وقد ألقى سماحة السيد عمار الحكيم كلمة قيمة تطرق فيها الى العديد من الجوانب والموضوعات المهمة المتعلقة بالعمل الدبلوماسي حيث بين سماحته للحاضرين اهمية عمل السفير والمسؤولية الكبيرة التي يتحملها لأنه يمثل شعبه والدولة التي ينتمي اليها واعتبر سماحته ان السفير العراقي يمثل العراق بكل ما يحمله من ثقافة وعمق حضاري وتأريخ طويل يمتد على مدى التأريخ .
مؤكدا على ان الصعوبات والعقبات التي تمر بها البلاد تجعل السفير يلاقي جملة من الإشكاليات فيما ينقله وما يعكسه من الواقع ،كذلك ركز سماحته على الكثير من القضايا المهمة والخاصة بعمل السفراء العراقيين ، وكيفية تعاملهم مع الجاليات العراقية ومع الدول التي يعملون على اراضيها . وفيما يلي نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
ان السفير هو ذلك الشخص الذي يمثل شعباً ودولة ينتمي اليها ، ولا شك ان من يمثل العراق بكل ما يحمله من ثقافة وعمق حضاري يمتد في بطون التاريخ ، ومواقف شريفة ونبيلة لهذه الامة ، وهذا الشعب يتحمل مسؤولية كبيرة وعلى السفير ان يعكس هذه الصورة وكذلك فان الصعوبات والعقبات والظروف التي تمر بها البلاد تجعل السفير يلاقي مجموعة من الاشكاليات فيما ينقله وما يعكسه من الواقع ومن الحقيقية .
اذا ما هي الرسالة التي نحملها والتي يجب ان نوصلها وننقلها الى الاخرين ونحن ـ سفراء العراق ـ بالتاكيد فان كل منا لابد ان يكون له لون لأنه عراقي اولاً وآخراً ، ولكنه جزء من هذا الواقع وينتمي الى لون من هذه الالوان الطيبة والتي اعبر عنها بباقة الورد العراقية التي تمتزج بها هذه الالوان والروائح الزكية لتتحول الى مشهد يثير الاعجاب ، وهذه قوة في العراق ان تكون فينا الوان وان تكون فينا حالة من التعددية اذا وظفناها وأستثمرناها استثماراً صحيحاً .
اذأ ما هي الرسالة التي يجب ان ننقلها هل هي رسالة اللون الذي نتشرف بالانتماء اليه ؟ ام رسالة الوطن الموحد ؟ رسالة العراق العزيز الذي ننتمي اليه . وقد يسأل سائل هل ان للعراق رسالة موحدة اليوم لكي ننقلها الى العالم وهناك آراء متضاربة وتقييمات متعددة لمجمل الاهداف الاساسية , ماذا نقول وكيف ننطلق من رؤية واحدة لاسيما ان الواقع العراقي لم يتوحد بعد في أولوياته ونظرته ورؤيته للأمور ، وهي بالحقيقة جزء من الاشكالية والصعوبات التي تواجهنا ولكنني اعتقد ان المشتركات و نقاط القوة كبيرة ويمكن ان تكون مورد اهتمام وتركيز في خطاب السادة الافاضل والمساحات التي يتحركون فيها .
الجانب الاخر في موقع السفارة هو طبيعة المساحات والاطراف التي نتواصل معها وانا على قرب ومتابعة لما يجري في سفاراتنا العزيزة والجهد الطيب والكريم الذي يبذل هناك ، ومن السفارات من اعطت اهتماماً اكثر واكبر للجالية العراقية ، والعراق يمثل البلد الاول في اعداد النازحين مما يعني ان هناك جالية كبيرة وضخمة خارج البلاد ونحن نتحمل مسؤولية مهمة في التواصل معها وتعزيز اواصر العلاقه فيما بينها في فتح الابواب ومد الجسور اليها وقد تتكون انطباعات لدى الجالية من هذا السفير او ذاك لطبيعة الظروف وطبيعة الاحتقانات ، وهذه الجالية حينما تنظر الى السفير على انه منسجم معها في لون او قد يختلف معها قد تشكل انطباعات مسبقة مما يجعل المهمة اصعب في ردم هذه الهوة والانفتاح على تلك الجالية بكل تلاوينها وبذل الجهود الكبيرة من اجل تعزيز اللحمة في خارج البلاد ، وهو جهد مشترك نبذله في الداخل وانتم تبذلونه في الخارج .
