يترقب العراق وصول الدفعة الثانية من السلاح الروسي، بداية العام المقبل، ضمن صفقة مبرمة بين البلدين بقيمة 4 مليارات و300 مليون دولار، ما يشير الى ان بغداد تعمل على إعادة تسليح القوات المسلحة العراقية بمعدات روسية، فيما يبدو ان عمليات النصب والاحتيال التي قام بها احد "باعة السيارات المستعملة" هي التي أرغمت بغداد على استئناف تسليح جيش البلد بالسلاح الروسي بعدما كان يتوقع ان يكون مورد السلاح للعراق بعد العام 2003 هو الولايات المتحدة.
وقال محمد العكيلي، النائب عن الائتلاف العراقي الحاكم، للوكالة الروسية للأنباء يوم الجمعة الماضي، ان "الدفعة الثانية من الأسلحة الروسية ستصل العراق الشهر المقبل،" من دون إعطاء مزيد من المعلومات بشأن تفاصيلها.
وكانت مروحيات روسية من طراز مي 35 حلقت للمرة الاولى في سماء العراق، في أواخر تشرين الثاني الماضي، بعد وصولها من روسيا في التاسع من الشهر نفسه. وأعلنت بغداد في وقت سابق أنها ستتسلم من روسيا 40 مروحية تباعا حتى نهاية العام الجاري.
وقال عباس البياتي، النائب المقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تصريح سابق للوكالة الروسية، ان "صفقة السلاح الروسي استكملت جميع أركانها ونواحيها، كما أنهت مجموعة من الكوادر العسكرية العراقية تدريباتها على قيادة الطائرات العمودية الروسية المتطورة، صياد الليل، المشابهة للأباتشي الاميركية من حيث القدرة والفعالية".
ومن المؤمل ان تسلم روسيا العراق جميع الطائرات المتفق عليها ضمن الصفقة، والبالغ عددها 40 مروحية لتعزيز قدرات العراقيين في حماية حدودهم ومواجهة تنظيم القاعدة الإرهابي، حسب قول البياتي.
وكانت روسيا والعراق ابرما عقدا في العام 2012 بقيمة 4 مليارات و300 مليون دولار، في مقابل تزويد العراق بـ 48 منظومة اطلاق صواريخ مضادة للطائرات من طراز بانتسير اس 1، و40 مروحية من طراز مي 35 ومي 28 ان إي.
وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي، علي الموسوي، قال لمحطة روسيا اليوم الاخبارية التلفزيونية في 21 من تشرين الاول، ان "العقد يوفر بنحو رئيس أسلحة لمكافحة الإرهاب". وقال الموسوي ان "المروحيات التي حققت أداءً جيدا في عمليات مكافحة الارهاب هي التي سيتسلمها العراق. بالاضافة الى تجهيز معدات خاصة بمكافحة الارهاب ايضا."
واوضح الموسوي، في حينه، ان "منظومة الدفاع العراقية، التي انشئت بمساعدة الولايات المتحدة والغرب، هدفها الرئيس حماية سيادة البلد ومحاربة الارهاب". واضاف مستشار المالكي ان "العراق لا يملك اسلحة دفاعية، وليست لديه خطط توسعية. العراق يسعى فقط الى ضمان سيادته، وحماية ثروته ومحاربة الارهاب."
وخططت بغداد لشراء 36 مروحية روسية، لكنها قررت، في نيسان من العام الجاري، زيادة هذا العدد 4 طائرات اضافية. واكملت المجموعة الاولى من الخبراء العراقيين تدريباتها على مروحيات مي 35 بمركز القوة الجوية الروسية في تورجوك.
كما اجرى العراق وروسيا محادثات بصدد تجهيز بغداد بطائرات مقاتلة من طراز ميغ 29/ ام 2، وناقلات مدرعة، الا ان تفاصيل المحادثات لم تكشف. وكانت روسيا قد حذفت في وقت سابق ديونها على العراق في مقابل مقترح يقضي بشراء اسلحة روسية واسعة النطاق.
بالاضافة الى هذا وقع البلدان في حزيران من العام الجاري عقدا لتجهيز العراق بمروحيات عسكرية من طراز كا ـ 52. وفي اوائل العام الجاري، تحدثت تقارير عن ان عقد تجهيز هذه المروحيات ومنظومة الصواريخ المضادة للطائرات، قد الغي. الا أن وزير الدفاع الروسي، اناتولي اساييكين، والمدير العام لشركة روسوبورونيكسبورت، اكدا ان العقد لم يلغ، الا انه لم يدخل حيز التنفيذ.
وكان العراق يحصل على معظم معداته العسكرية من الاتحاد السوفيتي وروسيا. وبخاصة، خلال الحقبة السوفيتية. فقد انفق العراق على المعدات العسكرية 30 مليارا و500 مليون دولار على مدى ثلاثين عاما.
وطبقا لما يقول خبراء، فان استئناف بغداد شراء معداتها العسكرية من روسيا سببه واقع ان القوات العسكرية العراقية معتادة على الاسلحة الروسية. ومع ذلك، فإن هناك رغبة لدى بغداد بتنويع مصادر السلاح، فمعظم الطائرات القتالية بعد الإطاحة بنظام صدام صارت تشترى من الولايات المتحدة.
ففي الوقت الحالي، تجاوزت قيمة العقود العسكرية المبرمة بين بغداد وواشنطن 12 مليار دولار. الا ان روسيا سرعان ما اصبحت ثاني اكبر مورد للعراق في مجال المعدات العسكرية الدفاعية.
يذكر ان فساد وسرقات احاطت بعقود السلاح العراقية. ففي العام 2005، كشفت صحيفة لوس انجلس تايمز ان زياد القطان، وهو بولندي من اصل عراقي ويعمل بائع سيارات مستعملة، صار من اقوى الشخصيات العراقية في العام 2004: فهو المورد الرئيس للمعدات العسكرية لوزارة الدفاع العراقية، وهو المسؤول الاول عن تسليح الجيش العراقي الجديد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في قوات التحالف في ذلك الحين ومسؤولين عراقيين، فضلا عن وثائق حصلت عليها الصحيفة، ان القطان هذا باشر بعملية انفاق ضخمة، تضمنت دفع مئات الملايين من الدولارات من الاموال العراقية سرا، ومن دون عقود. وكانت الاموال الضخمة تجري، وغالبا نقدا، بين أيدي وسطاء من اصدقاء القطان في مقابل اخذ نسبة مئوية من الأرباح.
وقال مستشارون في الجيش الاميركي انذاك انه على الرغم من هذا فان المعدات التي وفرها القطان كانت ذات نفع معين، فقد كانت المعدات تتضمن اسلحة مزيفة، او اسلحة مبالغ في ثمنها او ان الاموال دفعت ولم تتسلم القوات العراقية الاسلحة.
وتتضمن عقود القطان مروحيات روسية قديمة الطراز، وناقلات بولندية مستهلكة، الامر الذي اسهم ببطء تطوير الجيش العراقي واعاق قدرته في الحلول محل القوات الاميركية، حسب ما اكد مسؤولون اميركيون.
https://telegram.me/buratha
