بغداد ـ المجلس
أكد سماحة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وزعيم الائتلاف العراقي الموحد على ضرورة العمل على كل ما من شأنه حفظ وحدة العراق وأبنائه ، وكمسلمين تتجسد فيهم دعوة القران الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) ، مشيرا إلى إن الرسالة التي يحملها المسلمون العراقيون هي رسالة الوحدة والأخوة والتناصر .
جاء ذلك خلال الكلمة التي وجهها سماحته يوم الأحد 16/12/ 2007 ، إلى الحجاج العراقيين الوافدين إلى بيت الله الحرام وفيما يلي نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً ونساءً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجِّ عميق)
صدق الله العلي العظيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين . السلام عليكم يا حجاج بيت الله الحرام ورحمة الله وبركاته. نبارك لكم هذه الأيام العظيمة وانتم في ظلال مكة المكرمة والى جوار بيت الله العتيق، تنهلون من فيضه القدسي كل ما يقربكم إلى الله سبحانه وتعالى، ففي مكة وشعابها وحول بيتها المعظّم الذي جعله الله حرماً آمناً ، يستذكر الإنسان كل المعاني العظيمة في حياة الأنبياء، ومعاناتهم من اجل نشر دين التوحيد ، ففيها يتذكر الإنسان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وإسماعيل والتجربة العظيمة التي خاضها الأب والابن في قصة الذبح والتضحية في سبيل الله، ومعاناتهما معاً من اجل بناء البيت العظيم، والدعوة العالمية للحج إلى البيت، ونستذكر أيضا انطلاق الدعوة الإسلامية على يد نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، والمعاناة الكبيرة التي بذلها ومن حوله المسلمون الأوائل في سبيل نشر دين التوحيد في العالم. في مكة وشعابها وطرقها ، وفي كل المواقيت في منى وعرفات والمزدلفة وفي المدينة المنورة وقرب المرقد النبوي الشريف والبقيع حيث مثوى الأئمة الميامين من أهل البيت عليهم السلام والأولياء الصالحين يستشعر الإنسان عظمة القرب إلى الله سبحانه وتعالى وذوبانه في المعاني السامية التي تمثلها معاني الحج. في مثل هذه الأجواء الروحية العظيمة أخاطبكم، واسأل الله أن يتقبل أعمالكم وان يكتب لكم جميعاً العودة إلى دياركم ووطنكم سالمين غانمين غفران الذنوب وقبول الأعمال. أيها المؤمنون الأفاضل. إنكم تحملون رسالة عظيمة وكبيرة بعد رسالة الحج إلى بيت الله المعظّم، وهي رسالة الأخوة والمحبة والتناصر والوحدة بين المسلمين، ففي ظل الأجواء الإيمانية العظيمة التي تعيشونها في موسم الحج ، وفي ظل هذه الرسالة العظيمة، أوصيكم بالعمل على كل ما من شأنه حفظ وحدتكم كأبناء بلد واحد وكمسلمين تتجسد فيكم دعوة القران الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وهي دعوة خالدة على مر الأجيال. إن وحدتكم أيها الأعزاء هي عنوان قوتكم والتزامكم بتعاليم الإسلام العظيم، وإنني من هنا أخاطبكم جميعاً، واستنهض فيكم كل معاني الخير، لتكونوا سفراء خير لبلدكم الذي ينتظر منكم أن تمثلوه أحسن تمثيل، بلدكم الذي عانى من المآسي والآلام طيلة السنوات السابقة وخصوصاً خلال سنوات ما بعد التغيير،وهي المآسي التي صنعها التكفيريون وبقايا النظام السابق. إن رسالتكم التي تحملونها إلى المسلمين من كل أنحاء الأرض، هي رسالة الوحدة بين العراقيين والأخوة والتناصر، فالعراقيون كانوا وما زالوا وعلى مرّ التاريخ موحدون في إطار وطن واحد مهما حاول الأعداء زرع الفتن بينهم، والتجارب القاسية التي مرّوا بها أثبتت إن وحدتهم اكبر من كل المحاولات الإجرامية لتفريقهم وزرع الاقتتال الداخلي بينهم، وبذلك خرجوا من امتحان صعب وعسير مرفوعي الرؤوس، لان خيارهم المحافظة على الوحدة والتواصل والتناصر على الخير بينهم كان أقوى من كل تلك المحاولات. إن العراق اليوم يعيش مرحلة جديدة من مراحل البناء الداخلي وهو بناء تشهده على الصعيد السياسي والأمني والمحافظة على الوحدة الوطنية، وهو أيضا بناء على صعيد الإعمار وتقديم الخدمات الأفضل، وعلى صعيد الانتقال إلى فضاء العلاقات الدولية الأوسع والأكثر تعادلاً وتوازناً من خلال السعي إلى إخراج العراق من ولاية الفصل السابع من قرارات مجلس الأمن الدولي مما يؤمّن للعراق الولاية والسيادة الكاملة على أراضيه وشؤونه بعد أن سلبت منه هذه السيادة منذ ما يقارب العقدين من الزمن بسبب سياسات النظام المقبور.