ان الاهتمام بالجالية وحل مشاكلها وأشعارهم بالثقة الذي قد يبدأ احياناً حتى من العاملين والموظفين المحليين في السفارة لان الناس تنظر وترصد وتكتب ، فالسفير الذي في الدولة الفلانية من اللون الفلاني ولكن هناك عددا من الموظفين ايضاً من ذلك اللون او من اللون الاخر وهذا هو السؤال المهم الذي يطرح ويتابع ويراقب ، فمن حق كل سفير ان يختار فريقاً منسجماً معه في العمل وكلنا نعمل وندرك الظروف في العمل الاداري وما يتطلبه من تكوين فريق متجانس ولكن هذه التعقيدات احياناً تفرض علينا ان ننظر الى تلك الجالية بكل تلاوينها وكيفية زرع الثقة والذي يبدأ من طبيعة التركيبة وفريق العمل انتهاءاً بالكثير من التفاصيل الاخرى . فأحياناً سعادة السفير يستقبل مجموعة من الناس ولا يستقبل مجموعة اخرى ولعله يكون مشغولاً في الساعة الاخرى ولكن سرعان ما يفسر هذا العمل بتفسير آخر ، وسعادة السفير يحضر المناسبة الفلانية ولم يذهب الى الاخرى وقد يكون معذوراً وله مبرراته في ان يذهب الى الاولى لا يذهب الى الثانية ، ولكن في هذه الظروف التي نعيشها كل هذه الامور لها حساب وتدخل في عملية التقييم الذي تقيمه الجالية والناس ، مما قد لا يعانيه السفراء في البلدان الاخرى وفي ظروف استثنائية هذه نتحمل المسؤولية معاً فالمتصدين في داخل البلاد يتحملون مسؤولية كبيرة في اعطاء رسائل ودية وايجابية ومراعاة حالة من التوازن لتعزيز الوحدة الوطنية ، وقد نكون نحن في السفارات مضطرين ايضاً لملاحظة امور من هذا القبيل ،كما ان هناك مساحات اخرى للتواصل مع الحكومات التي نتملك سفارات على ارضها من الخارجية والوزارات الاخرى والاحزاب السياسية والشخصيات البرلمانية المؤثرة وكذلك المؤسسات الاعلامية ، لأنها محطة مهمة وكلام السفير العراقي مسموع لأن الكل يبحث عن رؤية متوازنة وموضوعية منه ووجهة نظره تجاه العراق ، فهل ياترى نستطيع استثمار هذه الفرصة بالمستوى المطلوب ؟ وبالتأكيد فان هناك مستشار اعلامي في السفارة وهناك ايضاً آليات ولكن لدي شعور بأننا لو جعلنا هذه الامور من أولوياتنا لكان بالأمكان ان نطور هذا الاداء ونكون امام اطلالة اوسع في المساحة الاعلامية في مختلف البلدان مما قد يساعد على ايصال الرسالة المتوازنة عن العراق وعن الحكومة العراقية عبر الاتزان الطيب لسفرائنا الكرام .
هناك السفارات والسلك الدبلوماسي للدول الاخرى فأذا كانت الحكومة في بغداد منشغلة في الكثير من الاشكاليات ووزارة الخارجية بالرغم من جهدها المشكور لا تستطيع ان تغطي كل المساحات وان تردم كل الهوة وان تعالج كل الاشكاليات .
اذا فليكن كل منا صوتاً يساعد على تكوين وتعزيز انطباعات متوازنة عن الشعب العراقي مما يسهل المهمة داخل البلاد للأخوة المتصدين هنا في المركز . وهذه المساحة اعتقد انها لم تول الاهتمام والرعاية والاولوية بمستوى واحد في مختلف سفاراتنا وكلنا امل في ان نشهد التطور المتزايد في هذا المجال .
