تواصلت لليوم الثاني على التوالي ردود الفعل الرافضة لقرار غير ملزم صوت عليه مجلس الشيوخ الاميركي الاسبوع الماضي ، يقسم العراق على ثلاثة كيانات .
استنكار برلماني للقراروقال عباس البياتي النائب عن الائتلاف الموحد: ان المشروع الذي صادق عليه مجلس الشيوخ لتقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي يكشف من دون شك عن قراءة خاطئة للواقع السياسي العراقي. وأضاف في بيان لمكتبه الإعلامي امس ان هذا القرار لا يستند الى حقائق ووقائع لا جغرافية ولا تاريخية وهو يثير لدى الشعب العراقي المخاوف والهواجس في وقت هو بأمس الحاجة فيه الى الهدوء والاستقرار، موضحا ان مشروع (بايدن) رسالة خاطئة هدفها التشويش على العملية السياسية في العراق واثارة المخاوف لدى دول الجوار، "ولهذا فنحن في الوقت الذي لا نقبل فيه هكذا تدخلات في الشأن العراقي ونرفض هكذا مشاريع من شأنها ان تفكك وحدة العراق نؤكد ان الشعب العراقي يتمسك بوحدته الوطنية ولن يرضى بهذه المشاريع". واشار البياتي الذي يشغل منصب الامين العام للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق الى ان هذا القرار يجعل مصير التركمان مجهولا لأنهم يتوزعون بين مناطق متعددة من البلاد ومن شأنه ان يثير لديهم المخاوف على وجودهم وعلى دورهم ويشطب عليهم وبالتالي نحن كتركمان نقول ان هذا المشروع سيكون على حساب وجودنا وحقوقنا وان النظام الفدرالي في العراق نظام يستند على الدستور الذي لايشير لا من بعيد ولا من قريب إلى تقسيم العراق في ضوء مشروع بايدن. وبين ان الفدرالية في العراق هي عبارة عن نظام توافقي يحفظ حقوق جميع مكونات وطوائف وقوميات الشعب العراقي ومرتبط بحكومة مركزية قوية وبالتالي فان إضعاف الحكومة المركزية من خلال تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي، من شأنه ان يؤدي الى تأزيم الأوضاع مجددا ودفع الوضع السياسي العراقي الى نفق مظلم،مؤكدا انه سيكون لمجلس النواب والقوى السياسية العراقية موقفها الحازم من هكذا مشاريع تحمل معها مخاطر ليس على العراق فحسب بل على المنطقة برمتها.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد شدد يوم امس الاول على رفضه لمشروع التقسيم، معتبرا انه كارثة للعراق والمنطقة برمتها.وقال المالكي الذي دعا مجلس النواب الى جلسة طارئة للرد على القرار في تصريح متلفز لدى عودته الى بغداد ،بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك :ان قرار مجلس الشيوخ الاميركي غريب لان وحدة العراق وسيادته وامنه وشكل نظامه امر يعود للعراقيين وهو شأن داخلي وليس شأنا يخص الكونغرس الاميركي، موضحا ان المطلوب من الكونغرس الوقوف الى جانب العراق لتعزيز وحدته ومساعدته لتثبيت سيادته وليس طرح مشاريع تشكل كارثة على العراق وعلى المنطقة برمتها.
حزب الدعوة (تنظيم العراق) اعلن على لسان احد قيادييه عن رفضه للقرار الاميركي.وقال النائب عبدعلي لفتة الموسوي في تصريح لـ"الصباح": ان الشعب العراقي صاحب القرار الوحيد في تقرير مصيره ، مشددا على انه ليس من حق اميركا ان تقرر للشعب العراقي القوانين والانظمة التي تلائمه.واضاف ان العراق ليس ضيعة لاميركا وانما دولة ديمقراطية دستورية تستمد صلاحياتها من الشعب العراقي الذي صوت العام الماضي باكثر من 70%على الدستور، ومن ابرز بنوده ان العراق دولة اتحادية فدرالية ، مبينا ان حزب الدعوة (تنظيم العراق) ينطلق في عمله من الدستور ويرفض جميع القرارات التي تعمل على تقسيم العراق على اساس قومي او مذهبي.