إن كل ما تحقق من انجازات للعراق خلال السنوات السابقة وما سيتحقق خلال الفترة القادمة هي بفضل صبركم وجهادكم ودعمكم للعملية السياسية التي وضعت نصب أعينها ومنذ البداية تحقيق الاستقلال الكامل والحرية والعدالة للعراقيين جميعاً دون التفريق بينهم على أساس قومي او ديني او مذهبي، فالعراق للجميع ، والعراقيون جميعاً شركاء متساوون في وطن واحد يشعر الجميع تجاهه بالمسؤولية . وانني بهذه المناسبة أخاطب إخواني العراقيين القادمين الى الحج من البلاد البعيدة ، لاقول لهم ان عراقكم بحاجة اليكم وان بإمكانكم العمل من اجله بكل الصور الممكنة، وان شعبكم ايضاً بحاجة اليكم، ولا نقصد بالحاجة الحاجة المادية، بل نعني بها الحاجة المعنوية، فأنتم سفراء بلدكم الى العالم، وانني ادعوكم الى التواصل مع الاحداث والتطورات التي يجري في بلدكم، والجميع ينتظر منكم ان تحلموا رسالة بلدكم والدفاع عنه في كل المحافل التي تتواجدون فيها. كما اوجه رسالتي الى المسلمين من كل مكان لاقول لهم: ان الوحدة بين العراقيين خط احمر لا يمكن تجاوزه، واننا بذلنا كل ما نستطيع من اجل المحافظة على هذه الوحدة ، على الرغم من كل الجرائم والاعتداءات التي ارتكبتها العصابات التكفيرية ضدنا وضد مقدساتنا الإسلامية ، لأننا نعتقد ان هذه الاعتداءات والجرائم لا تمثل الاتجاه العام لدى ابناء شعبنا ، بل هي طارئة ودخيلة ومؤقتة.
وان ما نأمله من علماء المسلمين من اخواننا السنّة في كل مكان ان يعملوا بكل جهدهم على المحافظة على وحدة المسلمين في كل العالم وفي العراق على وجه الخصوص، لان انطلاق الفتنة الطائفية في البلاد الإسلامية لن تكون الا لصالح اعداء الاسلام. وختاماً اسأل الله سبحانه وتعالى ان يكلأ الجميع برعايته وعنايته، وان يتقبل اعمالكم وطاعتكم، وان يجعلكم جميعاً من المقبول حجهم والمشكور سعيهم والمُكَفّر عنهم سيئاتهم، والمغفورة ذنوبهم، وان يجمعنا واياكم دائماً على الخير والبركة، وان يحفظ ويسدد مراجعنا العظام في مقدمتهم الإمام السيستاني "أدام الله وجوده الشريف" وان يرحم شهداءنا الأبرار سيما الشهيدين الصدرين والشهيد المحراب السيد الحكيم "قدس الله أرواحهم" انه سميع مجيب الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد عبد العزيز الحكيم
https://telegram.me/buratha