ملخص ملتقى براثا الفكري - عالم السياسة بين المنتظرين والعابثين
* حديث اليوم اشارت اليه روايات كثيرة، حديث عالم السياسة الذي يطال ويطاله اهل الانتظار وفي المقابل من يعبث في عهد الانتظار بعالم السياسة، ولإن أُشير في الروايات الى وجود اضطراب واختلاف وتنازع بين شيعة اهل البيت ص فلا شك ان ذلك احدى مصاديق العبث في عالم السياسة ، ولو قُدِّر ان نجد في الروايات الشريفة ما يتحدث عن البلاء الذي يقع و الفتن التي تطال المنتظرين ففي ذلك في بعض اوجهه ما يُنبئ عن مصاديق ما يؤدي اليه العبث في عالم السياسة الذي يضم مجتمع المنتظرين ومصاديق ذلك كثيرة جدا ، لذلك لن نقف عند الروايات بقدر ما نشير الى ان غالبية الصورة السلبية التي تُنقل عن الوضع الاجتماعي و الامني و الديني انما هي تنبئ بنفس الوقت عن حراك للعابثين واتكالية و حالة من حالات اللا ابالية التي يبديها المنتظرون تجاه عالم السياسة ، عالم السياسة الذي يقرر فيه مصالح العباد و خطوط الدفاع وعالم السياسة الذي بموجبه ينتشر الرفاه او الفقر والامن واللا امن وبه تتخذ القرارات الكبرى التي تمس المجتمع بكل اوضاعه ، لذلك لا يمكن القول بان الانتظار مستقل عن عالم السياسة بل هو في لب السياسة، حتى لو قُدِّر ان المنتظرين كان تكليفهم من قبل مراجعهم بان لا يتدخلوا هذا هو موقف سياسي في داخل عالم السياسة، ونحن نعتقد بان ما يتم التحدث عنه باتجاه الامر بالمعروف و النهي عن المنكر وباتجاه الحفاظ على مصالح شيعه اهل البيت وباتجاه الحديث عن حسن التعامل والتسالم و التعاون ما بين شيعه اهل البيت انما هو حديث يتم في داخل السياسة وإن كان في الحالات الفردية يمارسه افراد المجتمع ولكن في صورته الموضوعية انما يتم ويُحسّن او يُنفى كل ذلك حينما يدخل الى عالم السياسة .
* في المقابل حالة العبث لا نقصد بها حالة العداء لساحة الانتظار، العابثون من حاضنة الانتظار و من داخل المجتمع الذي ينتظر ، الحديث عن العابثين باسم الدين في داخل ساحة الانتظار ولربما ايضا يكون العبث باسم قضية الانتظار ولربما هؤلاء اكثر اضرار بالمنتظرين من اعداء الانتظار، لان عدو الانتظار يمكن ان ياخذ المؤمن منه موقفاً سريعاً وذلك بالتبرؤ منه، لكن الصراع مع العابثين من داخل ساحة الانتظار يكون على القاعدة الشعبية و هذا الصراع ينتج حالتين اساسيتين، قسم من هؤلاء يتاثرون بالمضادين فيتحولون الى حالة العبث و الاعاقة، وقسم من هؤلاء يتواكلون و يهادنون وغير مبالين ولا غيرة لهم وبالنتيجة يتحولون ايضا الى حالة اعاقة لمشروع الانتظار، وعلى سبيل المثال في عالم السياسة نجد ان تكليف المؤمن في عهد الانتظار هو ان يوجه انظاره في انتخاب القيادة المسؤولة عنه امام الله سبحانه و تعالى التي تحسن عمله او تقبحه، بمعنى انها هي التي تعطي اللون الشرعي والتشريعي لأي عمل سياسي، هنا المنتظِر سياسي حينما ينتخب قيادته ويناصر هذه القيادة وحينما يقف موقف العبث و الاعاقة لهذه القيادة عند ذلك سيكون من العابثين ولا شك، وقد يخرج بهذه الاعمال من اطار ان يكون مفردة من مصالح المؤمنين الى الضار و العابث بهذه المصالح و يتحول الى الطابور الخامس الذي يمكن للعدو ان يتسلل من خلاله.
