رفض الرئيس العراقي جلال الطالباني الجمعة تجميد جبهة التوافق العراقية عضويتها في الحكومة العراقية، وتهديدها بالانسحاب منها، في حال لم تجر تلبية مطالبها في غضون أسبوع، متهما بعض أعضائها بالإرهاب.
وقال الرئيس الطالباني في لقاء مع قناة الحرة : كان بودي أن يقدم الأخوة في قيادة جبهة التوافق هذه المطاليب والبيان بشكل مذكرة إلى المجلس الرباعي، إلى المجلس السياسي للأمن الوطني، إلى قيادة الأحزاب العراقية القريبة من بعضها البعض، وأن تدرس هذه المذكرة بصورة جدية في ما بين هذه القوى. إن هذا الموقف غير مقبول". وشدد الرئيس الطالباني على أنه كان من الأجدر بأعضاء جبهة التوافق مراعاة دورهم وواجباتهم، إلى جانب حقوقهم في هذه الحكومة قبل اتخاذ هذا الموقف.
وتحدث سيادته عن تورط بعض أعضاء كتلة التوافق بالجماعات الارهابية المسلحة، وقال: " لا بد من الأخوة الذين يطالبون بـ 12 مادة من الحقوق سواء كانت منطقية أو غير منطقية أن يراعوا أيضا دورهم وواجباتهم بجانب حقوقهم في هذه الحكومة. ثم نقطة ثالثة مهمة وهي توجد اتهامات قضائية ضد بعض العناصر أو القادة في جبهة التوافق من حيث القتل: قتل المواطنين ومن حيث الاسهام مع الإرهابيين في بعض العمليات". "لدينا أسماء مثل الشيخ عبد الناصر (الجنابي). شيخ عبد الناصر كان يشترك في البرلمان، ويؤيد المقاومة. ورئيس الوزراء ذهب إلى المجلس (مجلس النواب) وقال لدي وثائق فاحتج أخواننا في قيادة جبهة التوافق، إلى أن ذهب هو (الشيخ عبد الناصر الجنابي) إلى عمان وأعلن استقالته وأعلن انضمامه إلى من يسميهم هو بالمقاومة". ولدى سؤال الرئيس الطالباني في ما إذا كان يطلب من جبهة التوافق أن تتبرأ من أعضائها الضالعين بنشاط مسلح، أجاب:" نعم، بكل تأكيد. وإلا كيف يمكن أن يكون واحد مشتركا في المسيرة الديمقراطية والحكم ثم يكون مع أعداء الحكم".
واستغرب الرئيس العراقي من موقف خلف العليان، وقال:" الشيخ خلف العليان أعلن صراحة أنه سيحمل السلاح ضد الحكومة إذا لم تتحقق المطالب. هل هذا قول يقال من قبل نائب في المجلس...". وفي معرض الرد عن سؤال حول مطلب جبهة التوافق بإطلاق سراح المعتقلين، قال الطالباني: أولاً بشأن العفو العام الذي يطالبون به. العفو العام إذا كان يشمل التكفيريين والإرهابيين فأمرٌ مرفوض تماماً. لا يمكن أن نعفو عن الذين يقتلون الآلاف بالسيارات المفخخة، ولا الذين يكفرون الشعب العراقي كله، الذين اعتبروا العرب الشيعة وهم أكثرية روافض، والكرد خونة والعرب السنة الخارجين عن إرادتهم مرتدين. فمثل هؤلاء لا يمكن العفو عنهم. كذلك لا يمكن العفو عن الذين ارتكبوا جرائم قتل ضد القوات العراقية وقوات التحالف، أقصد في هذه المرحلة".
ومضى الرئيس الطالباني إلى القول: "أما في مرحلة استتباب الأمن والقضاء على الإرهاب. فيمكن أن نفكر جدياً في عفو عام يشمل ما عدا هؤلاء كل الذين حتى حملوا السلاح ضد الحكومة أو قاتلوا الحكومة أو عارضوا الحكومة أو ارتكبوا مخالفات أو جرائم لا تصل حد القتل، قتل المواطنين. آنذاك يكون مبدأ العفو مقبولاً ومطلوباً. أما الآن فالعفو العام يعني زيادة عدد الإرهابيين، تشجيعهم على ارتكاب الجرائم بأنه إذا أقتل وأفخخ وأرسل السيارات المفخخة وبعد شهرين يصدر العفو عني".