من جانبه قال رئيس كتلة المجلس الاعلى المنضوية داخل كتلة الائتلاف الموحد سماحة الشيخ جلال الدين الصغير: ان البعض حاول ان يربط المشروع الاميركي لتقسيم العراق بمشروع المجلس الاعلى لإقامة الفدرالية غير انه لا علاقة بينهما، موضحا انه ليست هناك اية علاقة بين المشروع الاميركي لما سبق ما طرحه المجلس الاعلى للاستحقاق الدستوري لاقامة الاقاليم. وبين سماحة الشيخ الصغير في تصريح صحفي ان المجلس الأعلى نادى بإقامة اقليم الوسط والجنوب كما نادى باقامة اقليم في الواجهة الغربية وبغداد وإمكانية انضمام ديالى الى اقليم الوسط وهذا المشروع يؤسس للتجانس الحضاري والاقتصادي والاجتماعي بين جميع اطياف المحافظات،منوها بان المشروع واضح الاهداف فهو مشروع عرقي وطائفي وفيه خطورة كبيرة ، اذ انه يؤدي الى تغييرات ديموغرافية الامر الذي رفضه المجلس الاعلى بشكل كامل.واشار سماحة الشيخ الصغير الى ان ما تحدثت عنه بعض الشخصيات السياسية في هذا الصدد لايعبر عن دقة تشخيصها السياسي ، رغم انها تعرف تماما ماذا يعني مشروعنا والمشروع الاميركي،لافتا الى ان هذه الطروحات تأتي بالتزامن مع قرب الاستحقاق الدستوري باعتبار ان الفترة لتطبيق الفدرالية وهي 18 شهرا تكاد تنقضي وهذه التصريحات تعد بداية لتنصل عما سبق لهذه الكتل ان أبرزته بمواقفها لقانون الاقاليم والمحافظات.
بالمقابل اكد رئيس الكتلة العربية المستقلة محمود العزاوي: ان مشروع الكونغرس هدفه معاقبة الشعب العراقي. وقال العزاوي:ان الكتلة العربية ترفض فكرة التقسيم تحت أي مبررات لانها تؤمن بان العراق بلد واحد وشعب واحد وهو هكذا منذ عصور ، ولم يكن مجموعة كتل حتى يتم تقسيمه،مبينا ان العراقيين يؤمنون بوحدة العراق ،وانه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ،"ونحن نضم أصواتنا لكل الرافضين لهذا المشروع الذي يهدف الى تفتيت البلد.
واكد وزير الخارجية هوشيار زيباري امس الاول ان كل القيادات العراقية الأساسية متفقة على المحافظة على وحدة وسلامة وسيادة العراق وليس هناك أي مجموعة أو فئة تطالب بتجزئة أو تقسيم أو تفتيت العراقاحزاب سياسية : التقسيم لايمكن ان يكون حلافي غضون ذلك شدد امين عام منظمة انصار الدعوة في العراق مازن مكية على ان مشروع التقسيم لا يمكن ان يكون خيارا قد طرح على أساس تحقيق المصلحة العراقية وإنما مصالح أطراف لا يهمها لبلوغ ذلك وحدة العراق او تمزيقه. وقال مكية في تصريح صحفي امس : ان بعض الاطراف العراقية دفعت باتجاه هذا المشروع لان مصالحها تتحقق من خلاله ، وسيتضح موقفها عندما تقف صامته أمام هذه النوايا او عندما تصرح بما يبرر المشروع على انه خلاص للعراقيين من أزمتهم، مشيرا الى ان مشروع التقسيم يشكل اليوم حافزا كبيرا لاصطفاف القوى الوطنية وتوحيد خطابها وموقفها وفرصة للشروع بتكتل وطني يسدل الستار على أي خيار جائر ويحسم أمر السياسات التي ترسم للعراق خارج حدوده وينتقل بالاصطفاف الوطني من رغبة عابرة إلى قرار عراقي واجب التحقق لحماية وحدة العراق وصيانة تاريخه ومصيره.