* اذا قلنا بان الانتظار في احدى واجهاته هو المشروع السياسي لشيعة اهل البيت ص عند ذلك اي محاولة للاضرار بهذا الصف ستعني عبثاً او استعداءً لهذا الصف، و المراد هنا فقط في داخل الصف الشيعي لذلك حينما تؤطر القيادة سلفاً فطبيعة هذه القيادة لا يمكن ان تقبل بالانسان بلا عمل ولابد لهذا الشخص ان يبدي نمطاً من انماط الانتماء لهذه القيادة، ومن دون الانصراف الى مواضع الانتماء لا يمكن ان نقول ان هناك اتباع للقيادة، القضية الاولى ان القيادة واضحة فهناك مرجعية يجب ان نلتزم بها و لا نحتاج الى كلفة كبيرة لكي نعرف القيادة التي نص عليها امام زماننا ص في عهد غيبته، و القضية الاخرى ما هو العمل؟ وهل كل عمل يمكن ان يسمى عمل انتظار في عالم السياسة؟ ام ان هناك مخطط واضح يجب ان يجري عليه السياسي المتدين و يكون تكليفه مرتبط بهذا المخطط ليس الا، وحينما نعرف كمتدينين ان واجباتنا في فروع الدين الاساسية ان نكون من الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر عند ذلك تكليفنا في عالم السياسة ببساطة يكون الامر بالمعروف و النهي عن المنكر في داخل هذه الساحة، و حينما يكون الجهاد في سبيل الله وما يرتبط به هو احد الامور الاساسية في فروع ديننا عند ذلك تكليفنا في عالم السياسة هو خوض الجهاد، ومن البداهة بمكان ان نقول ان عالم السياسة الذي يدخل به المنتظر انما يدخل من خلال الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ومن خلال البوابة المتعلقة بالحفاظ على الامن والتماسك الاجتماعي، كما ان هناك واجب نسميه واجب التولي لاولياء الله و البراءة من اعدائه، هذا التولي والتبري يبين قضية اسمها الحفاظ على امن الشيعة ودفع الضرر عنهم وان لم يكن فتقليل الضرر، موضوع السياسة اذن هو هذا الانسان الذي يناصر الامام ص
والمجتمع الذي يكون حاضنة لمشروع الامام ص إن في خدمته والارتقاء به او في دفع الضرر عنه او تقليل الضرر الموجه اليه.
* بالنسبة للمثل المعنوية والالتزام بالقيم الاخلاقية يجب عدم التهاون بها لان السياسة كل السياسة يقوم صلاحها على اساس هذه المعايير، الصلاح السياسي لا يقوم على الشرف الاجتماعي او على العائلة او على الفهم الاجتماعي او على العِمَّة، المعيار الذي يقوم عليه هو طبيعة الموقف من حب الدنيا، وحب الدنيا عندما يكون هو راس كل خطيئة في تعبير الروايات الشريفة، عندئذ كل ما يقلص حب الدنيا يتحول الى مواصفات للمنتظرين في عالم السياسة، وعليه لو اردنا ان نشخص في عالم السياسة من هم هؤلاء علينا النظر الى اخلاقياتهم لا النظر الى اقوالهم، المواقف العملية و النمط السلوكي الذي يتبعه السياسي هو الذي يحدد لنا قيمته، فالسياسي الذي يتجرأ بالكذبة الصغيرة يتجرأ على الاكبر منها بعد فترة وبذلك سيكون من العابثين و ليس من المنتظرين ويدخل في اطار كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون .
* اليوم الجميع يعرف كيف تجري امور السياسة ولو في المرتكزات العامة ولكن حينما نقرأ في دعاء الافتتاح المم به شعثنا واشعب به صدعنا هذه العبارات ومثلها كثير واضح جداً انها تدعو الى الحفاظ على وحدة شيعة اهل البيت ص والحفاظ على الوحدة يحتاج الى صبر كثير يحتاج الى صبر يوسف مع اخوته و الى صبر يعقوب مع ابنائه و الى صبر رسول الله ص على قريش و على بعض ارحامه، الوحدة الاجتماعية لا تاتي من الفراغ ولاتحصل بالشعارات و الاقوال بل الافعال هي التي تصدق إن ما اردنا وحدة المجتمع او تفريقه، و لا يعني هذا الحديث اننا نريد وحده كيفما اتفق والا هنا اننا نُخرج امير المؤمنين ص من حالة التدين لانه خط لنفسه خطاً بعيدا عما اختطه بقية المجتمع، دخل بيته و اغلق الباب عليه حينما وجد ان وجوده الاجتماعي سيتحول الى ذريعة للبعد عن الهدى و الى ذريعة لكي يتسلل الفاسدون من خلال عبائته .
* بالنسبة الى السياسيين او الذين دخلوا في السياسة او الذين يفكرون بالدخول الى السياسية، إن لم نجدهم من ذوي اصول ومعايير معنوية واخلاقية لا يمكن تصديقهم او الوثوق بهم، يلاحظ ان الحديث عن مصالح الشيعة لا نسمعه من السياسيين الا حينما يريدون المناصب التي تنتمي الى التشيع، بينما المنتظِر اذا دخل في هذا المجال يجب ان ينظر الى كل مايتعلق بمصالح الناس وان دائرة تحركه يجب ان تكون محصورة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يخفى على الجميع ان مظاهر العبث في عالم السياسة هي الاعظم والاعلى بل يكاد الانسان ينظر بعين الريبة لو انه وجد من يامر بالمعروف مخلصاً لله لكثرة ما عبث العابثون باسم التشيع واسم المذهب وقدموا اسوء الصور لاستغلال الناس والركوب على ظهورهم للتمتع بامتيازات هي للناس وهذا هو ضر اجتماعي كبير.
https://telegram.me/buratha
