وفي حديثه عن دور المرجعية الدينية واستقبالها لرئيس حكومة اقليم كردستان قال سماحته: إن الإمام المفدى السيد السيستاني هو الأب الحنون الذي يستقبل الجميع ويتعاطى مع الجميع ويتفهم هموم الجميع مؤكدا على وجوب العمل على تعزيز هذا التوجه .
كما أشاد سماحته بتسليم الملف الأمني في محافظة البصرة مؤكدا على بث روح التعاون لاستثمار هذه الفرصة .
هذه المحاور ومحاور أخرى جاءت ضمن المحاضرة الدينية السياسية التي ألقاها سماحته في الملتقى الثقافي السياسي الأسبوعي الذي عقد في مكتب شهيد المحراب وفيما يلي النص السياسي لها:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله اهل بيته الطاهرين واصحابه المنتجبين الميامين
مر علينا في الأيام السابقة العديد من الاحداث، ومنها تسليم الأمن في محافظة البصرة للعراقيين، وهذا شيء مهم جدا، كلما اطلعنا على ان الامن في إحدى المحافظات العراقية يسلم للعراقيين فهو مبعث للامل والارتياح والسعادة بان استعادة السيادة تتحقق شيئا فشيئا .
وفي الوقت الذي نشعر فيه بالسعادة والترحاب لهذه الخطوة، الا اننا في الوقت نفسه نشعر عظم المسؤولية للقوى السياسية الفاعلة في هذه المحافظة، وكل المحافظات العزيزة، لاننا اليوم على المحك، مصداقيتنا، وتغليبنا للمصلحة الوطنية، اهتمامنا بمصالح الناس، وتقديم الخدمات والعيش الكريم لهم، هذا في المحك، هل تنساق هذه الجهة او تلك لا قدر الله في انتهاز هذا الظرف باتجاهات معينة في الامتداد على حساب الاخرين .
او اننا نلتزم بهذه التجربة الفريدة المميزة التي اوجدناها بوطننا، ننطلق من الدستور والافاق الواسعة التي وضعها امام المواطن والفئات العراقية في ان تعمل وتبني، والمواطن هو الذي يختار حسب تشخيصه للمصلحة، هل تستغل هذه الحالة وهذا الظرف الجديد لفرض الراي بالقوة على الناس؟ وتعرفون في الفترة الاخيرة كانت اخبار غير سارة في المدينة، نحن نؤمن بالعفاف والحجاب ونعتقد ان هذا هو ما امر الله به ونبشر به ونثقف عليه، ونريد من ابناء شعبنا ان يلتزموا به، ولكن هل من الصحيح فيما اذا لم يلتزم احد ان نعتدي ونستعمل القوة بمعزل عن القانون ! او ان نبقى نثقف المواطن وهو الذي يختار، وهو المسؤول امام الله، وهو الذي يحضر نفسه للحساب والعقاب .
هل من الصحيح لكل مواطن ان يامر بالمعروف وينهى عن المنكر باساليب غير متعارفة ! بان يضرب، بان يقتل، فهذا ليس من الاسلام، والامر هو النصيحة، الانسان ينصح وينهى عن المنكر، اما استخدام القوة في فرض الراي حتى لو كان صائبا فهذا ليس منهجا صحيحا .
ماذا يعني التعاطي والتعامل مع المسيحيين بالطريقة التي حصلت وادت إلى مقتل بعضهم وتهجير بعض آخر .
بالامس كان هناك اخبار عن قتل 6 من الايزيدين قتلوا في الموصل، عائلة كاملة افنيت، وهذا ليس صحيح، نحن معتزون بالاسلام، ولكن يجب ان نقدر للاخرين خياراتهم، ويجب ان نحترم هذه الخيارات، نعطيهم الفرصة في التعبير عن خصوصياتهم، وهم مسؤولون امام الله، ولا يحق لاحد ان يعتدي على الناس بحجة انهم لايدينون بما يقول، فكل منا يرى لنفسه الحق، والحق بالفعل هو بالانتماء للاسلام والالتزام بهذا المنهج السليم، ولكن ليس بفرض الراي بالقوة، او تغليب المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة، ليس من المنطق الانشغال بقضايا فئوية و حزبية وشخصية وترك الناس في حالة الحرمان .
سمعنا ان الميزانية المقدرة للبصرة الفيحاء تفوق 400 مليار دينار لسنة 2008 وقد فاض من هذه السنة مبالغ وستدور للسنة القادمة، وهذه فرصة للبناء والأعمار، واذا بنيت هذه المحافظة وغيرها من المحافظات فكل الناس سوف تستفيد، بكل الوانها واحزابها، لنعمل للعراق، لنعمل للعراقيين، ولنبذل الجهد لاسعاد كل الناس، من يتفق معنا في راي ومن يختلف معنا، فالكل يجب ان يعيش وهذا هو المحك .
النقطة الاخرى هو زيارة رئيس وزراء اقليم كردستان الأستاذ نيجرفان برزاني والوفد المرافق له إلى النجف الاشرف، مدينة اميرالمؤمنين، مدينة باب علم النبي صلى الله عليه واله، ومدينة المرجعية الدينية التي تستضيف العربي والكردي و التركماني والمسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي، جاءوا واستقُبلوا من المراجع واحترموا وقدروا .
المرجعية الدينية في النجف الاشرف تمثل الابوة لكل العراقيين بكل تلاوينهم الطيبة.