اذاً هذه مساحة مهمة وهي بالتأكيد معروفة لديكم وموضع اهتمامكم وكلنا امل في ان نشهد تطوراً ملموساً ومحسوساً في هذا الاطار والجانب الاخر هو التسهيلات التي تتوقعها والجالية العراقية من سفاراتنا فهناك مطاليب واقعية وهناك مطاليب خارجة عن الصلاحيات و هناك اجراءات تحتاج الى وقت طويل ولعل الناس لايتفهمون الظروف والتعقيدات التي نواجهها لذلك علينا بذل المزيد من الجهد في اقناع الحكومة المركزية ومفاصل العمل هنا لأتخاذ إجراءات أسرع وإقناع الجالية بطبيعة الظروف وأستخدام الصلاحيات ضمن الممكن في حل الإشكاليات وكلنا نعرف اننا حينما نقرر ان نعالج ننظر نظرة وحينما نضع القضايا في المقاييس القانونية الحديدية سيكون التعامل بشكل آخر ، لذا يجب ان يكون هناك اهتمام منا جميعاً بحل مشاكل الناس ومعالجة قضاياهم مما سيعطي ويكرس انطباعاً ايجابياً لديهم اما فيما يخص الشأن الداخلي ، اعتقد ان حجم المشكلة احياناً يمنعنا من استحضار عناصر القوة في مشروعنا وفي تجربتنا السياسية ، وقد سألني احد الدبلوماسيين الغربيين قبل فترة قائلاً هل هناك امل في نجاح المشروع العراقي القائم ؟ اجبته : انا اعتقد ان السؤال يحتاج الى اعادة صياغة ، قلت : بعناصر القوة الموجودة لمشروعنا في العراق لابد ان نسأل مع وجود عناصر القوة هذه لماذا لا ننجح ولماذا لا نحسم الموقف في مسألة الاستقرار وتعزيز اللحمة الوطنية ، وحل الاشكاليات ونحن نمتلك في العراق قاعدة جماهيرية عريضة تؤمن بالعملية السياسية هبّت الى صناديق الاقتراع ولازالت حتى هذه اللحظة على الرغم من الضغوط والعنف وضعف الخدمات لا زالت مستعدة لكي تقدم وتضحي وتتواصل وقد لاحظنا الحشود المليونية التي تحضر في المناسبات المختلفة وهذا ما لانجده في دول مستقرة تعيش حالة من الرفاهية الى حد كبير ، هذه القاعدة المؤمنة بالمشروع السياسي تمثل اهم نقطة من نقاط القوة كذلك وجود القيادات الناضجة والحكيمة ومن مختلف الالوان التي يتمتع بها الواقع العراقي ، فهذه القيادات الطيبة تمثل ايضا نقطة من نقاط القوة المهمة . الجانب الاخر الرؤية تجاه ما نريد فعله فكل الاطياف العراقية نجدها مجتمعة ومتفقة على بيان حكومة الوحدة الوطنية الاشكاليات ليست في هذه الرؤية وهذا البرنامج وانما يقع الاشكال احياناً في تفاصيل التطبيق وهذا ايضاً يمثل نقطة حيوية ومهمة .
العنصر الرابع المهم من عناصر القوة هي الثروة ، فنحن نمتلك ثروة هائلة وكبيرة وأستطاعت ان تحقق الكثير كما نستمع الى تقارير وزارة التخطيط والمالية والبنك المركزي . فبوجود قيادات حكيمة وقاعدة جماهيرية ورؤية واضحة لما نريد فعلة وثروة كبيرة تمكننا من فعل ما نطمح اليه هذه هي عناصر القوة المهمة والكبيرة .
أذاً اين المشكلة ؟ المشكلة تكمن في ازمة الثقة والهواجس ، فالبعض منا يعيش هواجس الماضي ويرغب في ان لا تتكرر ، والبعض الاخر يعيش هواجس المستقبل ويخشى ان يبتعد عن الماضي باتجاهات مختلفه ، والبعض يعيش الهاجسين معاً وهذه قضايا واضحة ومعروفة ، اذاً لابد لنا ان نتجاوز أزمة الثقة وكلما كثرت اللقاءات والحوارات كلما تبددت هذه الهواجس تدريجياً . وانا اعترف واقول اننا لا نحسن اختيار المفردات في بعض الاحيان واختيار الصياغات والعبارات للتعبير عن ما نريده او نقصده ، وهكذا تزداد المشاكل هنا وهناك فنحن بحاجة الى تعزيز الثقة والشراكة وان لا يخشى بعضنا من البعض الاخر .
https://telegram.me/buratha