أطلق الحزب الإسلامي العراقي، الأربعاء، مشروعا اسماه ( العقد الوطني) قال إنه يهدف إلى وضع حد للتدهور المستمر في البلاد من خلال القضاء على شيوع مشاعر الخوف وحالة عدم الثقة المتبادلة بين مكونات الشعب العراقي، وذلك باعتماد مبادئ التوافق والمشاركة في صنع القرار. وأقر المشروع بالعراق الفيدرالي الموحد، وبمشروعية المقاومة الوطنية ضد الاحتلال.
وأكد المشروع، الذي تلاه الأمين العام للحزب الإسلامي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي خلال مؤتمر صحفي عقده في بغداد اليوم على أن "حجر الزاوية في الحل هو التوافق بين العراقيين، بهدف توحيد أو تقريب وجهات نظرهم في الكليات الوطنية، في تحديد شكل عراق المستقبل، وفي توصيف طريقة التعايش داخل إطار الوطن، ورسم ملامح المشاركة: السلطة ومشروعيتها، المصالحة وتفسيرها وأهدافها النهائية، والفيدرالية ومداها."
وقال الهاشمي " إذا كان المطلوب تجاوز العديد من العقبات، من خلال توافقات على مسائل محددة مطلوبة لتحقيق الأمن والاستقرار، فإن مفتاح ذلك هو توحيد الرؤية في مسائل أساسية"، مشيرا إلى أن تجربة العملية السياسية خلال السنوات الأربع الماضية تؤكد الحاجة الماسة إلى مثل هذه المقاربة." ولفت الهاشمي إلى أن " الناشطين سياسيا ترددوا في حسم هذه المسألة حتى هذه اللحظة، رغم أن الحديث كان ينحصر خلف أبواب مغلقة"، وقال "ربما حان الوقت الآن للجلوس حول طاولة حوار صريح، للحديث حول مسائل جوهرية وحساسة."وطرح المشروع (25) بندا، قال إنها تمثل "مبادئ" أساسية، وطالب بتوحيد الرؤى حولها... والاتفاق عليها، كبداية لحل مشكلة العراق.
ومن جملة هذه المبادئ، أن العراقيين "سواسية أمام القانون... لايفرقهم دين أو عرق أو مذهب أو انتماء سياسي، وأن الأصل هو مبدأ المواطنة العراقية... وأن التنوع العرقي والمذهبي والديني، وكذلك الأختلاف في الرأي وفي الرؤية، هي عناصرخير." كما أكد على أنه "لابد من ادانة الجرائم المرتكبة على الهوية، وأن دماء العرقيين وأموالهم وأعراضهم حرام عليهم."
ودعا المشروع إلى " نبذ الغلو والتطرف والتكفير ومحاربته، واحترام حرمة دور العبادة... سواء كانت مساجد أو حسينيات، كذلك أماكن العبادة لغير المسلمين." واعتبر أن المسألة العراقية "شأن وطني" خالص، رافضا التدخل الأجنبي فيه. وأكد في الوقت نفسه الحرص على " تأسيس وادامة علاقات ثنائية متطورة مع دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية ودول الجوار." وشدد مشروع العقد الوطني على أن شرعية من يحكم العراق " تأتي عن طريق صناديق الاقتراع حصرا... ومن خلال انتخابات حرة ونزيهة، وأن لاعودة لنظم الحكم الاستبدادية... ولا شرعية لاغتصاب الحكم بالقوة، ولا تداول للسلطة إلا سلميا."
وفي سابقة هي الأولى بالنسبة للحزب الإسلامي العراقي، أشار المشروع في أحد بنوده إلى "فيدرالية الحكم في العراق"، وقال إن " العراق بلد حر ومستقل، فيدرالي، موحد، تديره حكومة مؤسسات مدنية منتخبة... تحترم القيم والتقاليد الإسلامية، وتحكم وفق معايير العدل والانصاف... فلاجور ولا ظلم ولا تعسف ولا استبداد"، دون أن ينسى التأكيد على "هوية العراق العربية والإسلامية."