وفي ما إذا كانت جبهة التوافق تريد إطلاق سراح هؤلاء أجاب الرئيس العراقي: "ما أدري، أنا لا أدري. إذا كانوا يقصدون هؤلاء فهذا المطلب مرفوض. وإذا كانوا يقصدون به العراقيين الذين لم يرتكبوا جرائم واعتقلوا فهذا مطلب عادل، وأنا أؤيده. وأنا أيضاً في المجلس الرباعي والمجلس السياسي رفعت صوتي وكذالك في المقابلة مع الجنرالات الأميركان طالبت بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم تُوجه اليهم تهم ثابتة".
وحول أسباب بقاء كثير من المعتقلين في السجون من دون محاكمة بين الطالباني: " نعم، لنتكلم في هذا الموضوع. أنا كُلفت في المجلس الرباعي باعتباري أنا المحامي الوحيد في المكتب بتعقيب هذه القضية. وأنا خابرت أخي وزميلي في الكلية الأستاذ مدحت محمود رئيس القضاء. الرجل تفضل وتكرم وزارني. اتفقنا معه على الإسراع في إطلاق سراح الذين لم تُوجه لهم تهمة حقيقية، وبالتالي اتفقنا على زيادة عدد الهيئات التحقيقية من 8 إلى 20 او 25 هيئة تحقيقية تقوم بدراسة قضايا المعتقلين وتقوم باطلاق سراح كل الذين لم تُوجه لهم تهمة حقيقية وبالسرعة الممكنة. هذا يعني فعلاً الإسراع في إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء. يوجد عدد كبير منهم. أنا أعرف ذلك. لذلك فإطلاق سراح هؤلاء هو مطلب معقول أخواني يطالبون به وأنا شخصياً أؤيد هذا المطلب."
وتطرق الرئيس الطالباني إلى المطلب الثاني من مطالب جبهة التوافق بقوله: "المطلب الثاني الالتزام الصارم بالإعلان الدولي لحقوق الإنسان. هذا هو حق من حقوقهم ومن حقوق كل مواطن عراقي. إيقاف المداهمات والاعتقالات والممارسات غير القانونية. أيضاً مطلب عادل ومشروع، ويجب الاستجابة لهذا المطلب بسرعة حتى إذا لم يطالبوا به، ولم يصروا عليه ولم يشترطوه، فهذا مطلب عادل. المطلب الثالث مقبول عموماً مع التدقيق في المسائل التي وردت فيه".
وعن مطلب التوافق المتعلق بوقف تدفق دمج المليشيات بالقوات الأمنية العراقية أوضح الطلباني: "الحكومة العراقية قاتلت الميليشيات. من الذي قاتل جند السماء في كربلاء والنجف الأشرف: الشيخ خلف أو نوري المالكي؟ من الذي تصدى إلى الميليشيات المنسوبة إلى جيش المهدي: نوري المالكي أو خلف العليان؟ لنكن واقعيين. أمامنا نجد الحقائق والوقائع على الساحة، لذلك لا نستطيع أن ننكر بعض الحقائق الصارخة في المجتمع العراقي. لكن إيقاف دمج الميليشيات بالقوات المسلحة مطلب عادل.
يبقى موضوع اخر. هم يطالبون بعدم تسيّس القوات المسلحة وإبعاد الحزبيين عن المراكز القيادية. أولاً عدم تسيس قيادة القوات المسلحة مطلب عادل. أما إبعاد إنسان من قيادة القوات بتهمة كونه حزبياً وفي نفس الوقت المطالبة بإعادة كل الضباط الصداميين إلى الجيش العراقي شيء متناقض".
وأضاف الطالباني: "لماذا يُسمح لضباط من الجيش العرقي الصداميين كانوا يتبعون أوامر صدام حسين في مذابح الأنفال في كردستان وفي ذبح الالاف في الجنوب يجب أن يعودوا، أما المناضلون الذين ناضلوا سنين عديدة ضد الدكتاتورية وقدموا جداول من الدماء ضد هذه الدكتاتورية فهم محرومون. اليس هذا كيلاً بمكيالين؟".
وحول اعتراض التوافق على ما تشير إليه من غبن العرب السنة في التعيينات في المناصب المدنية والعسكرية قال الطالباني: " أولاً نحن نتحدث عن القوات المسلحة وليس عن سفير أو غير سفير. أنا أعطيك إحصائية في الجيش العراقي عندي. المغدورون في القوات المسلحة العراقية هم الكرد فقط. ضباط الجيش العراقي 44% منهم من العرب الشيعة، 42% منهم من العرب السنة، 9% من الكرد، بينما نحن نسبتنا في العراق أكثر من العرب السنة كما اثبتت الانتخابات. لكن هنالك اعتراضات على أشخاص معينين من العرب السنة. مثلاً وزير الدفاع عربي سني، ليس شيعياً أو كردياً لكنهم يريدون اقالته، لأنهم غير راضين عنه. فالمسالة ليست مسالة اعداد المساهمين، بل نوعية المساهمين. وهم في بعض الأحيان على حق. أنا أعرف أن الأستاذ طارق الهاشمي. الرجل لا يريد أعضاء حزبه في القيادة العسكرية، وإنما يريد ضباط أكفاء يستطيعون أداء المهمة بحيادية وهذا حق. وأنا دائماً أؤيده كما يعرف الأخوان".
