النجف الاشرف-فاضل الجبوري
اكد سماحة المفكر الاسلامي السيد صدر الدين القبانجي ان العراق يشكل ظاهرة حضارية وسياسية تستحق الدراسة، فكيف نفسر مثلا الموقف العربي المضاد لتحرر العراق من الدكتاتور، متسائلا: كيف نفسر حالة الارهاب المفجع ولاول مرة في تاريخ العراق وكرم الدول بارسال الارهابيين الى العراق، كيف نفسر صبر الشعب العراقي على حالات لا يصبر عليها شعب من الشعوب؟ ولو ان واحدا بالمئة من ما يجري في العراق يجري في اوربا لهزمت شعوبا كاملة.
جاء ذلك في الحوار الذي اجراه مدير مكتب صحيفة الواشنطن بوست الامريكية في العراق مع سماحته واضاف: ان هذه الظاهرة ليست مسالة مجيء الاحتلال للعراق ولا مجرد سقوط دكتاتور او تبديل نظام سياسي بنظام اخر وانما مسألة ان العراق ينظر اليه تأريخيا وعربيا واسلاميا كمنطلق حضاري وثوري سرعان ما يمتد باجنحته الى اطراف واسعة، هذا الامر هو الذي جعل مجموعة دول صديقة للعراق قلقة وخائفة من هذا الوضع بينما كان عليهم ان يفرحوا، فلماذا السعوية غير فرحة بهذا التحول وتبدو حزينة وصدام عدوا كالذئب للسعودية وهكذا الاردن وتركيا، اذن هناك شيء ما وراء السطور وهو الموقع التاريخي المستقبلي للعراق، وهذا الذي جعل الشعب العراقي يستميت من اجل نجاح هذه التجربة الجديدة، وقراءتنا الدينية للتاريخ تؤكد ان الحركة الاصلاحية ستنطلق من العراق.
فنجد اليوم الولايات المتحدة تتحدث عن الاصلاح السياسي الشرق اوسطي ومن حقهم ان يفكروا باي طريق يختارون لكن نحن لدينا رؤيا اخرى في ان يجري وفق تخطيط غيبي، والعالم مستمر بهذا الاتجاه سواء كان يشعر او لا يشعر فالعالم هو الذي بنى صدام وهو الذي اسقط صدام، وهم لم يفكروا لماذا بنو صدم ولماذا اسقطوه، قد تكون لهم مبررات سياسية ولكن الامور تجري وفق ارادة الله تعالى، واننا نقترب من العالمية الانسانية الدينية والتي سيكون العراق منطلق لها.
وقال بهذا الصدد هناك نبوءة دينية كبيرة جدا ، قد لا نجد من يؤشر عليها بالفعل ولكنها تبقى نبوءة تشير كثيرة من الارقام على صحة مثل هذه النبوءات الدينية. وهذه النبوءة الدينية تقول ان العالم الاسلامي سيتحالف مع العالم المسيحي، والعداء الموجود اليوم بين امريكا والعالم الاسلامي سينتهي الى صداقة وتحالف فيما ستبقى اسرائيل وحسب النبوءة الدينية هي العدو المشترك للطرفين. واضاف: ربما نحن نقترب من ذلك العصر عصر العالمية ذات الابعاد الدينية والروحية والتي نلاحظ انفتاح العالم الغربي نحوها بعدما كان غارقا في المادية، وهكذا التقارب السياسي بين مصالح الشعوب المسلمة ومصالح الدول الكبرى.
وفي معرض رده لسؤال مدير مكتب الواشنطن بوست في العراق عن النجف وما يقوم به المجلس الاعلى في النجف من ناحية الخدمات من خلال مؤسساته رد سماحته بالقول: حينما يكون الحديث عن النجف فالجدير بالذكر ان نتحدث عن موقع النجف في الواقع العراقي الجديد، فالنجف لدى العراقيين تمثل العاصمة الدينية.وللنجف بمرجعيتها الدينية الدور الاول والرائد في العراق الجديد. وانطلاقة الحركة التغييرية ضد النظام السابق تحديد ومسارات الواقع السياسي الجديد بعد سقوط صدام.هذا الامر الذي انعكس في مشروع الانتخابات ومشروع التصويت على الدستور ومشروع الوحدة المذهبية بين كل العراقيين. وما يمكن ان نسميه مفتاح الحل لكل المعضلات السياسية، واخيرا نجد ان مثل الحزب الاسلامي برئاسة السيد طارق الهاشمي ياتي الى النجف الاشرف ويلتقي بالمرجعية الدينية وتفتح صدرها له مؤكدة انها مفتاح الحل وانها ابا للجميع.
