تتحول السيارات المفخخة، التي تنفجر في بغداد، إلى "مجهولة الهوية"، بينما يعاني محققون عراقيون من صعوبة اكتشاف خيوط التفخيخ بسبب تشويه رقمي المحرك ولوحة التسجيل.
وفي وقت تزداد السيارات المفخخة في بغداد والمحافظات، تتراكم ملفات التحقيق على فرق فحص العجلات المتفجرة، للتأكد من ملاكها والطرق التي أدت بها إلى عجلة مفخخة إلى الشوارع
ويشير ضباط في عمليات بغداد إلى أن العجلات بلوحات الفحص، او الحمراء الخاصة بسيارات الاجرة، هي الاكثر تفخيخاً، على عكس العجلات التي تحمل أرقاماً بيضاء، إذ نادراً ما تستعمل في عمليات التفجير.
وقال مصدر رفيع في أحد الأجهزة الأمنية المختصة بالتحقيقات في حوادث المفخخات والعبوات، إن "الارهابيين يقومون بتفخيخ العجلة بطريقة تشوه العنصرين الأهم في تحقيقاتنا وهما رقم الشاصي ولوحة تسجيل السيارة"، مشيراً إلى أن "بعض التحقيقات تتمكن من العثور على رقم السيارة".
وأضاف المصدر، أن "المحققين يلجأون إلى حاسبة المرور العامة لكشف صاحب السيارة للوصول الى رأس الخيط، على الرغم من أنهم يفشلون في معظم الاحيان في الوصول الى أي اثر لصاحب السيارة لأنها اما تكون غير مسجلة او ذات ارقام مزورة".
ومضى المصدر إلى القول، "لكن رقم الشاصي يجعلنا نصل إلى خيوط عدة، حيث تم اعتقال عدد من اصحاب هذه السيارات، معظمهم اكد بالوثائق ومن خلال المحاكم انه باع سيارته بعقد مكاتبة مصدق واخلي سبيله بعد نحو شهر من التحقيقات".
وتابع، "في الغالب يتم رمي مواطنين ابرياء في السجن اياماً عدة ولا يتم التوصل الى خيوط حقيقية لان التنظيمات الارهابية تعرف خارطة تحقيقاتنا جيدا".
وأشار المصدر إلى أن "معظم الارقام المزورة هي الارقام السوداء، أي المنفيست التي تنقلت ملكيتها بواسطة ما يسمى بوكالة القيادة او وكالة التصرف بالمركبة، وبسبب جهل المواطن بما آلت اليه الامور ومخططات تنظيم القاعدة لتوريط عشرات المواطنين يقومون بمنح اكثر من وكالة لأكثر من مشتر لهذه المركبة".
وزاد بالقول، "في النتيجة يعاقب المواطن على منحه وكالات متعددة، من دون تسقيط الوكالة الاقدم التي منحها عند بيع السيارة". مع ذلك يعتقد المصدر الأمني أن "الجانب المشرق في التحقيقات هو النجاح في الوصول الى بعض خيوط التفخيخ ، واعتقال العديد من المرتبطين بتنظيم القاعدة ومنفذي التفجيرات، وابرزها تفجير احد اسواق مدينة الصدر العام الماضي، وتفجير مدينة الشعلة في شهر اذار الماضي، وتفجير حي اور في تشرين الأول 2011، وتفجير المنصور في تشرين الأول 2010". واكد المصدر أن "التوصل إلى هؤلاء تم من خلال متابعة ارقام لوحات السيارات وارقام (الشاصي)، لكن التفجيرات بدأت تزداد ومازلنا نحقق في تفجيرات قديمة حصلت في الاشهر الماضية".
