"الحمد لله انني امتلك سقفا يحمي عائلتي المكونة من 8 افراد، لأن الايجارات انهكتني وما عدت احتمل.. دخلي محدود، وليس لدي القدرة على شراء منزل كبير.. خمسون متراً أفضل من الماكو".. هذا ما قاله جاسم العبيدي، الذي يسكن في بيت لا تتجاوز مساحته 50 مترا، وأوضح أن ظروف المعيشة الصعبة منعته من شراء أو دفع بدل ايجار بيت كبير.
واضاف العبيدي مبتسما "دخلت في العمرين الى ان صارت عندي هاي البحبوحه".
ويؤكد مختصون ان عيش الانسان في اماكن صغيرة يضر بصحته النفسية والبدنية، بالإضافة الى سهولة انتقال امراض الجهاز التنفسي من شخص لآخر بسبب عدم تعرض البيوت الصغيرة لأشعة الشمس، وانحسار المساحات الخضراء داخل المشتملات التي لا تصلح للعيش.
ويأتي ذلك، في ظل اقبال متزايد من المواطنين على شراء مشتملات صغيرة لا تتجاوز مساحتها الـ 50 مترا أو اقل، بسبب ازمة خانقة للسكن تشهدها البلاد، مع ارتفاع ملحوظ في اسعار ايجاراتها، حسبما افاد مقاولون.
ويقول الباحث احمد محمد هاشم إن "طبيعة تكوين الانسان تجعله بحاجة إلى مساحة مناسبة للتنقل والحركة داخل بيت كبير تدخله اشعة الشمس بصورة جيدة، ويحتوي على مساحات خضراء كافية تتمثل بحديقة منزلية ونباتات خضراء من اجل ان يكون انسانا سويا".
واضاف هاشم المختص بعلم النفس أن "العيش في اماكن صغيرة ينتج امراضا نفسية واصابات في الجهاز التنفسي بسبب افتقار تلك الاماكن الى تهوية جيدة، وافتقارها لحديقة منزلية".
واكد هاشم "وجود ملوثات كبيرة في الهواء تنتج عن غازات من احتراق الوقود في المعامل والمولدات والسيارات وما تخلفه من غاز ثاني اوكسيد الكاربون الذي يضر بجسم الانسان، بالإضافة الى الاتربة والغبار في البيئة العراقية وخصوصا داخل المدن الكبرى مثل بغداد"، مشيرا الى انه "من الضروري وجود مساحات خضراء داخل المنزل من اجل حصول الانسان على قدر كافٍ من الاوكسجين".
واوضح أن "الظلام والاماكن الصغيرة تستخدم كعقوبة للسجناء، لذلك تنتشر الامراض النفسية والجلدية داخل السجون"، مؤكدا ان "العيش في اماكن صغير ومكتظة وخالية من الضوء الطبيعي والنباتات، له تأثير سلبي على الانسان ربما يتسبب بأمراض نفسية مثل الاكتئاب".
من جانبه قال النائب ثامر العلواني عن لجنة الخدمات والاعمار النيابية، في حديثه لـ "العالم"، ان "العائلات التي تسكن بمساحات صغيرة تتأثر سلبا نتيجة لصغر مساحة الدار، ولذلك يعيشون في بيئة غير صالحة للعيش". وتابع "حالتهم المادية الضعيفة اضطرتهم للسكن في هذه البيوت".
واضاف ان "السكن في مشتملات لا تتجاوز مساحتها 50 مترا يؤثر اجتماعيا وعائليا على حياة المواطن، فضلا عن الاضرار التي تصيب الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن من كهرباء وماء والصرف الصحي، لعدم تحملها الاحمال الزائدة التي تفوق قدرتها".
وبين العلواني أن "الوزارات المختصة لا تقوم بدورها في حل مشكلة السكن بصورة صحيحة بالإضافة الى عدم وجود مشاريع استراتيجية تحد من ازمة السكن المنتشرة في عموم البلاد".
واوضح ان "المجمعات العشوائية والمناطق الزراعية التي تحولت الى مناطق للسكن العشوائي اضافت مشكلة اخرى للحكومة يصعب حلها في الوقت الحاضر".
وحث النائب الحكومة على ان "تخطط بشكل مهني وتتابع التلكؤ الحاصل في اغلب مشاريع السكن"، مشيرا الى "وجود تواطؤ من قبل بعض وزارات الدولة مع الشركات المنفذة لهذه المشاريع". وأوضح ان "نسب الانجاز في مشاريع الوزارات وتنمية الاقاليم لم يتعدَّ الـ 30 بالمئة، وان 80 % من تلك المشاريع متأخر عن موعد إنجازه، وهو فشل واضح في التخطيط الاستراتيجي، بسبب عدم محاسبة تلك الشركات، وسأرفع العلم اذا اكتمل مشروع واحد بموعده المحدد"، مبينا ان "الوعود الحكومية لا تطاق وهي تتبجح على المواطن البسيط بكلمات مثل سنوفر.. وسنبني.. وهو مجرد كلام بلا تنفيذ".
واعتبر النائب ان "البناء العمودي هو الحل لأزمة السكن المتفاقمة، ويجب ان تتجه الحكومة لإقامة مجمعات سكنية متكاملة تحتوي على اسواق عصرية ومدارس حديثة ومراكز رعاية صحية ومراكز للشباب وغيرها من سبل راحة المواطن".
https://telegram.me/buratha
