"ما الذي يحدث..هل ثمة مشكلة"؟ نعم صاحب الشركة أخذ أموال المواطنين وهرب..
بهذا الحال عادت أم محمد الى بيتها بائسة، فحلم شراء سيارة بالتقسيط تبخر، لأن الشركة التي دفعت لها مقدمة القسط اختفت..
ولم يعد حلم امتلاك سيارة في العراق صعباً، إذ يكفي انك تمتلك مبلغاً من المال، وراتباً شهرياً لتشتري سيارة حسب المواصفات التي تريد، وبالتقسيط المريح.
فبعد العام 2003 شهد العراق انفتاحاً اقتصادياً هائلاً، ودخول الاف السيارات من مناشئ عالمية مختلفة، فتغير الحال جذرياً ولم يعد في الشوارع سيارات قديمة تعود لستينات او سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
العديد من الشركات الاهلية والحكومية والماركات العالمية فتحت ابوابها للراغبين بالشراء، فاعلانات تلك الشركات تملاً الشوارع، لكن ليس جميعها رسمية او موثوق بها، فبين الحين والاخر يصاب المواطنون بالذعر نتيجة اختفاء احدى الشركات ممن قبضت منهم مقدم البيع.
"ام محمد" موظفة في احدى مدارس بغداد "منطقة الغدير"، كان حلمها ان تشتري سيارة تعينها على الذهاب الى عملها بيسر، والتبضع والتنزه مع عائلتها، لكن واقع الحال فرض عليها الاتجاه الى شركات البيع بالتقسيط، وهنا بدأت القصة.
وتقول ام محمد "راجعت شركة اهلية لبيع السيارات بعد ان شاهدت اعلاناتها التي تملاً الشوارع، وطلب مني الموظف المسؤول احضار المستمسكات الاصلية، ومعها 5 الاف دولار كمقدم عقد، ومن ثم اسدد 300 دولار شهرياً".
وتضيف "عندما طرحت الفكرة على عائلتي نصحوني بالقبول، وفعلاً احضرت المبلغ، واكملت عقد شراء سيارة من نوع "هيونداي اكسنت، فكان علي ان انتظر لمدة 35 يوماً حتى تصل السيارة من الامارت حسب قول الموظف".
ومضت تقول "في صبيحة احد الايام وانا ذاهبة الى عملي، شاهدت سيارتي شرطة ومجموعة من المواطنين يقفون بباب الشركة، عندها ترجلت من السيارة وذهبت لأسأل الشرطي: ما الذي يحدث..هل هناك ثمة مشكلة؟ فقال نعم صاحب الشركة اخذ اموال المواطنين وهرب".
القصة ذاتها لكن باسلوب مختلف حدثت مع مواطنين من محافظة ديالى، ففيها جمعت شركة وهمية لبيع السيارات بالتقسيط مبلغ خمسة مليارات دينار واحتالت على 300 شخص ثم هربت.
ويقول اسعد كمال "سائق تكسي"، انه كان ينوي شراء سيارة أجرة، للعمل فيها من اجل كسب قوت يومه، فسجل في احدى الشركات الاهلية، وما ان وصل موعد الاستلام حتى فوجئ بعدم وجود الشركة.
ويضيف "لجأنا الى القضاء فلم ينصفنا، ومن ثم قاضينا صاحب الدار الذي أجر بيته للشركة، فاتضح فيما بعد انهم قدموا له مستمسكات مزورة".
وتابع "ذهب مبلغ المقدم، وانتهى الحال من دون القاء القبض على المحتالين".
ويقول المحامي عمر العزاوي ان الكثير من هذه الحالات تمر علينا في المحاكم، فالمسألة بسيطة ولا تتطلب سوى استئجار بيت ووضع عدد من السيارات ببابه وتفعيل الدعاية.
واضاف "الكثير من الدعاوى رفعت لكن لم يفصل القضاء في ذلك، كون اصحاب الشركات الوهمية لم يتركوا وراءهم خيطاً يمكن القضاء من ادانتهم".
ويقول القاضي عبد الستار بيرقدار، ان "هذه عملية احتيال، والعقوبة وفق المادة 456 (احتيال) تحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات".
وقال ان "المواطن يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية اذ انه لابد ان يتعامل مع شركات رصينة ومعروفة واجراءاتها رسمية، والا يجعل نفسه ضحية لبعض ضعاف النفوس الذين يستغلون بساطته وحاجته لامتلاك سيارة او اي مستلزمات اخرى".
واضاف "بعد ان تثبت الادانة ويتم حكم الاشخاص الذين احتالوا على المواطنين، فان الحق المدني يكفل للمتضرر المطالبة بحقه".
https://telegram.me/buratha
