رأى كاتب تركي ان استمرار استعمال أجهزة كشف المتفجرات المزيفة في نقاط التفتيش في العراق جزء من قصة كبيرة عن فساد الحكومة العراقية، لافتاً الى ان عدد القتلى العراقيين شهرياً جراء العمليات الإرهابية اكبر بخمسة أضعاف من عدد القتلى الشهري في سورية التي تدور فيها حرب أهلية. وقال جوين دير، في تعليق له بصحيفة حريت ديلي نيوز، ان "أضواء وسائل الإعلام في العالم العربي تحول تركيزها تقريبا كل شهر إلى : الثورة المضادة في مصر، الحرب الأهلية في سورية، غارة أميركية في ليبيا... ومن النادر ان تبقي تركيزها على العراق لمدة طويلة، لان العنف فيه يجري منذ زمن طويل الى درجة انه اصبح جزءا من المشهد"
ويقول الكاتب "لكن لنصبر قليلاً".
وتابع "قبل خمسة شهور، حكم على محتال بريطاني يدعى جيمس ماكورمك بالسجن عشر سنوات لبيعه جهاز مستحدث لكشف كرة الغولف (تكلفته 20 دولاراً) الى الحكومة العراقية على أساس أنها كشافات قنابل (بكلفة 40 الف دولارا). إلا ان قوات الأمن العراقية ما زالت تستعمل حتى الآن هذه الأجهزة المنافية للعقل، التي ليس فيها حتى مصدر طاقة"
ورأى الكاتب ان هذا "يخبركم أنكم كلكم في حاجة الى ان تعرفوا طبيعة الوضع في العراق"، معتبراً ان "هذا الحال ليس لان العراقيين لا يدركون المشكلة.
اذ يقال ان ماكورمك حصل على 75 مليون دولار من الحكومة العراقية على العاب لا فائدة منها، وعلى الأقل ثلث ذلك المبلغ ربما ذهب رشا الى مسؤولين حكوميين وقعوا على العقد. وكان لقطعة الحلوى الكبيرة هذه ان تثير حسد مسؤولين حكوميين منافسين، ولهذا كان هناك تحقيقاً حكومياً عراقياً في الصفقة".
وتابع جوين دير ان هناك "ثلاثة جناة عراقيين، من بينهم اللواء جهاد الجابري، مدير مديرية مكافحة المتفجرات بوزارة الداخلية العراقية، الذي سجن على ارتكابه هذه الجريمة. (ولعلهم لم يقتسموا الثروة بنحو كاف مع مسؤولين اكبر منهم).
لكن على الأقل في أيار الماضي بقي رئيس الوزراء نوري المالكي يصر على ان كشاف كرة الغولف، الذي يسمى ADE-651، كان فاعلاً ـ وما زال يستعمل بنطاق واسع حتى اليوم".
وأضاف دير ان هذا الحال "اكثر من ان يكون غريباً، لان العراق الآن يفقد ما يقرب من الف شخص شهرياً بتفجيرات إرهابية. وفي الحقيقة ان هذا يعني ان عدد القتلى العراقيين اكثر بخمسة أضعاف من الذين يقتلون شهرياً في الحرب الأهلية الدائرة في سورية الجارة، مع ان الحروب الأهلية تقتل دوما من الناس ما هو اكثر من الإرهاب".
وأشار دير الى ان "الحكومة العراقية تحصل على 100 مليار دولار سنوياً من العائدات النفطية، لكنها لم تبنِ او تديم او تصلح شيئا يذكر. فمعظم الناس يعيشون في فقر، بينما الجزء الأكبر من عائدات النفط يذهب رواتب لموظفي الحكومة، والقسم الأعظم منهم إما لا يأتون الى العمل أبدا، او انهم يخفقون في فعل أي عمل نافع عند وجودهم بالعمل. وبقية الأموال يسرقها ببساطة كبار مسؤولي حكومتهم".
ولاحظ الكاتب ان "كاشفات المتفجرات المزيفة هي جزء من هذا النزيف الهائل من الأموال، والسبب المحتمل في عدم استبدالها حتى الآن هو ان بعض الأشخاص سيجنون بوضوح أموالاً كثيرة خارج عقد أي شيء سيحل محلها. وحتى تتقرر مسألة أي من الأشخاص سيتولى العقد، لن يحدث أي شيء". وانهى دير تعليقه بالقول ان "الجنود والشرطة الذين يستعملون هذه الأجهزة المزيفة في الشوارع لا يأبهون. فلو وجدوا متفجرات في سيارة، فان الانتحاري الذي يقودها سيفجرها على الأغلب ويقتلهم. لذا فان كشاف متفجرات لا يكشف متفجرات، امر يناسبهم بالضبط".
26/5/131016
https://telegram.me/buratha