لكن مشروع الحزب الإسلامي لفت إلى إن إقليم كردستان "يعبر عن حالة خاصة مقبولة وطنيا"، وأن الشعب الكردي " له خصوصية في إدارة شؤونه وفق الدستور." كما دعا إلى " نبذ العنف والإرهاب بكل أشكاله"، مؤكدا على أن إدارة العراق " تتم بتفاهم وطني، وحل المشاكل العالقة سلميا... وبالتوافق، من خلال العملية السياسية الدائرة حاليا... والعمل على تطويرها وتصويبها"، مشددا على " الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنع التعذيب."
وأكد المشروع على أن " المصالحة الحقيقية هي انعكاس لسياسة ( عفا الله عما سلف ) بحيث تشمل الجميع... بلا استثناء، مقابل إلقاء السلاح... والإيمان بعراق حر ديمقراطي فيدرالي تعددي"، موضحا أن " الشراكة الحقيقية تعني فرص حقيقية أمام الجميع للنهوض بمسؤولياتهم في إدارة الدولة، دون تهميش أو إقصاء... وفي إطار هذا الدستور"، الذي قال إنه "يجب أن يكتب بالتوافق."
وذهب مشروع العقد الوطني أيضا إلى التأكيد على أن " القوات المسلحة العراقية ملك الجميع، وولاؤها للوطن... وليس لحزب أو طائفة أو جماعة"، مشددا على ضرورة أن يكون " السلاح بيد الدولة حصرا، ولايسمح بتشكيل جماعات مسلحة أو ميليشيات لأي غرض كان، إلا وفقا للدستور."
وفي لفتة بارزة أخرى، قال مشروع الحزب الإسلامي العراقي إن " المقاومة حق مشروع لكافة الشعوب المحتلة"، بيد أنه أشار إلى أن " الإرهاب لا يعد مقاومة."
واعتبر الحزب، في مشروعه، الثروات الطبيعية المنصوص عليها في الدستور "ملك لكل الشعب العراقي، وتدار من قبل الحكومة بالتوافق"، ودعا أخيرا إلى أن يوظف الخطاب الإعلامي " لخدمة المصالحة الوطنية."واقترح مشروع العقد الوطني المطروح، إجراءات وطرق لتحقيق الاتفاق حول المبادئ التي جاء بها وأكد عليها، فاعتبر الحزب الإسلامي أن " الاستفتاء العام أحد هذه السبل، أو اتفاق قادة الكيانات السياسية الرئيسية في حوار مباشر، أو اجتماع جماهيري يحضره ممثلو أحزاب ومنظمات مجتمع دولي... وشخصيات اجتماعية ودينية وسياسية مستقلة، داخل وخارج العملية السياسية"، مشترطا "حضور دولي... كالأمم المتحدة، أو إقليمي... كالجامعة العربية، أو بعض دول الجوار... كشاهد وضامن."
وطالب بأن " تمارس الدول أو الجهات الضامنة مهامها في الرصد والتحقق، من خلال لجان مختصة... مزودة بصلاحيات للثواب والعقاب، وأن يصدر بيان يؤكد رغبة الأطراف الموقعة على المشروع الالتزام به، ويحدد له ساعة انطلاق... وسقف زمني متفق عليه."
وأشار الهاشمي إلى أنه سيقوم بزيارة إلى مرجعيات دينية لم يعينها بالاسم، للحوار معها حول المشروع، قائلا: "أنا ربما سأقوم في المستقبل القريب بزيارات إلى مرجعيات محددة للتشاور معها والتحاور معها في هذا المشروع، وبالتأكيد المرجعيات تحظى باهتمام بالغ إضافة إلى المرجعيات السياسية".
وفي معرض الرد على سؤال حول صلة هذا المشروع بمطالب جبهة التوافق أجاب الهاشمي بأن المشروع لا يمثل مطالب جديدة تعرضها جبهة التوافق العراقية كشروط لعودتها إلى الحكومة، وقال: "مشروع اليوم هو بعيد النظر، ولا علاقة له بخلافات جبهة التوافق مع الحكومة. هذا المشروع مطروح على الجميع بضمنهم أطراف موجودة الآن في الحكومة وفي خارجها".
https://telegram.me/buratha