واخيرا شهدنا الانعطافة الكبرى الجديدة في ملتقى علماء السنة والشيعة في النجف الاشرف، هذه التظاهرة السياسية الكبرى التي يمكن اعتبارها الاولى من نوعها وهي خير تعبير على ان النجف لها موقع متميز وبحمد الله تعالى وبجهود الصالحين في مختلف الاجهزة استطاعت النجف ان تكون الاولى في استقرار السياسي والامني. وبالطبع كانت جهود المجلس الاعلى بعد المرجعية الدينية ذات الاثر الكبير في الاستقرار السياسي والبناء العمراني.
وعن مغزى تغيير اسم المجلس بهذه التسمية الجديدة والاسباب التي ادت الىهذا التغيير، رد سماحته قائلا: المسألة طبيعية وترتبط بتغير المرحلة، نحن كنا في مرحلة معارضة وحين سقط النظام تحولنا الى واقع على الارض وبالتالي سوف لا يبقى معنا للثورة وانما الان نشهد مرحلة البناء والمشاركة السياسية، هذا التحول وان ذكرناه اخيرا لكنه ومنذ اليوم الاول من سقوط صدام كان هذا التغيير بصدد الاعداد له.
وفي سؤال لصحيفة الواشنطن بوست حول الخطة الامنية التي تقوم بها القوات الامنية العراقي والامريكية التي ادت الى استتباب الوضع الامني، وبسببها قامت العديد من الكيانات السياسية والاحزاب بتغيير اسمائها وافعالها مثل العديد من الجماعات السنية غيرت اتجاهاتها وقامت بمساعدة القوات الامريكية كذلك التيار الصدري قام بتجميد جيش المهدي، هل هي مناورات تقوم بها هذه الكيانات والاحزاب بسبب تغيير الوضع عموما؟ قال سماحته: هي ليست مناورة بقدر ما هو خضوع للامر الواقع، حيث استطاع الواقع العراق السياسي الجديد ان يفرض نفسه على الارض ونجح مشروع الامن ومشروع البناء الحر للعراقيين بالتالي لم يبقى مجال للعمل المسلح، وادرك الجميع ان المسار الصحيح هو المشاركة لبناء الواقع الجديد وبالتالي نحن نفهم هذه المظاهر التي اشرتم لها انها تعبر عن نجاح مشروع العراق الجديد.
وعن رأي سماحته عن الدافع وراء تجميد التيار الصدري لنشاطات جيش المهدي وانسحاب اعضاؤه من الحكومة وما هو الواعز من هذه التحركات، اجاب سماحته قائلا: نعتقد ان هذا عودة الى المسار الطبيعي والصحيح للتيار الصدري لانه ينتمي الى شيعة اهل البيت والمسار الذي اختاره شيعة اهل البيت في العراق هو المسار السلمي والتغيير السياسي وليس المسلح، وكانت رؤى بعض القادة في الوسط الشيعي قد جنحت الى العمل بعيدا عن ما هي المسارات الصحيحة للشيعة، وبعد تجربة اربعة سنوات اكتشفوا انها ممارسة غير حليفة بالنجاح، فعادوا الى الموقع الصحيح، ومن اليوم الاول لاحظنا ان شهيد المحراب(قده) دعا اليه وباشر بتحويل منظمة بدر من منظمة عسكرية الى منظمة ثقافية، والتيار الصدري يمثل ذراعا من اذرع الجسم الشيعي ونحن فرحون بتلاحم هذا الذراع مع الذراع الاخر وهو بدر. واضاف: ان هذه العملية الانتقالية من مسار سياسي الى مسار سياسي اخر يشهد بلا شك ارباكا احيانا ولعل هذا ما نستطيع ان نفسر به الارباك السياسي لموقف عدد من الاخوة من القادة الصدريين كالانسحاب مثلا ثم العودة والتحالف مع الائتلاف او عدم التحالف، وتجميد جيش المهدي هو تعبيرا عن هذه المرحلة الانتقالية والحوار مستمر معهم باتجاه المزيد من فاعليتهم في العمل السياسي.
https://telegram.me/buratha