فكانت البداية حول المتطوع الشهيد (محمود جميل هادي عبود الحلفي) من محافظة البصرة ناحية الهارثة، حيث كان من المواظبين للتطوع بخدمة مرقد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في جميع الزيارات المليونية التي تشهدها مدينة كربلاء المقدسة.
والشهيد محمود رجل مؤمن بسيط يتحلى بأخلاق إسلامية وهو من مواليد (1975) متزوج وله من الأطفال ولد وبنت، قد توفي والده، واحد إخوانه اعدم من قبل النظام الصدامي البائد والأخر ذبح على أيدي العصابات الإرهابية بعد سقوط النظام البائد. وفي حديث لأحد المسؤولين في العتبة الحسينية المقدسة ممن كان ملازما للشهيد طيلة فترة وجوده فيها، أشار قائلا (ان الشهيد محمود كان من السّباقين للتطوع ). مضيفاً (وفعلا في زيارة النصف من شهر شعبان لهذا العام كان الشهيد من المشاركين فيها واستلم واجبه بالخدمة بتفتيش الزائرين بعد ان تم له صرف بطاقة تطوع كالعادة، وحينما شبت شرارة أعمال الشغب التي قامت بها المجاميع المهاجمة للعتبات وجدنا ان الشهيد لم يتخلف بالذود عن حماية المرقد الشريف، وفي اليوم الثاني من الإحداث الإجرامية التي شهدتها المدينة توجهت تلك المجاميع لحرق ونهب ممتلكات العتبة الحسينية المقدسة، حيث قامت باحراق (كرفان) الأمانات و(كرفان) تفتيش النساء الواقع الى جوار باب الرجاء وحينها كنا بالقرب من باب الشهداء المقابلة لساحة بين الحرمين المطهرين، فتوجهنا حينها إلى باب الرجاء لإطفاء الحرائق المذكورة، وبينما نحن مسرعين فوجئنا برمي كثيف من قبل القناصين المهاجمين الذين كانوا منتشرين في البنايات المحيطة بالحرم المقدس واذا بالشهيد محمود قد اصيب بإطلاقة في منطقة الرقبة، فحينها قمنا بنقلة الى المفرزة الطبية في العتبة الحسينية المقدسة، وقد كانت الإصابة بالغة وخطيرة جدا وتحتاج إلى نقله الى وحدة العناية المركزية في المستشفى لكن شدة الأحداث الدامية حالت دون نقله الى المستشفى خاصة وأن تلك المجاميع كانت تمنع سيارتي إسعاف العتبتين وسيارات المستشفى من نقل المصابين، وكانت حالته تزداد سوءا وحينها حضرت إليه وأخبرته بانني سأتصل بالدكتور ليتابع حالته فأجابني قائلا (إنني لا أشكو من شيء إنما تمنيت الشهادة ولكن لم ارزق بها لحد الآن) وحينها سئلت الطبيب المشرف على حالته فاخبرني بان حالته ستزداد سوءا وذلك لوجود نزيف داخلي وانه بحاجة إلى تحاليل ومطابقة الفصائل، وبعد مضي لحظات عدت إليه لأطمئن على حالته فأجابني قائلا (اني متعطش للشهادة في هذا المكان الطاهر) وفعلا بعد مضي ساعتين ودع الشهيد الحياة والتحق بالرفيق الأعلى شهيدا مظلوما).
وكانت المحطة الاخيرة عند الشهيد (سليم سليم عبد الأمير البياتي) الذي كان من الأوائل للتطوع لخدمة مرقد أبي الفضل العباس عليه السلام بعد سقوط النظام البائد، والتحق بعدها للانضمام إلى فوج حماية الحرمين الشريفين (الفوج الرابع) الذي تشكل لاحقاً وتبع لوزارة الداخلية.
وفي لقاء مع صديق والده قال( أصيب الشهيد سليم في ساقه في بداية الأمر وبعد علاجه في أحدى مفرزتي العتبتين الطبيتين لم يرض أن يترك رفاقه لينال شرف الدفاع المقدس عن أطهر البقاع) وهنا التقينا احد منتسبي الفوج الذي كان بصحبة الشهيد سليم ليكمل لنا الحكاية قائلاً (إن واجبنا كان في منطقة باب بغداد عند العوارض الخارجية، وحينما سمعنا بنداء الهجوم على نقاط التفتيش صباح يوم الثلاثاء من قبل الجماعات المجرمة انسحبنا لصدهم وكان من بيننا الشهيد سليم، وحينما وصلنا إلى مكان الهجوم وجدنا إن تلك المجاميع كانت متوجهة إلى باب الإمام الحسن عليه السلام إحدى الأبواب الخارجية لمرقد ابي الفضل العباس عليه السلام فهرع الشهيد سليم للذود عن المرقد الطاهر وطرد الجماعات المهاجمة التي كانت توجه ضرباتها إلى سورالعتبة العباسية المقدسة وتقوم بسلب ونهب الممتلكات العائدة إليها، وبينما هو كذلك أطلق احد العناصر المجرمة النار على الشهيد سليم وأصابه في منطقة الراس فسقط شهيدا في الحال، وأضاف في حديثه إن تلك الزمر لم تكتفي بذلك بل انها سلبت ممتلكاته الشخصية وأحدثت ضربات في منطقة الوجه والبطن) وتابع قائلا (ان الشهيد متزوج قبل شهر تقريبا من استشهاده).
موقع الروضة الحسينية
https://telegram.me/buratha