كانت رسالة واضحة تتجدد في ان النجف هي محور ومصدر الاشعاع، وهذا ليس انشدادا لاهالي النجف ونحن منهم، ونعتز بهم، ولكن انطلاقا مما تتحمله النجف من ايحاءات ومعاني، من وجود امير المؤمنين عليه السلام، ومن وجود المرجعية الدينية، التي كانت ولا زالت صمام الامان في تاريخ العراق عموما، الاب الحنون الامام المفدى السيد السيستاني يستقبل الجميع، ويتعاطى مع الجميع، ويتفهم هموم الجميع، ويجب ان نعمل في تعزيز هذه الرؤية والتوجه لاهالي النجف الشرفاء، ليتحملوا مسؤلياتهم في هذا الاطار.
كانت فرصة لتبادل الاراء، ولتعزيز العلاقات التاريخية الاستراتيجية، وعلاقات الشراكة بين مكونات الشعب العراقي، والتي تتمظهر وتتجسد في مثل هذه اللقاءات والزيارات.
نحن سعداء بالعديد من الخطوات التي اتخذت فيما يخص المادة 140 ، اعطاء فرصة اكبر للتشاور ولتدارس الامور، لان العراق ليس فيه غالب ومغلوب، بل الجميع يجب ان يكون منتصراً في هذا البلد .
اذا خرجنا بمعادلة سياسية يشعر فيها البعض انه منتصر، والبعض الاخر انه خاسر، فالتجربة متصدعة، واذا خرجنا بمعادلة سياسية يشعر فيها الجميع انهم حققوا جزءا مهما مما كانوا يتطلعون اليه وفقدوا جزءا لصالح الشريك الآخر فنكون قد انتصرنا في بناء تجربة جديدة .
في التعامل مع المادة 140 كذلك نحن نبحث عن السلة الواحدة، نحن نبحث عن الحل الشامل، لننظر الى خارطة العراق كل العراق، واينما كان ظلم نضع يدنا ونقول هنا وقع ظلم، والظلم شمل الجميع بدون استثناء، ومع الفارق في حجم الظلم، الا ان اصل الظلامة شملت الجميع .
السلة الواحدة سوف لا تشعر احدا بالظلامة وان اخذ منه في مكان ما يحصل على شي في مكان آخر، وهكذا يجب ان ننظر إلى المادة 140برؤية شاملة تعالج جميع الإشكاليات، بعيدا عن أي تسييس، وخلفيات طائفية، وانما ارجاع الامور إلى طبيعتها، فاذا كانت منطقة ما تابعة الى محافظة واقتطعت ولصقت على خلفية طائفية او سياسية او عرقية بمحافظة أخرى فيجب الوقوف امامه، وإرجاع الامور الى ما كانت وسيشعر الجميع بانه منتصر.
وهذا هو الحل الامثل الذي سيعالج الاشكاليات، ونحن سعداء بان نرى جميع العراقيين اصبحوا اكثر تفهما لفكرة السلة الواحدة والحل الشامل، ويمكن ان يكون دور للامم المتحدة والخبراء الدوليين والاستفادة من تجارب الدول الاخرى التي مرت بتعقيدات كالتعقيدات التي نعيشها في العراق، ومعالجة الامور على مثل هذه الاسس .
النقطة الأخرى هي الخبر الذي استمعنا إليه من وجود نية لتمديد تجميد جيش المهدي.
ونحن نعتقد ان هذه خطوة موفقة، خطوة صحيحة، وخطوة ايجابية، نحن نريد ان نبني البلد على اساس القانون، وعلى اساس حصر السلاح بيد الدولة، وان تتحرك كل القوى السياسية مع كامل احترامنا لها بحركة سياسية، اجتماعية، ثقافية، تعبوية عامة، تقدم انجازات لهذا الشعب المحروم، تبني هذا البلد، وتقنع الناس بانها جديرة بتولي المسؤولية، والتصدر لادارة الامور، وصندوق الاقتراع هو المعيار .
هذا هو الاساس الصحيح في بناء تجربة رائدة، واي اجراءات خارج هذا السياق سيدخلنا في المجهول، ولكل فعل رد فعل، ولكل عمل يمكن ان يكون له موقف معاكس، وبالتالي اذا سحبنا دائرة التنافس من استخدام السلاح والقوة والاساليب غير المتعارفة إلى دائرة التنافس الشريف، والتسابق في تقديم الخدمات، لنتسابق جميعا في توفير فرص الحياة الكريمة للناس، ومنهج القران هو (واستبقوا الخيرات)، فالقران يؤمن بهذه الفكرة، لنتنافس في الحياة والاعمار، وفي تقديم الحريات المناسبة إلى الناس فهذا هو الصحيح .
ونحن نشكر الاخ السيد مقتدى الصدر على مثل هذه الخطوة، لو تمت فهي خطوة موفقه وصحيحة، لنمضي بهذا الاتجاه، ولنعمل على ارساء دعائم القانون .
نسال الله سبحانه وتعالى ان يحقق الكثير من التوفيق والانجازات الكبيرة على ايدي العراقيين الشرفاء، في بناء بلدهم، والتواصل البناء فيما بينهم، مع الآخرين اقليميا ودوليا، نريد للعراق ان يعيش، وان يطلق رسالة الحياة الواضحة والصريحة .
نسال الله ان يحقق كل هذه الآمال.
https://telegram.me/buratha