بدا الارهاق واضحا على وجه رجل مسن، خدم في المؤسسة التربوية لأكثر من 30 عاما، وتخرجت على يده عشرات الاجيال، حضر الى هيئة التقاعد بعكازين، ولم يتنفس نسمة هواء من مروحة او جهاز تبريد ينعش قلبه الموجوع.. يقول "اشتكيت أمري لله على سوء احوال هذه الدائرة".
واضاف المتقاعد عبد الجليل العبيدي الذي كان يعمل مدرسا في بغداد انه "مصاب بداء القلب، ولا يحتمل الوقوف والمشي وعناء البناية البائسة، من اجل 400 الف دينار يتقاضاها كل شهرين لا تسد حاجته وعياله لعشرة ايام.
وبين العبيدي ان "بناية هيئة التقاعد التي تقع في منطقة الشواكة غير صالحة لاستيعاب اعداد كبيرة من المتقاعدين لا تقدم أي خدمات للشريحة التي خدمت البلد عشرات السنين"، موضحا انه "يتحمل اعباء كبيرة ابتداءً من ازدحامات الطريق الذي يسلكه وصولا الى هيئة التقاعد المزدحمة بالبشر".
الشاب ابراهيم عبد العباس يعمل مهندسا في امانة بغداد حضر برفقة والده الى هيئة التقاعد، قال ان "التطور الحاصل في مجال التكنلوجيا لم يدخل الى هذه الدائرة ولم اشاهد استخدام الكومبيوتر في المعاملات(..) اضابير المتقاعدين صفراء وأكلتها الاتربة، ونحن نعيش في عصر التكنلوجيا"، مبينا انه "بالامكان استخدام حاسبة الكترونية لتوثيق بيانات المتقاعدين بدلا عن استخدام الورقة والقلم والاضابير، و(كتابنا وكتابكم)، واجراءت روتينية متعبة، علما ان اغلب المتقاعدين هم من كبار السن والعجزة، ولا طاقة لهم لتحمل اعباء الوصول الى هذه الدائرة وتحمل حرارة الصيف اللاهب في هذه الممرات الضيقة، وعدم وجود عدد كاف من المقاعد لاستيعاب اعداد المتقاعدين الكبيرة".
وبين عبد العباس ان "الاجراءات التي تقوم بها الهيئة بحق المتقاعد متعبة اذ ان يجب ان يستصدر سنويا ما يسمى بشهادة (اثبات الحياة)، الامر الذي يكلف المتقاعد عناء المراجعة وزحام الدائرة والقيام بمعاملة روتينة طويلة من اجل ان يثبت بأنه على قيد الحياة ليستمر بتقاضي الراتب".
من جانبها قالت النائب نجيبة نجيب عن اللجنة المالية النيابية في تصريح لـ "العالم"، إن "البناية الخاصة بالهيئة الوطنية للتقاعد قديمة، ولا تلبي احتياجات المتقاعدين ولا تناسب اعدادهم الكبيرة"، مبينة ان "صغر البناية يؤدي الى اكتظاظ المراجعين، ما يكلفهم عناء الوقوف بطوابير طويلة وتحملهم ضروف غير مناسبة، بالاضافة الى وجود معاقين يراجعون الدائرة يكون عنائهم مضاعف".
واوضحت ان "الازدحام يؤثر على عمل الوظفين والمراجعين على حد سواء، اذا ان الموظف لا يتمكن من انجاز المعاملات بسرعة مناسبة، الامر الذي يؤخر العمل ما يزيد مراجعات الشخص الواحد للهيئة ولأكثر من مرة كي تنجز معاملته".
وبينت انه "يجب اعتماد الكومبيوتر في انجاز المعاملات وعدم الاعتماد على النظام الورقي الذي يؤخر العمل"، مشيرة الى ان "اغلب دول العالم تركت الورقة والقلم في التعامل، وحتى اقليم كردستان قطع شوطا كبيرا في اعتماد نظام الكومبيوتر في اغلب دوائره، ما خفف عن المواطن العناء والمراجعات المتكررة للدوائر الحكومية".
وطالبت النائب "الحكومة بتخصيص اموال في الموازنات القادمة لأستحداث بنايات جديدة للدوائر الحكومية ومن ضمنها بنايات وزارة المالية وهيئة التقاعد المتهالكة، في ظل وجود ميزانيات هائلة تصرف للوزارت".
فيما قال النائب هيثم الجبوري، إن "بناية الهيئة العامة للتقاعد غير صالحة بأن تكون مؤسسة حكومية، وبنيت قبل عشرات السنين وكانت تستخدم ولفترات طويلة كسجن، اذ ان ممراتها ضيقة، وغرفها مظلمة وصغيرة ولا تصلح بأن تستقبل المتقاعدين".
من جهته قال رئيس هيئة التقاعد احمد عبد الجليل حسين في حديث صحفي سابق، إن "البناية كئيبة والاخوة في الوقف السني بادروا بتأجير هذه البناية الى ان يتم بناء مقر جديد لهيئة التقاعد الوطنية"، مبينا ان "الهيئة تمتلك قطعة ارض وبمساحة 7 دونمات مطلة على نهر دجلة استكملنا كل الاجراءات القانونية الخاصة بتملك الارض وتهيئة الاموال اللازمة الا انه وللأسف الشديد ورغم تدخل الحكومة أصرت امانة بغداد على عدم اقامة هذا المشروع باعتبار ان الارض تمثل منطقة خضراء ولا تصلح ان تكون مؤسسة حكومية وقد طلبنا من امانة بغداد في اكثر من مناسبة ان تعدل عن قرارها".
https://telegram.me/buratha
