العداء الصارم الواضح والقطيعة الكاملة معه، لأنه يحاول دوما غواية الإنسان، كما يذكرنا بموقف أبي الأنبياء إبراهيم "عليه السلام" في رجمه للشيطان، الذي كان يسعى لصده عن تنفيذ الأمر الإلهي.ثم يتوجه الحجيج نحو تقديم الأضاحي، في تعبير واضح يدل على الاستعداد للتضحية في سبيل الله، كما استعد إسماعيل وأبوه إبراهيم "عليهما السلام" لتحقيق ذلك.إننا أيها المؤمنون، نقف هذه الأيام أمام معاني عظيمة لا يمكن أن نلخصها بعبارات مهما كانت بليغة، لان المشاعر التي تتملكنا جميعاً ونحن نؤدي أعمال الحج سواءً في عرفات أو المزدلفة أو منى أو مكّة المكرّمة لا يمكن ان توصف، لأنها مشاعر يختلط فيها الخوف والرجاء والرغبة والحب والامل والثقة بالله الخالق العظيم، وهي مشاعر تستعصي على الناطقين وتفوق قدرة الواصفين.وبهذه المناسبة العظيمة، اسأل الله العلي القدير ان يتقبل اعمالنا ويتجاوز عن خطيئاتنا، وان يكتبنا في عامنا القادم من حجاج بيته الحرام، المقبول حجهم والمبرور سعيهم والمكفر عنهم ذنوبهم، وان يعيد حجاجنا وحجاج المسلمين الى ديارهم سالمين غانمين، وان يمنّ على العراق والعراقيين بالامن والسلام والاطمئنان والازدهار.
صلاة عيد الاضحى 2
:: الخطبة الثانية ::
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..السلام على امير المؤمنين علي "عليه السلام" وعلى فاطمة الزهراء وعلى الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي "عجل الله فرجه وسهل مخرجه"..اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين..السلام عليكم أيها المؤمنون الكرام ورحمة الله وبركاته.
نعيش اليوم ظروفاً حساسة للغاية، سيحدد تعاملنا معها مستقبل العراق وابنائه، وهي ظروف لاتقلّ حساسية واهمية عن كل المقاطع التاريخية التي شهدناها خلال السنوات القليلة الماضية..
لقد أنجزنا بفضل الله "سبحانه وتعالى" والتضحيات العظيمة التي قدمناها كعراقيين مهمة بناء الدولة العراقية والنظام السياسي فيها، على أسس متينة، منها الدستور الذي يضمن المساواة والعدالة للجميع، والشراكة الوطنية للجميع، والانتخابات، وحرية الرأي، والتعددية، والاعتراف بحقوق الآخرين، وبذلك تخلصنا والى الابد "إن شاء الله" من الدكتاتورية والتمييز الطائفي والعنصري..
واليوم أمامنا مهام كبرى ايضاً لا تقلّ اهمية عن كل ما تقدم، ومنها استقلال العراق، ونعني به الاستقلال الحقيقي الناجز الذي سيتحقق من خلال اخراج العراق من البند السابع، وإنهاء ولاية مجلس الامن على بلدنا ومقدراته وثرواته، وصياغة الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي الاتفاقية التي ستحدد دور القوات متعددة الجنسية في العراق، وبالتالي ستساهم في إخراجه من ولاية البند السابع، هذه الاتفاقية التي يجب أن تحفظ حقوق الشعب العراقي الشجاع على جميع الأصعدة وتحقق السيادة الكاملة.
صلاة عيد الاضحى 3
لقد تحقق الكثير من التقدّم على الصعيد الامني في بغداد وعموم العراق، وهذا الامر يشهد به الجميع، وهو أمر حيوي ومهم، سيؤثر بشكل ايجابي على كل مرافق الحياة في عموم العراق، ولكنني يجب ان انبّه الى ان هذا التقدم يجب ان لا يخلق في نفوسنا الغرور، إلى الحد الذي يجعل قواتنا الامنية ومواطنينا يبتعدون عن أسباب الحيطة والحذر، والجدية في مواجهة الاخطار الامنية المحتملة التي تنبعث من دوائر التآمر على العراق والعراقيين من هنا وهناك..
لقد قدمنا التضحيات الغالية في سبيل انجاز ما تحقق، وعلينا أن نعمل من اجل صيانة ارواح المواطنين من عبث العابثين والمجرمين، وفي هذا الصدد نثمّن الدور الذي تقوم به قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة والصحوات والعشائر واللجان الشعبية المناطقية في العراق في مطاردة الارهاب والمجرمين، لأنها تقوم بدور وطني مشرّف، ولانها ايضاً تعبر عن وحدة العراقيين في مواجهة اعداء العراق، لكننا في الوقت نفسه نؤكد على ضرورة ان تكون هذه الصحوات عوناً وذراعاً للحكومة العراقية، في مطاردة المجرمين والإرهابيين، لا أن تكون بديلاً عنها، كما نؤكد على التوازن في بناء هذه الصحوات، وخصوصاً في الاماكن ذات الطبيعة السكانية المختلطة، وان تكون في المناطق الساخنة فقط لأن السلاح يجب ان يكون بيد الحكومة فقط، وعلى الجميع أن يتعامل مع هذا الموضوع على اسس المصلحة الوطنية، وفي ذلك مصلحة للجميع..
