ابو احمد، رجل سني متزوج من شيعية، وضعه فيلق عمر خلال سيطرته على ما يعرف بمطقة الجنابيين في حي العامل امام مفترق طرق، ان يرحل او يطلق زوجته، ففضل الرحيل عن داره ومنطقته، على فراق ام العيال التي يقول انها قد تحملت معه الالام سنوات الحصار، وقاسمته الحلو والمر ورزق منها باربعة عيال اكبرهم في الكلية.وتكتمل فصول ماساة ابو احمد، حين طلب منه جاره الشيخ عناد »الشيعي«، احد وجهاء قسم العشائر في مجلس صحوة حي العامل ان يعود الى منزله، فتفاجأ بان فيلق عمر قد »وهبه« الى احد العوائل السنية التي تم تهجيرها من منطقة المكاصيص، التي لابتعد عن منزله باكثر من كليو متر واحد على الجهة المقابلة لشارع نيسان، الذي اصبح خط التماس الفاصل ما بين جيش المهدي وفيلق عمر في واحدة من اسوأ عمليات الفصل الطائفي التي شهدتها المدينة.
والمعروف ان الزعيم الراحل عبد لكريم قاسم قد بدأ بتوزيع قطع اراضي سكنية لعمال السكك في هذه المنطقة،جنوب غرب بغداد، التي اتسعت فيما بعد افقيا، لتوزع اراضيها على مختلف الجمعيات السكنية لموظفي الدولة، ولم تعرف طيلة هذه العقود غير التجانس الطائفي، وضمت جوامع وحسينيات في مختلف انحاءها، وبعد بروز الشد الطائفي، تحولت الى كانتونات شيعية وسنية، هجر الطرفين منها السنة والشيعة على حد سواء، لذلك لم تجد القوات الامريكية والعراقية فيها غير تشكيل مجلس صحوة »شيعي ـ سني« يوقف دمار الفصل الطائفي، ولكنه يواجه مشكلة مهمة تتمثل في اعادة من سكنوا في بيوت الاخرين الى مناطقهم الاصلية.
وتتجسد هذه المشكلة في من نقل من مناطق اخرى الى حي العامل، فمنهم من جاء من المحافظات، واخرين جاؤا من مناطق مختلفة في بغداد، ما زالت تشهد حالة من رفض القبول بالرجوع الى مناطقهم الاصلية مثل اهالي سبع البور وهور رجب، وهي مناطق تقع على اطراف بغداد، ووجدوا في البيوت التي »جهزت« لهم من قبل الطرفين، ملاذا يفضلون البقاء فيه، حتى الانتهاء كليا من ترتيب الاوضاع الامنية في مناطقهم، فضلا عن نقل بطاقتهم التموينية واولادهم الى مدارس المنطقة بكونهم مرحلين بشهادة المجالس البلدية فيها،لاسيما في منطقة هور رجب، على اطراف مدينة الدورة، التي ما زالت تشهد سيطرة متفوقة لتنظيمات تعاضد القاعدة، حتى ان مجلس صحوة الدورة اشتكى علنا بان مجلس صحوة الميكانيك، الذي يشرف على منطقة هور رجب، اغلبه من تنظيم القاعدة، ويرفض عودة الشيعة المرحلين الى منازلهم، التي منحت لمن هجر من مناطق المحمودية واليوسيفية خارج مركز العاصمة بغداد.
حوار وتفاهم
وقال الشيخ لطيف البيضاني لـ »الوطن« ان حل هذه المشكلة يكون عبر الحوار والتفاهم ما بين مجالس الصحوات، وبتفعيل دور القانون ، لكن عدم اكتمال ترتيبات عودة المهجرين ككل، يؤثر في اعادة المهجرين في منطقة حي العامل. ويجد البيضاني، وهو احد قادة مجلس صحوة حي العامل، بان الاوضاع الامنية اخذت بالاستقرار بعد تشكل مجلس الصحوة المشترك الذي ضم الشيعة والسنة، ولكن الكثير من الوعود التي قطعت بتوفير الخدمات واعادة افتتاح شارع نيسان الرئيسي، ما زالت بحاجة الى تفاهمات، بعد ان بدأ مجلس الصحوة بمنع اطلاق النار من الجهات المتقابلة للشارع، كمرحلة اولى، باتفاق الاطراف، وبوجود القوات العراقية والامريكية، وتم افتتاح مقر للصحوة ومركز شرطة جند بعض اهالي المنطقة كحراس للحفاظ على »وقف اطلاق النار«!!. ويستدرك بالقول: »اما اعادة المهجرين فهذه تاخذ وقت، لان كل الاطراف غير مستعدة لاجبار من لاذوا بمناطقهم، واخراجهم الى المجهول، من اجل اعادة المهجرين وهم اصحاب حق بدورهم«.
وعن الحلول المطروحة، يعتقد الشيخ البيضاني، بان قسم العشائر في مجلس الصحوة، يسعى لحل كل قضية على حدة، فالبعض من المهجرين، يسعى لايجار داره لمن سكنها، لسد نفقات استئجاره لدار اخرى في منطقة مختلفة، كحل مؤقت، وهناك اخرين يجدون بان المدارس لم تفتح في مناطقهم بعد ولم تتوفر فيها الخدمات، لذلك يتمسكون بالدور التي حصلوا عليها، للاستفادة من استمرار المدارس في هذه المناطق. ويعتقد بان الحل بيد الدولة، لاصدار قرار قاطع بعودة الجميع من المرحلين والمهجرين الى دورهم، وهو قرار موجود، لكنه يتعثر في التطبيق ما بين منطقة واخرى، فتنعكس سلبياته على المناطق التي شهدت بعض الاستقرار النسبي. اما ابو احمد، فيؤكد لـ »الوطن« ان هذه الدار التي بناها بعرق السنين، وشهدت جدرانها سنوات عمره لاكثر من 3عقود، لا يمكن له الاستغناء عنها فالوطن من وجهة نظره، يتمثل في هذه الدار التي لا يستطيع العودة اليها.
https://telegram.me/buratha