أكد قضاة خبراء في الشؤون الجزائية أن أكثر من 17 جريمة يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام تقف في مقدمتها الجرائم الإرهابية، فيما رسموا خريطة لمسار أحكام الإعدام من بداية الجريمة حتى وصولها إلى مرحلة التصديق في رئاسة الجمهورية.
ولأهمية هذه الأحكام فأن المشرع العراقي أوجب التمييز فيها تلقائياً، فكما يقول القاضي حيدر النائلي نقلاً عن قانون أصول المحاكمات الجزائية إنه "إذا صدر حكم وجاهي بالإعدام أو المؤبد فعلى الجنايات إرسال الدعوى إلى محكمة التمييز لتدقيقها خلال 10 أيام من صدور الحكم، حتى لو لم يقدم طعن فيها".
وأضاف رئيس محكمة استئناف بابل إلى صحيفة القضاء، أن "المشرع أوجب التمييز تلقائيا إيماناً منه بالخطورة التي تحيط هذا الحكم سواء المتهم أو المجنى عليه، خصوصا إن العقوبة تتعلق بإزهاق حياة مرتكب الجريمة".
ولفت القاضي النائلي إلى أن "التمييز الوجوبي ضمانة قانونية وفرها المشرع للمدان مضمونها إرسال دعاواه إلى محكمة التمييز لتدقيقها، كما هي ضمانة أيضا للمجنى عليه أو ذويه".
من جانبه، قال القاضي حبيب إبراهيم إن "الجرائم المعاقب عليها بالإعدام تصل إلى 17 جريمة تقريباً، ومن أهمها الجرائم الإرهابية الوارد ذكرها في قانون مكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى الواردة في قانون العقوبات العراقي كجرائم القتل المشددة بأحد الظروف الموجودة في المادة 406 من القانون التي توردها في فقرات تصل إلى نحو 11 حالة".
وأضاف إبراهيم رئيس الهيئة الثانية في جنايات بابل في حديث إلى صحيفة القضاء، أن "قانون العقوبات عاقب بالإعدام أيضاً مرتكبي جرائم الخطف وكذلك الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة الواردة الفقرة [2] من المادة 393 من قانون العقوبات".
ولفت إبراهيم إلى أن "الإعدام يشمل مرتكب جرائم السرقة المشددة في القرار 1636 لسنة 1980 والمحددة في المادتين 440 بكافة فقراتها والمادة 443 في فقرتيها رابعاً وخامساً فقط".
ويقول "لا يسلم من هذه العقوبة مرتكب الجرائم المطبق عليها قانون تهريب النفط ومشتقاته، وكذلك الجرائم الماسة بأمن الدولة التي تصل إلى أربع حالات، وكذلك الجرائم المشمولة بقانون مكافحة المخدرات"، بحسب قوله.
ولم ينس القاضي أن يشير إلى أن "عقوبة الإعدام عالجت الجرائم ذات الخطر العام واستخدام المواد الجرثومية والجرائم الخاصة بالاعتداء على سلامة النقل وجرائم مهمة أخرى".
وتعليقاً على مسار دعوى عقوبة الإعدام أوضح إبراهيم أن "عديداً من الإجراءات الواجب إتباعها في هذه الدعاوى تحقيقاَ ومحاكمة، وتتمثل ابتداءً بتدوين أقوال المتهم وكافة أطراف الدعوى من قبل قاضي تحقيق وبحضور نائب مدع عام".
وبعد إحالة الدعوى على محكمة الموضوع [الجنايات] فأن بانتظارها "هيئة جنائية من ثلاثة قضاة لا تقل مرتبتهم عن الصنف الثاني ولهم خبرة مشهودة في العمل القضائي مع حضور ممثل المدعي العام أمام محكمة الجنايات، إذ تتم إجراءات التحقيق القضائي والمحاكمة ليتم إصدار الحكم"، كما يبيّن.
وذكر القاضي إبراهيم أن "قرارا بالإعدام لا يمكن أن يصدر دون تدقيق أدلة الدعوى كاعترافات المتهم وأقوال الشهود والتقارير والكشوفات وبعد إصدار حكم الإعدام تعرض الدعوى على محكمة التمييز الاتحادية تلقائيا ودون الحاجة لانتظار طعن".
وأفاد بأنه "في مرحلة الطعن التمييزي فأن الدعاوى التي صدر فيها حكم بالإعدام تنظر من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز والتي تشكل من كافة أعضاء المحكمة البالغ عددهم 30 عضواً".
واذا ما تم مصادقة الحكم من قبل التمييز فأن الدعوى تعرض على رئاسة الجمهورية لإصدار المرسوم الجمهوري الذي يؤكد إصداره إرسال إشعار إلى محكمة التمييز الاتحادية بذلك ثم تعرض إضبارة الدعوى على وزارة العدل لتنفيذ الحكم، بحسب قاضي الجنايات.
ويشير إبراهيم إلى أهمية دعوى الإعدام بالنسبة إلى القضاء، ويرى أن هناك "إمكانية لتخفيفها في ظروف معينة منها تنازل المجني عليه أو ذويه في جرائم معينة مثل السرقة وعند توافر ظروف أخرى منها كون المتهم معيلاً لعائلة أو شاباً"، لافتا إلى أن "لمحكمة الجنايات سلطة تقديرية عند فرض العقوبة لتطبيق الظروف القضائية".
لكن "تطبيق هذه الظروف لا يمكن الأخذ به في كافة الجرائم، إذ لا يمكن التخفيف مع الجرائم الإرهابية أو القتل بدوافع دنيئة"، بحسب القاضي إبراهيم.
من جانبه، يرسم المدعي العام في بابل طرقاً عدة للطعن بقرارات الإعدام ومن جهات مختلفة.
ويقول القاضي حسين شاكر، إنه "بالإضافة إلى الطعن التلقائي من محكمة التمييز الاتحادية، فأنه يحق للادعاء العام والمشتكي والمتهم والمدعي المدني والمسؤول المدني تقديم طعن بالقرار أمام محكمة التمييز الاتحادية خلال 30 يوماً من تاريخ صدور القرار".
ولفت المدعي العام إلى أن "للادعاء دوراً فاعلاً قبل وبعد وأثناء صدور حكم الإعدام فخلال مرحلة التحقيق يحضر مدع عام، ويدقق الدعوى مدعٍ آخر قبل ذهابها للجنايات، وهناك ثالث أمام محكمة الجنايات".
وبعد صدور حكم بالإعدام، فبحسب المادة السادسة عشر من قانون الادعاء العام ترسل محكمة الجنايات إضبارة الدعوى إلى رئاسة الادعاء العام مباشرة، إذ تنظرها هناك هيئة من 13 عضو ادعاء عام، برئاسة رئيس الادعاء العام وهو حالياً القاضي محمد الجنابي، قبل أن تصل إلى محكمة التمييز الاتحادية.
https://telegram.me/buratha