ومن أجل إحراز التقدم في العملية السياسية ندعو إلى ضرورة العمل من أجل إقناع الجهات المنسحبة من الحكومة للعودة إليها، والإسراع في أكمال التشكيلة الوزارية، واعتماد الكفاءة والخبرة في اختيار الوزراء والمسؤولين، والتهيؤ لإقامة الأقاليم في العراق بعد انتهاء الفترة القانونية لاسيما إقليم جنوب بغداد.
إن ملف البناء والاعمار وتقديم الخدمات، والالتفات الى مصالح المواطنين، ومنح الصلاحيات الى المحافظات وفق ما اقرّه الدستور، ومحاربة الفساد المالي والاداري، وتفعيل دور النزاهة، والقضاء المستقّل، وتفعيل القوانين والتشريعات التي اصدرها مجلس النواب العراقي، يجب ان تتحرك بخط مواز للجهود المبذولة على الصعيد الأمني، لأنها تساهم بدورها في ارساء دولة القانون، ومحاربة الإرهاب..
إنني من هنا ادعو الحكومة العراقية الى الاهتمام اكثر بالشرائح الاجتماعية الفقيرة، والمعلمين، وعوائل الشهداء، والسجناء، وإرجاع المهجرين إلى أماكن سكناهم وإطلاق سراح من لم تثبت إدانته من المعتقلين، والاعتناء بموظفي الدولة من ذوي الرواتب الدنيا وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم، وادعو الحكومة الى وضع سلّم عادل للرواتب لكل موظفي الدولة، وتوحيد هذا السُّلّم ضمن الاسس الفنية التي تضمن العدالة للجميع..
كما أدعو الحكومة إلى التعجيل بتفعيل القوانين الإستراتيجية التي أصدرها مجلس النواب، مثل قانون الاستثمار الذي مضى عليه اكثر من سنة دون تفعيل، مما فوّت الفرصة على العراق عموماً وعلى المحافظات العراقية للاستفادة من هذا القانون في بناء العراق وتحقيق رقيّه وتقدمه، كما أدعو الحكومة إلى دراسة عوامل عدم صرف الميزانيات المخصصة للمحافظات من قبل الوزارات، واتخاذ موقف واضح وصريح من الوزراء غير الأكفاء، وتعريفهم للشعب وعزلهم لأنهم يضرون بمصالح الشعب..
كما ندعو وعبر التحسن الأمني الكبير في البلاد إلى أن تكون سنة 2008 سنة الاعمار والبناء في العراق، وندعو جميع التجار والشركات والجهات الاستثمارية في العالم للمساهمة بنهوض الواقع الاعماري والخدمي والإسهام في تقوية الاقتصاد العراقي..
ونحن إذ نقبل على إجراء انتخابات المحافظات في سنة 2008 "إن شاء الله"، فإننا ندعو إلى ضرورة بناء هيكل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفق الأسس الدستورية التي تضمن النزاهة والشفافية والحيادية والكفاءة ..
وندعو أيضاً إلى التقيّد بالدستور وما اقرّه من الصلاحيات للمحافظات لبناء الدولة اللامركزية، لتقوم هذه المحافظات بدورها الوطني في بناء العراق وخدمة مواطنيها، وكل ذلك ضمن الاطار الدستوري ..
كما أجدد الدعوات السابقة بضرورة الإسراع في بناء مرقد الإمامين العسكريين "سلام الله عليهما" في سامراء لأنه أمر يهم المسلمين عموماً وأتباع آل البيت "عليهم السلام" خصوصاً، وله دوره في الوحدة والمصالحة الوطنية.. وعلى الصعيد الخارجي نرى ضرورة البدء بتفعيل استراتيجية الشراكة الإقليمية من خلال مشاركة العراق في مجلس التعاون الخليجي وتوسعته لكي يشمل جميع بلدان المنطقة..
وختاماً، وكما تعلمون، سيحل علينا بعد أسبوع (عيد الغدير الأغر) عيد الولاية والإمامة، حيث سيتوجه المؤمنون الكرام كما جرت عليه العادة لزيارة مرقد صاحب الذكرى الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في النجف الاشرف، لذا نوصيهم بتجديد البيعة لإمامهم ومرجعيتهم الدينية، والتي تمثل امتداداً للإمامة، ومراعاة النظام والقانون ومساعدة الأجهزة المختصة بذلك، لتجري المراسيم في أجواء إيمانية ولائية وأخوية..
اسأل الباري "عز وجلّ" أن يتغمد شهداء العراق برحمته الواسعة لاسيما الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب السيد الحكيم "قدس سره"، وان يحفظ مراجعنا العظام، وفي مقدمتهم الإمام السيد السيستاني "دام ظله العالي"، وان يوفق حكومتنا الى كل خير، وان يمنّ علينا جميعاً بالخير والبركة والتوفيق لطاعته انه سميع مجيب الدعاء، اللهم أحفظ العراق وأهله وادفع عنا البلايا....والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السيد عبد العزيز الحكيم بغداد في 10/ذي الحجة /1428هـالمصادف 21 كانون الاول 2007
https://telegram.me/buratha