طالب معنيون بأجهزة الرقابة والنزاهة، اليوم الجمعة، بتحرك فئات المجتمع لتحقيق نظام نزاهة نموذجي، عازين انتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري إلى ضعف الكفاءة لدى من يعملون في المفاصل الإدارية، وفيما وصفوا هيئة النزاهة بأنها "فاقدة للعنصر الجزائي الذي ينص عليه القانون وبأن تأثيرات الأحزاب عليها واضحة"، أكدوا أن "أغلب ركائز نظام النزاهة في العراق تعاني من الخلل والخرق والسلطات تحمي المفسدين".
جاء ذلك خلال الملتقى الموسع الذي أقامته دائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية في هيئة النزاهة الوطنية بكربلاء، تحت عنوان (الشباب اللبنة الأساسية لبناء نظام النزاهة الوطني)، بالتعاون مع المركز الآسيوي الكندي للرياضة ومؤسسة أمتنا للتثقيف وتذليل الصعاب، وبحضور عدد من مسؤولي الحكومة المحلية وممثلي منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية وجمع من الشباب الكربلائي.
وقال مدير العلاقات العامة في الهيئة الوطنية للنزاهة سلمان النقاش في حديث إلى (المدى برس) على هامش الملتقى، إننا "في الهيئة الوطنية للنزاهة متجهين نحو تأسيس نظام نزاهة وطني، وجاء اختيارنا لشريحة الشباب اليوم لأنهم يشكلون القاعدة الرئيسية لانطلاق هذا النظام بما يملكون من طاقات وقدرات".
وأضاف النقاش أن "نظام النزاهة الوطني يرتكز على عدد من الأعمدة المهمة وهي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمؤسسات الدينية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني"، مبينا "نحن نسعى إلى تقوية الأسس الصحيحة لهذه الأعمدة من خلال توعية المجتمع وتثقيفه".
واكد النقاش أن "أجهزة الرقابة والنزاهة لا يمكن أن تعمل بمفردها، ما لم يتحرك المجتمع بكافة فئاته لتحقيق نظام نزاهة نموذجي والوصول إلى مواطن يحترم النظام والقانون ويعي كيفية المطالبة بحقوقه".
من جانبه قال رئيس مجلس محافظة كربلاء نصيف الخطابي في حديث إلى (المدى برس)، إن "المسؤول في أي سلطة هو مسؤول عن تطبيق القانون والحد من انتشار الفساد المالي والإداري".
وأوضح الخطابي أن "من يُسيء استخدام السلطة ويخرق النظام والقانون فهذا لا يعني بأن المسؤولية جميعها مخترقة وبأنها قائمة على هذا الشكل، بل أن خرق المسؤول للنظام والقانون يمثل شخصه وتصرفه الفردي، ولا يمثل الطابع العام".
وأشار الخطابي إلى أنه "ما موجود من خلل في ركائز نظام النزاهة في العراق سببه الضعف في الكفاءة الإدارية لدى بعض من يعملون في أماكن ومفاصل إدارية معينة، وانخفاض مستوى الوعي لدى المواطن الذي يُشجع على الفساد في المؤسسات الحكومية من خلال سعيه لإنجاز أمره وقضيته بشكل اسرع من المواطن الأخر".
ولفت الخطابي إلى أن "أجهزة النزاهة والرقابة بدأت تضع يدها على المفسدين وبدأت تُحقق نسبا متقدمة في مكافحة الفساد، إذ أصبحت الفرصة كبيرة للتخلص من آفة الفساد والحد من انتشارها".
من جهتها قالت الحقوقية فاتن زنكي في حديث إلى (المدى برس)، إن "هناك الكثير من المعوقات تواجه تطبيق نظام النزاهة الوطني ولابد من وضع المعالجات المناسبة لها".
وأشارت زنكي إلى "وجود إدانات قضائية لعدد كبير من المسؤولين والموظفين لتورطهم بقضايا فساد مالي وإداري، لكن المحسوبيات والمحاصصة السياسية تحول دون أن ينالوا جزائهم وفق القانون".
وعدت زنكي أن "هيئة النزاهة فاقدة للعنصر الجزائي الذي ينص عليه القانون في معاقبة المتورطين بقضايا فساد مالي وإداري"، موضحة أن "الموظف الذي يحال إلى التحقيق بقضايا فساد مالي وإداري يخرج منها لعدم كفاية الأدلة أو يحول ارتباطه الحزبي، من دون معاقبته ويعاد إلى منصبه وموقعه الوظيفي الذي كان يشغله".
وأكدت زنكي أن "القضاء نزيه ومستقل، لكن مرحلة التحقيق لا تُوصل الأدلة الكافية أليه لإدانة الموظف الفاسد، وبالتالي يُخرجه القضاء لعدم كفاية الأدلة".
بدوره قال الإعلامي جهاد الأسدي في حديث إلى (المدى برس)، إن "أغلب ركائز نظام النزاهة في العراق تعاني من الخلل والخرق"، لافتا إلى أن "قضايا الفساد المالي والإداري كثيرا ما تُسوف ويُعتم عليها ولا يحاسب المتورطين فيها".
وأضاف الأسدي أن "السلطة التنفيذية اليوم هي من تحمي بعض المفسدين من المسؤولين الكبار والوزراء السابقين والحاليين الذين كُشفت ملفات فسادهم وسرقاتهم ولم تتم محاكمتهم لانهم يتبعون أحزاب وجهات سياسية معينة".
وأكد الاسدي أن "وسائل الإعلام في العراق، ما تزال تعاني التحجيم وصعوبة الحصول على المعلومة خصوصا فيما يتعلق بكشف قضايا الفساد المالي والإداري".
وكان رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي أكد، في (29 أب 2013)، أن رئيس الوزراء نوري المالكي نجح في "تطويع" هيئة النزاهة لصالحه، كونه يعتبر الرقابة على الفساد "معطلة لعمله"، وفي حين لفت إلى أن عمل إدارة الهيئة السابقة، يساوي أكثر من 800% من الهيئة الحالية، كشف أن رئيس هيئة النزاهة الحالي علاء جواد أصدر تعليمات فور تسلمه المنصب خلفا له بـ"ايقاف جميع أوامر إلقاء القبض الصادرة بحق فاسدين".
يذكر أن هيئة النزاهة، أعلنت في الرابع من شباط 2013 ، عن إحالة نحو ستة آلاف متهماً بقضايا فساد إلى المحاكم المختصة خلال العام 2012 المنصرم، مبينة أن مبالغ التعاملات التي وقعت فيها ممارسات فساد تجاوزت تريليون دينار.
وتعد ظاهرة الفساد "التحدي الأكبر" الذي يواجه العراق إلى جانب الأمن، منذ سنة 2003، لاسيما أن مستويات الفساد بلغت حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضع العراق من بين البلدان "الأكثر فساداً" في العالم، إذ حل العراق في سنة 2012 المنصرمة في المرتبة الثالثة من حيث مستوى الفساد فيه.
يذكر أن هيئة النزاهة، أعلنت في الرابع من شباط 2013 ، عن إحالة نحو ستة آلاف متهماً بقضايا فساد إلى المحاكم المختصة خلال العام 2012 المنصرم، مبينة أن مبالغ التعاملات التي وقعت فيها ممارسات فساد تجاوزت تريليون دينار.
https://telegram.me/buratha