وبين مكية ان القوى السياسية بعد أن تجرأ الآخرون على تبني مشروع كهذا أمام اختبار تاريخي وجماهيري صعب يفرض عليها تحمل مسؤولياتها الوطنية بما لا يجعل الشعب العراقي في غنى عنها عندما تفشل في تجاوزه بجدارة ولا مجال بعد الان للمقترحات والتنظير وإنما عليها أن تخطو خطوة عملية لتوحيد البرامج المطروحة في ساحة المشتركات الوطنية في برنامج وطني واحد يتبنى عملية التغيير وإصلاح المحور السياسي والنهوض بالواقع العراقي قبل فوات الأوان، لافتا الى ان مشروع تقسيم العراق لم يكن أمرا خارج ملف الخيارات والبدائل المتعددة في برنامج الولايات المتحدة لصيانة مشروعها وتحقيق مصالحها في العراق والمنطقة. وكشف عن ان منظمة انصار الدعوة ستدعو الى مؤتمر شعبي عام ينفتح على كل مراكز الثقل الجماهيري ليدفع باتجاه التكتل الوطني كخيار وحيد للخروج من أسوار الأزمة العراقية ويصدع بمطلب شعبي يستنفر القوى السياسية لتلبية متطلبات المرحلة والاستجابة لاستحقاقاتها.
من جانبه حذر حزب الحرية والعدالة الكردستاني الدول والجامعة العربية من مغبة إقرار مجلس الشيوخ الأميركي خطة لتقسيم العراق ، وما سيجلبه من ويلات وفوضى على دول المنطقة وشعوبها، بحسب تعبيره. وقال الحزب الذي يتزعمه الشيخ جوهر الهركي شيخ عشيرة الهركية الممتدة على أراضي العراق وتركيا وإيران في بيان صدر عن المكتب السياسي:"إن مشاريع التقسيم التي تخطط لها الإدارة الأميركية ذات مخاطر كارثية على الدول العربية كلها وتنذر بسقوطها واحتلالها وتقسيمها من قبل المحتلين الطامعين بها وبثرواتها". وطالب البيان أبناء الاكراد بالوقوف بوجه هذا المخطط وعدم الانخداع والإنجرار وراءه والاعتقاد بأنه يحقق ما يصبو إليه الكرد, كما ان على الأحزاب الكردية عدم السير في ركب هذا المخطط وعليها ان تدرك إن التقسيم جزء من خطة لعزل الشعب الكردي عن أشقائه من شعوب المنطقة.محلل سياسي : الدستور ضمن وحدة العراقوفي نظرة اكاديمية للمشروع اكد الدكتور حميد فاضل معاون عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد،ان الدستور العراقي ضمن وحدة العراق ابتداء من ديباجته الى اخر مادة فيه، لاسيما المادة واحد والباب الرابع من المادة 109.واضاف فاضل :ان القرار الاميركي سواء كان ملزما او غير ملزم فهو لا يعني العراقيين بشيء، مؤكدا ان طبيعة تكوين الدولة العراقية تنص على وحدة العراق ارضا وشعبا وان الادارة الاميركية ليست مخولة بديلا عن العراقيين حتى تقرر تقسيم العراق او عدمه.في غضون ذلك نددت منظمة المؤتمر الإسلامي بشدة بقرار مجلس الشيوخ الأميركي.واستنكر الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو في بيان امس ،"القرار الذي لا يحمل في طياته سوى مزيد من التعقيدات للكيان العراقي وتعميق جذور الفتنة والاقتتال الطائفي بين أبناء البلد الواحد.وقال: ان المطلوب في الوقت الراهن هو لم الشمل وإجراء مصالحة وطنية حقيقية وليس تقسيم العراق ،مؤكدا أنه لا يحق لأي كان أن يقرر مصير بلد سوى أهله ،وان تقرير مصير العراق حق ثابت وأكيد للشعب العراقي وحده ولا يمكن تفويضه لأي كان ودعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى ضرورة مجابهة هذه السياسات والإصرار على وحدة العراق وصيانة استقلاله وسيادته الوطنية ووحدة أراضيه.
https://telegram.me/buratha