نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن احد شيوخ الفلوجة الذين يتفاوضون مع المجموعات المسلحة تأكيده فشل المفاوضات و"تخليهم عن اخر فرصة بحل سلمي"، فيما اكد عدد من سكان الفلوجة ان الارهابيين يحكمون قبضتهم على السكان ويقيمون محاكم شرعية.
وقالت الصحيفة ان الافاً من سكان الفلوجة فروا في الايام القليلة الماضية، خوفا من تزايد الاوضاع سوءا بعد فشل المفاوضات بين زعماء محليين ومسلحين جهاديين لانهاء الازمة التي دامت اسابيع، حسب ما قال قادة من المدينة للصحيفة.
ولفتت الصحيفة الاميركية الى ان اتفاقا مبدئيا يقضي بالسماح للشرطة المحلية ومسؤولين اخرين بالعودة الى المدينة قد انهار يوم الاحد بعد ان عمد ارهابيون يسيطرون على المدينة منذ بداية الشهر الجاري، الى اختطاف شيوخ عشائر وامام جامع لمدة وجيزة بينما كانوا يتفاوضون معهم، حسب ما قال للصحيفة اشخاص اشتركوا بالمفاوضات في الفلوجة.
ولاحظت الصحيفة الاميركية ان المفاوضات المتعثرة بدت انها تترك المالكي امام خيارات قليلة، بينما تتواصل الاصابات الثقيلة في صفوف القوات الحكومية خلال الصراع.
زعيم من الفلوجة مشترك بالمفاوضات الرامية الى انهاء الازمة، وهو الشيخ مجيد الجغيفي، قال انه ومفاوضين اخرين قد اقنعوا الحكومة بعدم قصف المدينة في اثناء محاولتهم التفاوض مع المسلحين.
وفي لقاء الجغيفي مع مسلحين في يوم الاحد، قال انه حذر المسلحين من عدم اعطاء الجيش عذرا لمهاجمة المدينة، وطلب منهم سحب مسلحيهم من مركز مدينة الفلوجة الى الضواحي والسماح لقوات الشرطة، الذين طردوهم بعد الاستيلاء على المدينة، بالعودة الى وظائفهم. وبعد نقاش كثير مع المسلحين، "وافق المسلحون في النهاية،" كما قال الجغيفي.
لكن بعد دقائق قليلة، حضر مسلحون بحوالي 12 عجلة الى الاجتماع واحتجزوه مع ثلاثة من المفاوضين، من بينهم إمام من المدينة. واقتيد الاربعة الى محكمة اسلامية اقامها المسلحون وحققوا معهم، حسب ما روى الجغيفي.
واشار المسلحون، الذين اختطفوا الجغيفي وزملاءه، الى انهم ينتمون الى مجموعة مسلحة مختلفة عن تلك التي ينتمي اليها اولئك الذين كان الشيوخ الاربعة يتفاوضون معهم، وقالوا لهم انهم لن يسمحوا لقوات الامن في المدينة بالعودة الى وظائفهم.
وقال احد المسلحين للجغيفي ان "المدينة تحت حمايتنا،" ووجه له وللشيوخ الاخرين توبيخا شديدا على اصطفافهم مع الجيش "الايراني" ـ في اشارة الى حكومة المالكي .
وعلقت نيويورك تايمز بان فشل هذه المفاوضات كان ضربة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي تعهد بعدم اجتياح الجيش المدينة لطرد الارهابيين منها، من بينهم مجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة. وبدلا من الاجراء العسكري، عمد المالكي الى تخويل قادة سنة من المدينة للتفاوض مع المسلحين وانهاء الازمة، بينما في الوقت نفسه يدفع الاموال ويسلح رجال عشائر لمحاربة المسلحين.
لكن ومع دوام جمود الازمة للاسبوع الثالث، برزت تساؤلات عن فاعلية مقاربة الحكومة هذه، فضلا عن مخاوف بشأن مصير السكان الذين ظلوا في الفلوجة، حيث يقولون ان المسلحين يعززون من قبضتهم عليهم، ومن بين ذلك تهديدهم بفرض احكام دينية عليهم.
احد سكان الفلوجة، محمود النعيمي، قال انه استيقظ يوم الاثنين وسمع اخبارا تقول ان المفاوضات مع المسلحين قد فشلت. ويقول النعيمي "خرجت ورأيت عشرات المسلحين يطوفون الشوارع ـ ولا اثر للشرطة او اي علامة على وجود الموظفين الحكوميين"، مضيفا ان المسلحين من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام هم المسيطرون. وعاد النعيمي الى البيت، وجمع عائلته واقاربه وغادر المدينة، كما يقول.
في هذه الاثناء، سمع بعض مسؤولي الشرطة في الفلوجة معلومات تقضي بالعودة الى وظائفهم، طبقا لما يذكر اسماعيل حسن، وهو ضابط شرطة كان يتوجه الى الفلوجة يوم الاحد. لكن مجموعة مسلحين اعترضته وزملاءه في شمال المدينة. وقال احد المسلحين له ولزملائه ان لا وجود "لاتفاق" بهذا الصدد. ونقل حسن عن احد المسلحين قوله لهم ان "هذه فرصتكم الاخيرة"، واضاف متوجها اليهم "لن نسمح لكم بالذهاب، لكن لا ترونا وجوهكم مرة اخرى".
عدد من اهالي الفلوجة قالوا ان المسلحين يسعون الى فرض تعاليمهم الاسلامية المتشددة، مثل امر الرجال بعدم ارتداء ملابس غربية ويأمرون النساء بعدم استعمال الماكياج. وقال الجغيفي انه عندما اطلق سراحه وزملائه، غادروا المدينة. واكد يوم الاثنين "ليس هناك امل"، مضيفا ان "الناس تخلوا عن اخر فرصة لحل سلمي." ويأتي الصراع في الفلوجة ومناطق اخرى من محافظة الانبار غرب العراق في خضم هجمات دموية نفذها مسلحون في اماكن اخرى من العراق، ما يعمق المخاوف من عودة الى المذبحة الطائفية التي اغرقت البلد خلال الاحتلال الاميركي.
ففي يوم الاثنين، قتل ما لا يقل عن 27 مدنيا بسبعة انفجارات ضربت اسواقا عامة ومحاكم في احياء شيعية ببغداد، طبقا لما ذكرت مصادر طبية وامنية. واشد التفجيرات دموية نفذ بسيارة مفخخة في سوق شعبي بحي ابو دشير جنوبي بغداد، اودى بحياة 8 اشخاص وجرح 18 اخرين. وانفجرت سيارة مفخخة اخرى بمدخل محكمتين في الجزء الغربي من العاصمة. وقال مسؤولون امنيون ان القوات الحكومية قتلت على الاقل 67 من عناصر ميليشيات خلال قتال في محافظة الانبار على مدى اليومين الماضيين، من بينهم خلال مواجهات عنيفة في مدينة الرمادي. ولم تذكر السلطات اي معلومات عن الخسائر في صفوف القوات الحكومية وقوات العشائر.
وقتل فراس محمد وهو صحفي عراقي، قرب الرمادي بانفجار عبوة ناسفة بينما كان يغطي اعادة افتتاح مركز شرطة كان قد استولى عليه مسلحون في المدينة. كما قتل ضابط شرطة في الانفجار نفسه، وجرح صحفي اخر، حسب ما ذكر مسؤول في الشرطة.
https://telegram.me/buratha
