وفي حادثة الأسبوع الماضي بادر حرس من مؤسسة «بلاك ووتر» الأمنية، إلى إطلاق النار على عدد من السيارات ليقتلوا على الأقل 11 عراقيا، ويجرحوا ما لا يقل عن 12. ويصر مسؤولون من «بلاك ووتر» على أن حراسهم تعرضوا إلى كمين، لكن شهود عيان وصفوا إطلاق النار بأنه لم يكن نتيجة لاستفزاز ما. واستنتجت وزارة الداخلية العراقية أن «بلاك واتر» كانت على خطأ. وفي مقابلات جرت مع ما يقرب من 10 مسؤولين حكوميين وعسكريين عبر الكثير منهم عن غضبهم وقلقهم بما يخص إطلاق النار في ساحة النسور الواقعة بمنطقة المنصور في بغداد. ويتخوف البعض من أن ذلك سيقوض جهود الجيش الهادفة إلى تحقيق استقرار العراق هذه السنة مع هجوم يشمل آلافا من القوات الإضافية.
وقال مسؤول أميركي آخر: «هذه فوضى كبيرة لا أظن أن أي شخص تمكن من فهمها. وليس من الضروري أن يكون أمرا سيئا أن يواجه هؤلاء الرجل محاسبة. العراقيون يكرهونهم، والوحدات العسكرية لا تهتم بهم بشكل خاص، وهم يعطون انطباعا بما يخص سلوكهم بأنهم يعرفون كل شيء، وهذا يعني أنهم نادرا ما يستمعون إلى أي شخص حتى للأشخاص الذين يقومون بالدوريات على الأرض على أساس يومي». من جانب آخر تساءل مسؤول من وزارة الخارجية تكلم هو الآخر، شرط عدم الكشف عن هويته، عن سبب تحويل المشكلة إلى وزارة الخارجية. وأضاف: «طالما أن لوزارة الدفاع عقودا مع «بلاك ووتر» أكثر منا، بما فيها توفير الحراس الشخصيين لمسؤوليهم، فإن «بلاك ووتر» تحصل على عقود مع وزارة الدفاع أكثر من عقودها مع وزارة الخارجية».
وتلعب شركات أمنية خاصة، دورا مهما في العراق من الحماية الشخصية إلى تأمين القواعد الأميركية وحراسة الجنرالات. وهذا ما يسمح بتحرير الجنود الأميركيين من هذه المهام للتركيز على المهام القتالية، وتأمين المناطق السكنية. وقال الكولونيل المتقاعدة تيدي سبين الذي عمل قائدا للواء من الشرطة العسكرية في بغداد: «أنا شخصيا كنت قلقا حول المدنيين الذين يتحركون في ساحات القتال، حينما كنت أعمل هناك. وقلقي الأساسي كان غياب المحاسبة لشركات الأمن الخاصة، حينما تأخذ الأمور مسارا سيئا».
وفي العراق، كانت عمليات «بلاك ووتر» مثيرة للجدل. ففي عام 2004 أوقع المتمردون أربعة من المتعاقدين مع «بلاك ووتر» في الفلوجة، حيث قتلوا وقطعت جثثهم. وبعد ذلك أمرت قوات المارينز في العراق لغزو المدينة كي تقبض على المعتدين، وهذا ما أثار معركة تعد الأشد في تاريخ حرب العراق. وتشغل هذه الشركة بالدرجة الأولى ميدانيين كانوا يعملون سابقا في القوة البحرية الأميركية. وقال سبين: «إنهم مقاتلون غير ناضجين ويضغطون بسرعة على الزناد. لا يؤمن أي منا أنهم فعلا تعرضوا لمواجهة ما ومسعى أعضائها كان يعتمد على إطلاق النار أولا ثم طرح الأسئلة لاحقا». وقال قائد عسكري أميركي كبير: «الكثير من زملائي يرون أن رجال بلاك واتر، هم في الغالب منفلتون. وهم غالبا يتصرفون هنا وكأنهم رعاة بقر.. ولا يبدو أنهم يلتزمون بقواعد اللعب المفروضة على غيرهم». وقال مصدر من البنتاغون في واشنطن: «نحن فعلا نريد أن تقدم وزارة الخارجية جوابا، وأن تقوم بالتحقيق والوصول إلى توصيات. وهناك من المحتمل القليل من الانفعالات على المسرح». كذلك ظلت تدور بعض المناقشات الخاصة في الماضي، لتحديد ما إذا كان على وزارة الدفاع أن تشرف على عقود وزارة الخارجية الأمنية، حسبما قال مصدر البنتاغون. وهذا يتطلب التزام قواعد وزارة الدفاع للحصول على إجازة العمل وكتابة تقارير عن الحوادث، وأن تكون الإجراءات أكثر صرامة بما يتعلق وقت تفريغ الأسلحة، حسبما قال المصدر. وقال جنرال أميركي ضمن القوة البرية، إن إيجاد طريقة تمكن من محاكمة الشركات الأمنية لارتكابها خروقا هو أكثر أهمية من فرض نظم عليهم. وفي العراق منحت هذه الشركات حصانة تحت الفقرة 17 التي تمت صياغتها من قبل الولايات المتحدة، بعد غزوها للعراق عام 2003. وقال مسؤولون إنهم سيأخذون إجراءات قضائية حالما ينتهي التحقيق الذي تقوم به لجنة تضم 16 شخصا أميركيا وعراقيا.
وقال أحد المحاربين القدماء في العراق: «أظن أن الثقافة العسكرية تقبل حاليا، أننا لا يمكننا خوض الحرب من دون هؤلاء المتعاقدين. أنا لا أتوقع بروز دعوات لمحاكمتهم من داخل المنظمة نفسها. وإذا اتخذ أي اجراء قانوني، فإنه سيكون من كابيتول هيل، أو نتيجة للضغط الذي جلبته الصحافة». وقال ضابط استخبارات: «موت المتعاقدين مع بلاك ووتر ساعد على وقوع معركة الفلوجة في عام 2004، والآن يأتي فقدان بلاك ووتر كي يتسبب في عرقلة الجهود الحربية في عام 2007. لماذا نحن نتسبب في خلق حساسيات جديدة عن طريق الاعتماد بشكل أساسي على قوات مرتزقة؟»
https://telegram.me/buratha
