يمكن لسائق سيارة أجرة في بغداد ان يدفع مليون ونصف المليون دينار، لأنه لم يرتكب مخالفة مرورية، وإلا سيحتجز مع سيارته.
هذه ليست نكتة. إذا عليك التحقق الآن، من أن سيارتك لا تعود إلى شخص كان طلق زوجته قبل سنوات، فحجزت المحكمة امواله، بضمنها سيارته التي اشتريتها منه، لتقع في مصيدة "ضرائب" هيئة النقل العام.
وتشهد شوارع بغداد نشاطا لموظفي هيئة النقل الخاص الذين يقومون بنصب سيطرات مؤقتة وفحص لوحات الاجرة والحمل لإرغام أصحابها على دفع جزء من المبالغ المترتبة عليهم. وتنتشر هذه المفارز قرب المرآب العامة
وقال أصحاب سيارات اجرة، إنهم مطالبون بـ "دفع مليون وخمسمئة الف دينار كضرائب مترتبة منذ التسعينات على أرقام سيارات أسقطوها واستخدموا لوحاتهم لسيارات حديثة".
واكد كامل موسى، احد سائقي سيارات الأجرة في بغداد، إنه امتنع عن الدفع، فاضطر إلى "تسوية الأمر بـ 300 ألف دينار لإغلاق سجل الضريبة".
وقال مصدر في مديرية المرور العامة، لـ"العالم"، إن "هيئة النقل الخاص تفرض ضرائب على سيارات الحمل والاجرة".
وأضاف أن "دائرة المرور تلاحظ وجود ما يعرف بإشارات الضبط، وهي التي ترفع بعد أربع سنوات"، مشيراً إلى أن "إشارة الضبط لن يكون لها أي قيمة بعد مرور تلك الفترة، بسبب تجديد السنوية، أو في حال تحويل السيارة إلى شخص آخر".
وتابع المصدر "لا داعي لبقاء إشارة الضبط باعتبار ان صاحب السيارة سيحاسب اذا ما امتنع عن مراجعة المرور والمثول امام المحكمة او دفع الغرامات المترتبة عليه قضائيا".
وشرح المصدر المقصود بإشارة الضبط، وقال هي "دعوى قضائية ترفع على اموال صاحب السيارة مثلا، او تترتب عليه غرامات مرورية معينة لم يدفعها، او رفع دعوى لحجز السيارة".
وقال إن "الضبط لا يعني السرقة، بل ربما على سبيل المثال أن صاحب السيارة طلق زوجته وطالبت بحقوقه وارتأت المحكمة حجز امواله واملاكه فتؤشر اشارة ضبط على سيارته".
لكن المصدر اكد، أن "حواسيب مديرية المرور لا تقوم، في بعض الأحيان، برفع إشارة الضبط عن السيارة في حال تسوية صاحبها قضاياه في المحاكم او مديرية المرور العامة"، لافتاً إلى أن سبب هذه الاخطاء يعود إلى "خلل في حواسيب المرور، وقد تكون المشكلة ذاتها في حواسيب وزارة النقل".
وقال المصدر إن "رجال المرور يقومون بفحص أرقام السيارات في أجهزة الحاسوب، فتظهر لها أنواع السيارات مخالفة لأرقامها".
وتابع المصدر "على سبيل المثال هناك سيارة من نوع (النترا) حديثة تفحص بالحاسبة فتظهر كرونا 82، وهذا خلل يسجل على الحاسبة وليس من حق المرور محاسبة المواطن على خلل في الحاسبة".
اما سيارة الحمل والأجرة، فقد كانت سابقاً، كما يقول المصدر، تحول بكتاب من الضريبة او هيئة النقل تثبت تسديد صاحبها كل ما ترتب عليه من الضرائب، في حين الان لا يتم مطالبته بهذا الامر.
وأضاف المصدر أن "هذا أمر خاطئ، وسببه انعدام التنسيق بين المرور وهيئة النقل الخاص من اجل حل هذا الموضوع وعدم مضايقة المواطن في الشارع"، مشدداً على أن "المرور العامة لا تتمكن من مساعدة هؤلاء المواطنين، وانها تقر بسوء التنسيق بين المرور وهيئة النقل". ولم يستبعد المصدر "تلقي الرشاوى من المواطنين المترتبة بذمتهم ضرائب مقابل إلغائها، لان النظام الحاسبي لهيئة النقل الخاص يمكن رفعه في حين النظام الحاسبي لمديرية المرور العامة لا يمكن شطبه باي حال من الاحوال".
وقال المصدر إن "العديد من كبار المسؤولين في المرور يغرمون اثناء تجوالهم دون ان يعلموا، لكنهم يضطرون الى دفع الغرامة مهما كلفت ولا يمكن باي حال من الاحوال شطبها". في المقابل، اكد مصدر في هيئة النقل الخاص، لـ"العالم"، أن وزارة النقل "تحاول استرداد بعض مستحقاتها من الضرائب طيلة السنوات العشرة الماضية"، مشيراً إلى أنها "كانت تقدر الضرائب الواردة الى وزارة النقل قبل عام 2003 بنحو 90 مليون دينار سنويا".
وتابع المصدر "الان من الممكن استرداد اكثر من مليار دينار اذا ما نظرنا الى اعداد السيارة الكبيرة التي دخلت العراق وعملت على مختلف الخطوط من دون ان تدفع ضرائب".
وأوضح المصدر أن "موظفي الهيئة يقومون بجباية الضرائب اليومية والاسبوعية من باصات النقل الصغيرة (الكيات) لكن لا يجب ان تقتصر الجباية على الباصات فقط"، مشدداً على وجود "معلومات كاملة عن كل السيارات الواردة والمسجلة لدى المرور العامة والتي تعمل على خطوط المحافظات".
وأشار مصدر هيئة النقل إلى "الاف السيارات كانت تدفع ضرائب شهرية او سنوية بشكل طوعي، لكن الان هناك عشرات الالاف التي تمتنع عن دفع نصف الضرائب", مشيراً إلى أن "الأموال المترتبة على سائق الاجرة مثلا لمدة 12 عاما تصل الى 2.6 مليونين وستمائة الف دينار في حين تستقطع منه 50% فقط".
وتابع المصدر "في كل مكان بالعراق يحصل الفساد، ولا ننكر وجود حالات فساد بين موظفينا، لكن على اية حال لا يمكن للموظف ان يشطب ضرائب سيارة معينة مهما كلف الامر".
وقال المصدر إن "الذين اضطروا دفع الرشوة لشطب ديونهم المترتبة جراء الضرائب وقعوا ضحية نصب واحتيال موظفين فاسدين"، مؤكداً أن "الحاسبة الموجودة لدى الموظف عندما تشطب منها ديون معينة تتم مطالبته بالمال فور وصوله الهيئة، لكن في حال عدم استلامه مبلغ من قبل السواق دون ان يسجل في الحاسبة فهذا فساد علني يحاسب عليه القانون".
https://telegram.me/buratha
