دعا باحثون وناشطون حليون، اليوم الاحد، الأمين العام للأمم المتحدة، إدانة "مجزرة" ارتكبتها الدولة العثمانية في المدينة خلال احتلالها للعراق، راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، تعرف محلياً بـ"دكة عاكف"، وطالبوا لإقامة نصب تذكاري لتلك الواقعة وتنظيم مهرجانات شعرية ومعرض للبوستر وفعاليات إعلامية تعكس "عظم مأساة" الحليين نتيجة تلك "الواقعة".
جاء ذلك خلال المؤتمر التأسيسي المئوي الأول لاستذكار وإدانة "وقعة عاكف" التي نفذتها الدولة العثمانية، في (الـ16 من تشرين الثاني 1916)، وراح ضحيتها أكثر من 1300 فرد من أبناء الحلة، بينهم أطفال وشيوخ، بين الإعدام شنقاً أو التهجير والإبعاد والنفي إلى ديار بكر، الذي نظمه مجموعة من الباحثين والأدباء والناشطين المدنيين في محافظة بابل، على قاعة النشاط المدرسي، وسط مدينة الحلة،(100 كم جنوب العاصمة بغداد)
وقال رئيس اللجنة التحضيريه للمؤتمر، الباحث حسام الشلاه، في حديث صحفي، إن "المؤتمر وجّه مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يطالب فيها بإدانة تلك الجريمة التي أثرت نفسياً ومادياً على اهالي الحلة وانعكست سلباً على واقع المدينة"، مبيناً، أن "المذكرة دعت الأمين العام للأمم المتحدة لما يحظى به من تمثيل عالمي لمنظمة دولية عريقة في مجال رعاية الإنسان والإنسانية في العالم، وله حق التدخل عبر الوكالات المتخصصة للمنظمة، بحماية حقوق الإنسان وقت الحرب والسلم، وفي دول العالم كلها، لأن هدفه هو التدخل الإنساني البحت".
وأضاف الشلاه، أن "المشاركين أبلغوا غوتيريش، احتجاجهم بشأن ما تعرض له سكان مدينة الحلة سنة 1916 من جرائم ضد الإنسانية راح ضحيتها قرابة 1300 مدني على يد القوات التركية إبان خضوع العراق للسيطرة والاحتلال العثماني، التي عرفت في أدبيات الحلة وتراثها بدكة عاكف، وتمخضت عن آثار نفسية مؤلمة على المجتمع الحلي آنذاك وتعد مخالفة للمادة 51 من اتفاقية جنيف لعام 1949".
بدوره قال الباحث الأكاديمي عبد الرضا عوض، إن "العراق مر بمدة مظلمة خلال حقبة الحكم العثماني للعراق زهاء خمسة قرون وقد انتشر في هذه الحقبة الجهل والمرض والتخلف وإهمال الجانب التعليمي والصحي والخدمي والاقتصادي واكبتها بعض الأحداث التأريخية، ومنها واقعة القائد العسكري العثماني عاكف بك، وما كان ليظهر على مسرح الأحداث ويشتهر اسمهُ لو لا فعلتهُ السوداء وجريمتهُ في الحلة سنة 1916"،مبيناً أن تلك "الواقعة كانت الثانية بعد واقعة عام 1915 في المدينة نفسها".
وتابع عوض، أن "الحدث كان كبيراً على أبناء مدينة الحلة مما قام به العقيد عاكف بك من أعمال إعدام وتهجير وهدم لبيوت المشاركين في الثورة على الحكومة العثمانية التي شملت محلات الجامعين والطاق وجبران في الجانب الكبير، والوردية في الجانب الصغير"، عاداً تلك "الوقعة لو كانت قد حدثت في بلدِ آخر لقامت الدنيا ولم تقعد، كونها مجزرة كبقية مجازر الطغاة التي لم يهملها أهلها في أرض المعمورة لكنها أهملت في هذه المدينة لأسباب غير مقنعة تماماً".
وأوضح الباحث الأكاديمي، أن "المؤتمر دعا لإقامة نصب تذكاري لتلك الواقعة وتنظيم مهرجانات شعرية ومعرض للبوستر وفعاليات إعلامية أخرى تظهر عظم مأساة الحليين نتيجة تلك الواقعة".
يذكر أن واقعة القائد العسكري العثماني عاكف بك التي سميت بعد ذلك بـ"دكة عاكف"، تشكل "نقطة سوداء" في تاريخ الحلة، إذ حدثت في نهاية الحكم العثماني وإبان الحرب العالمية الأولى، بعد أن رفع أهالي الحلة راية العصيان ضد السلطة العثمانية فأغار عليها القائد التركي عاكف بك مرتين لم يحقق بحملته الأولى نصراً ملموساً، لكنه عاد ثانية، بعدد اكثر وسلاح أمضى عام 1916 من معسكره في الكفل، فضربها بالمدافع وخرب منها ثلاث محلات هي الطاق والجامعين والوردية وأعدم الكثير من رجالها.
https://telegram.me/buratha
