المركز الإعلامي للبلاغ - خاص
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، واصحابه المنتجبين.
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات الافاضل ورحمة الله وبركاته.
يطيب لي ان اتقدم اليكم والى كل ابناء شعبنا والى كل المسلمين بالتبريك والتهنئة بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، سائلاً المولى عزوجلّ ان يوفقنا واياكم لصيامه وقيامه في لياليه وايامه، اسوة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ان شهر رمضان المبارك هو من اعظم الشهور عند الله واحبّها الى رسول الله، فهو الشهر الذي انزل فيه القرآن، وجعل الله فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، ( اِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِنّا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من الف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر).
انه اذن شهر القرآن والبينات من الهدى والفرقان، وهو شهر ليلة القدر والسلام والمغفرة والرضوان، ان شهراً تتجمع فيه كل هذه البركات الالهية النازلة من السماء لجدير ان يدخل في نفوسنا الفرح والسرور والامل، انه شهر يجب ان نستقبله بافضل ما يكون استقبال المسافر العائد من بعد سفر طويل.
ان شهر رمضان الذي تتجمع فيه كل هذه البركات الالهية التي يصفها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم لجدير ان يخلق في انفسنا الاستعداد العظيم لاستقباله، والانس به والشوق اليه، فالطاعة فيه تضاعف الحسنات، وهذا من الالطاف الالهية بعباده المؤمنين.
ايها المؤمنون..
ان اجتماعكم السنوي هذا وبهذه المناسبة الشريفة لهو دليل ادراككم خصوصية وعظمة هذا الشهر الشريف، وهذا ما يدعونا الى التأكيد على اهمية التخطيط ووضع البرامج الخاصة للتعامل معه فهو موسم تتفتح فيه النفوس لقبول الحق ، وتنساق طائعة نحو الارتباط بالله سبحانه وتعالى، وهذا الامر سرّ من اسرار هذا الشهر، ومن هنا كان لزاماً علينا وعليكم التفكير الجدّي باختيار كل الاساليب المشروعة الممكنة من اجل هداية الناس الى الطريق القويم.
انكم تتحملون مسؤولية عظيمة وكبيرة من خلال التزامكم بمسؤولية التبليغ والبلاغ وخصوصاً في هذا الشهر الشريف، وانني هنا اضع بين ايديكم مجموعة من المسائل التي نعتقد بضرورة الاهتمام بها في هذا الشهر الشريف:
1ـ الاهتمام بالدرجة الاولى بالتهذيب الاخلاقي، والبناء الروحي للانسان، فالاخلاق السليمة والايمان بالقضايا الروحية والمعنوية من المقدمات الضرورية لبناء المجتمع الصالح، وعندما نتحدث عن الاخلاق فأننا لا نقصد الاخلاق النظرية فقط وانما لابد من تجسيد الاخلاق العملية في عملية التبليغ والبلاغ، فالمبلّغ يجب ان يكون مصداقاً عملياً للاخلاق العالية، وهي اخلاق الايثار، والزهد والتقوى، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، والمواظبة على العبادات والطاعات، وكفّ اللسان عن الغيبة، والجوارح الاخرى عن ارتكاب الحرام، ولا بأس من نقل قصص الماضين من العلماء والصلحاء، وهي القصص التي نتوخى من نقلها حصول العبرة والاعتبار.
2ـ الاهتمام ببيان الاحكام الشرعية من فقه المعاملات والعبادات،مع تخصيص الوقت المناسب للمسائل التي يبتلى بها المؤمنون عادة في شهر رمضان المبارك.
3ـ الاهتمام بعقد مجالس القرآن الكريم، تلاوة، وتحفيظاً، وتفسيراً، فالقرآن ربيع القلوب، وعليكم تقع مسؤولية تشجيع المؤمنين على تلاوة القرآن والتدبّر في احكامه ومعانيه دائماً وليس فقط خلال موسم شهر رمضان المبارك.
4ـ التدبر في السيرة النبوية الشريفة وسيرة ائمة اهل البيت عليهم السلام، واستخلاص الدروس والعبر منها، فالسيرة النبوية وسيرة ائمة اهل البيت عليهم السلام تفتح امامنا آفاقاً واسعة من اساليب التعامل مع الحياة وتقلبات الزمان، وتشخيص المراحل التي تمر بها الشعوب والامم، والموقف من كل مرحلة من المراحل،فحياة الرسول والائمة الطاهرين ومواقفهم تمثل لنا غنى في التنوع والتشخيص.
5ـ احياء المناسبات الدينية والتاريخية العديدة الموجودة في هذا الشهر الكريم وبالصورة المناسبة وابتكار الاساليب والمشاريع التي تجعل من وجود المبلّغ وجوداً نافعاً على المستوى العملي وليس فقط على مستوى بيان الاحكام، وانما ايضاً على مستوى توثيق عرى الاخوة الانسانية، وصلح ذات البين بين المتخاصمين، ومساعدة المحتاجين، وثوثيق عرى التضامن الاجتماعي، واجراء المسابقات التي ترفع من مستوى الوعي الديني والثقافي، والمشاريع التي ترفع من مستوى الاحساس بالمسؤولية الفردية والاجتماعية تجاه ما يجري في البلاد، وغير ذلك من الامور التي لا تكلف المبلّغ سوى الجهد في التفكير في البحث عن الاساليب الناجحة في العمل بعد تشخيص الاحتياجات بشكل صحيح.