وزاد بالقول، "كلما زادت اعداد الجرائم كلما فقدنا التركيز على ملفات التفجيرات السابقة، لان التفجيرات الكثيرة تولد ضغطا في عملنا". وضرب المصدر مثالاً في فريق مكون من 5 اشخاص يتابعون تفجير حي اور، وتلا هذا التفجير 10 تفجيرات في اليوم التالي وبعد يومين عشرة اخرى، وبعد اسبوع 10 اخرى فتضطر الدائرة الى تحميل ملفات تحقيق هذه التفجيرات الجديدة للفريق المكلف بتحقيق تفجير واحد. وقال المصدر، "كل فريق مكلف بخمسة الى ست تفجيرات، هذا ما يفقده التركيز. لا استطيع البوح أكثر من هذا عن طبيعة عملنا". وأشار ضابط في مديرية الجرائم الكبرى، إلى أن "القوات الأمنية حصلت على أرقام بعض لوحات التسجيل رغم احتراق السيارات المفخخة بشكل كامل، لكنها واجهت صعوبة في معرفة أصحابها". وقال إن "سيارات الفحص مسجلة باسم أكثر من طرف لديه وكالة لقيادة السيارة، إلا أن البحث ضمن هذا الإطار يصل إلى حلقة مفقودة بسبب عمليات التزوير التي شابت تسجيل المركبات في الأعوام التي تلت سقوط النظام" السابق في العام 2003. وفي العراق ما لا يقل عن 600 ألف سيارة مستعملة تم تسجيلها مؤقتاً حيث دخلت البلاد قبل عشر سنوات بعد فتح أبواب الاستيراد على مصراعيها في أعقاب سقوط نظام صدام حسين الذي كان يفرض ضرائب مرتفعة على البضائع المستوردة.
لكن هذه السيارات بقيت ضمن إطار التسجيل المؤقت طوال السنوات العشر الماضية وسط عجز الحكومة عن ابتكار نظام تسجيل نهائي ورسمي، ما دفع بالمواطنين إلى بيعها وشرائها وفقاً لوكالة عامة أو خاصة تصدر عن الكاتب بالعدل.
في المقابل، أكد مصدر في قيادة عمليات بغداد، أن "الجهات المعنية تمكنت من تشخيص اللوحات المخترقة، وتبين ان لوحات المنفيست السوداء اللون هي الاكثر عرضة للتزوير، باعتبار ان الارقام البيضاء القديمة والبيضاء الجديدة تحمل من العلامات التي تمكن رجال المرور من معرفة الرقم المزور". ومضى المصدر إلى القول، "رأت القيادات العليا ضرورة التفتيش عن السيارات المسروقة والسيارات التي تحمل ارقاما مزورة، وتم نصب سيطرات المرابطة المشتركة للبحث عن اللوحات المزورة والمسروقة".
واكد المصدر "ضبط عشرات السيارات المسروقة ذات اللوحات المزورة، بعضها يعود لمواطنين مغدورين في ايام العنف الطائفي". وتابع المصدر، "رفعت هذه المعلومات الى الجهات العليا، وبناء عليها وجه مكتب القائد العام للقوات المسلحة بضرورة التخلص من لوحات الفحص المؤقت". لكن المصدر قال إن "مديرية المرور العامة تفشل في انجاز هذا الامر"، مضيفا أن "قيادة عمليات بغداد لا تستطيع منع تجول سيارات الفحص المؤقت لتضرر مصالح الاف المواطنين، لذلك تم اعتماد نظام الزوجي والفردي للوحات الفحص المؤقت في السابق وتم حظر سيرها لفترة محدودة في السابق لكن شكاوى كثيرة وردتنا بهذا الخصوص فعدلنا عن القرار". وشدد المصدر على أن "الحل الوحيد هو إكمال انجاز الارقام البيضاء وتوحيد السيارات بالأرقام الحديثة المعروفة بالرقم الألماني، الذي يصعب رفعه عن المركبة، وفي حال حصل ذلك فإنه يتطلب ثقب الرقم". وأشار المصدر إلى أن "توحيد اللوحات يتيح للمواطنين حرية التحرك من دون قرار الزوجي والفردي او منع رقم المنفيست او غيره". وتعتقد القيادات الميدانية ان اكثر من 75% من السيارات المفخخة تحمل لوحات المنفيست السوداء، و25% من مركبات التاكسي ذات الارقام الحمراء من الانواع الايرانية والصينية، فيما يؤكد المصدر في عمليات بغداد أن "اللوحات البيضاء هي الأقل استعمالاً في التفخيخ".
https://telegram.me/buratha