وعن مطالب الجبهة الأخرى تحدث الطالباني قائلاً: "مسالة أخرى الملف الأمني، المادة الخامسة من مطالبهم. المسالة وطنية تعني الجميع وينبغي أن تُدار من قبل الجميع. هذا صحيح. هذه مسالة ليست خاصة بحزب أو بطائفة ... أنا أؤيد هذا المطلب أيضاً.
المادة السادسة تحقيق المشاركة في القرار الوطني. أيضاً هذا المطلب السادس مشروع وعادل ومعقول.
المادة السابعة العمل على إعادة المهجرين. هذا أيضاً مطلب عادل ومشروع وأنا أؤيده.
المادة الثامنة اختيار العناطر النزيهة والكفوءة القادرة على خدمة البلاد وفق معايير الهوية الوطنية. أيضاً المطلب عادل وأنا أؤيده.
المادة التاسعة السماح لهيئة النزاهة بملاحقة المشبوهين والمرتشين والتوقف عن حماية هؤلاء بذرائع شتى. أيضاً مطلب عادل ومشروع وأنا أؤيده".
وأقر الطالباني بوجود تقصير في عمل الحكومة قائلاً: "نعم، نعم. يوجد تقصير في أداء الحكومة، ويوجد خلل في مجموعة من المسائل. مثلاً في لجنة اجتثاث البعث، لقد اعترضنا مراراً على الغلو في استعمال بعض الصلاحيات أو في بعض المواد القانونية. وهذا أنا أقره وأعترف به، وحتى السيد رئيس الوزراء والأخوان في الائتلاف الوطني كالأستاذ عادل عبد المهدي يقر بذلك. ونحن نسعى لمعالجته".
وعلق الرئيس الطالباني على التداعيات التي ستحدث على العملية السياسية في حال انسحبت جبهة التوافق قائلا: "الأخوة في التيار الصدري والأخوة في حزب الفضيلة عندهم 45 مقعداً. أي بمقعد واحد أكثر من جبهة التوافق التي لديها 44 مقعداً، انسحبوا ولم تقم القيامة. أنا طبعاً أعتبر عدم وجود ممثلين حقيقيين للعرب السنة في الحكومة وخاصة الحزب الاسلامي العراقي نقص كبير وخلل كبير في الحكم.
أنا دائماً اشبه العراق بمثلث قائم على ثلاثة قوائم: العرب الشيعة، العرب السنة، الكرد. إذا قائمة من هذه القوائم سقطت فالقائمتان الأخريتان لا تستطيعان البقاء فلذلك لا سامح الله إذا انسحب الأخوة من الحكومة، ولم يتم اقناعهم بالعودة فهذه تكون، لا أسميها كارثة، بل يكون هذا الانسحاب ضاراً بمصلحة العراق ونقصان للحكومة. يعني أعتقد آنذاك أنه نحن نسعى لإقناع هؤلاء الأخوة بعدم الانسحاب، وبأن نتكلم معهم بصراحة، وأن نلبي مطالبهم العادلة، وأن نطلب منهم التزاماتهم بالمقابل "
وفي ما يتعلق بالجدل السياسي في واشنطن حول سحب القوات الأميركية من العراق أكد الطالباني أنه غير قلق حيال ما وصفه بالصراع السياسي داخل الولايات المتحدة حول وجود القوات الأميركية في العراق لسببيْن أساسيْن:
"أولا أعتقد أن الانسحاب السريع القريب غير وارد. فما دام الرئيس جورج بوش فسيبقى الأميركيون في العراق. ثانيا حتى إذا تبدلت الإدارة وجاء الحزب الديموقراطي، فإن الحزب الديمقراطي الأميركي لن يقبل بالهزيمة، فهو سيحاول الانسحاب بطريقة تدريجية".
وفي ما يتعلق بالسبب الاخر ، قال الطالباني:"نحن لدينا القدرة والقوات المسلحة والتأييد الجماهيري الكافي للحفاظ على النظام المنتخب". وأكد رئيس الجمهورية جلال الطالباني على أن حكومة نوري المالكي تحظى بدعم جماهيري كبير، مشيرا إلى استعداد فئة كبيرة من الشعب العراقي للدفاع عن النظام الجديد إذا اقتضى الأمر .
https://telegram.me/buratha