6ـ الاهتمام ببيان ما يجري في البلاد، واعتبار ذلك الاهتمام من المسؤليات الفردية والاجتماعية للجميع، وعدم الاكتفاء بدور الساسة والزعماء والقادة، فهؤلاء ايضاً يحتاجون الدعم والمساندة من الشعب وهم يؤدون دورهم على مختلف الاصعدة، وتحفيز الجمهور على المطالبة بحقوقهم، في اطار القانون والمحافظة على النظام العام خصوصاً وان نظرية الحكم في العراق تعتمد على ارادة الشعب وبالتالي لابد من ان يعى الشعب ما يدور حوله حتى يتخذ القرار والموقف المناسب.
7 ـ تشجيع الناس على الوقوف الى جانب الحق والدفاع عنه، وعدم الاكتفاء بالرفض القلبي للباطل، بل لابد من الوقوف امام كل ماهو باطل، وعدم القبول به، بل ومقاومته، والاعلان عن ذلك الرفض وعدم القبول، لان السكوت عن الحق يشجع اهل الباطل على الاستمرار بغيهم وباطلهم، ولن ينعكس ذلك على المجتمع الاّ سلباً، حيث تضيع الحقوق، وتهدر الكرامات والارواح وتسفك الدماء.
8ـ ان امن العراق واحد لا يتجزأ، ولذلك فأن الحفاظ على امن مناطقنا هوحفاظ على امن العراق، ومن هنا يجب الانتباه الى كل الاعمال التي من شأنها ان تزعزع الامن في مناطقنا ويجب ان تعتبر خطاً احمراً لايجوز تجاوزه وفحالة اللامن هدف لاعدائنا يسعون بشتى الوسائل تحقيقها وبالتالي لابد على الجميع عدم التهاون مع كل من يحاول العبث بأمن المواطنين في أي منطقة كانت، ولابد من الوقوف بحزم ضد كل من يحاول زعزعة الامن او الاعتداء على ارواح او ممتلكات الناس او ايجاد حالة من الارهاب او الخوف او عدم الاستقرار .
9ـ التثقيف الواسع على حرمة الدماء والتحذير من سفكها، والاشارة الى الآيات القرآنية الشريفة المحذرة من القتل بغير الحق و انها من اكبر المعاصي، وان مصير مرتكبيها الخلود في النار (من قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها) والاشارة بهذا الخصوص الى الجرائم الكبيرة التي ترتكب ضد الابرياء او بسبب الاختلافات السياسية، وما حصل من عمليات اجرامية بحق محافظ الديوانية و مدير شرطتها ومحافظ المثنى وتوضيح ان التشيع الحقيقي لاهل البيت عليهم السلام هو الالتزام بتعاليمهم واخلاقهم عليهم السلام، وان قتل الناس والابرياء وحتى الخصوم السياسيين ليس من اخلاق اهل البيت عليهم السلام.
10ـ بيان ان مرجعيتنا الدينية وشعائرنا الدينية تتعرض لمؤامرة كبيرة، وما يحصل من اغتيالات لوكلاء المرجعية الدينية ومعتمديها خلال الآونة الاخيرة اوضح مصداق على هذه الحقيقة، فهذه الاغتيالات يراد بها اسكات صوت المرجعية الرشيدة المتصدية لتوحيد العراقيين وهي مرجعية الامام السيد علي السيستاني (دام ظله العالي)، وكذلك التعديات غير المبررة على مكاتب ومقار مؤسسة شهيد المحراب والمجلس الاعلى ومنظمة بدر وغيرها من القوى السياسية والمؤسسات المدنية. هذه المنظمات التي قاومت النظام الصدامي لاكثر من عقدين من الزمن وضحت من اجل العراقيين، وعملت في فترة ما بعد السقوط للحصول على بعض الحقوق السياسية والاجتماعية لمصلحة العراقيين وتثبيت النظام السياسي الحالي. كما ان ما حدث في الزيارة الشعبانية من اعتداء صارخ على حرمة المدينة المقدسة وقدسية المناسبة والذي لم يحدثنا التاريخ نظيرا له كانت دليلاً واضحاً على ان الفاعلين كانوا يهدفون الى ارتكاب جريمة كبرى ضد حرمي الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام، وهذا الامر يضاعف من مسؤولية الجميع في الدفاع عن شعائرنا وتنزيهها من اعمال العنف والشغب التي يحاول البعض من خلالها افراغ هذه الشعائر من مضمونها العبادي الذي نتقرب به الى الله سبحانه وتعالى.
11ـ ان بناء العراق واعادة اعماره ليس بالامر الهيّن، وخصوصاً مع وجود هذه المؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاول منع العراق من استعادة امنه واستقراره وعافيته، ولكن هذا لايعني القبول بالوضع الحالي على ما هوعليه، بل لابد من المطالبة بتحسين الاوضاع، على مختلف الاصعدة، ويعني ايضاً ان الجميع مسؤول عن تحسين الاوضاع كلٌ من موقعه وبنسبته، ولابد من الصبر والمصابرة والتحمّل.
اسأل الله تعالى ان يوفقكم في اعمالكم في هذا المؤتمر ، وان يوفقنا واياكم لخدمة شعبنا العزيز، وان يمنّ علينا بقبول الاعمال والطاعات في هذا الشهر الشريف، وان يحفظ مراجعنا العظام ، وان يمنّ على العراق بالنصر على اعدائه الداخليين والخارجيين، وان يمن على شهدائنا الابرار بالرحمة والرضوان، انه سميع مجيب الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السيد عبد العزيز الحكيم
https://telegram.me/buratha