قال استاذ الديموقراطية وحقوق الأنسان في "بارد كولدج" الأمريكية البروفسور أيان بوروما، في مقال نشرته نيويورك تايمز، ان خطر فقدان ماء الوجه ـ كما في حال اوباما ـ ليس سببا وجيها لمهاجمة بلد آخر.
وتساءل بوروما: لماذا حبس اوباما نفسه داخل هذا النوع من الخطاب، ولماذا هذا "الخط الأحمر" فعلا بوجه خاص ؟، وفي معرض الإجابة قال: لا شك في أن أسلحة الدمار الشامل خصوصا القنابل النووية، تحدث أضرارا أكبر وفي وقت أقل، مقارنة بالأسلحة التقليدية، لكن هل يوجد حقاً تمييز أخلاقي واضح بين قتل نحو 100 ألف إنسان في هيروشيما بقنبلة ذرية واحدة وقتل أعداد أكبر من البشر في طوكيو في ليلة واحدة من القصف بالقنابل الحارقة؟
وأضاف بوروما: في صحيفة نيويورك تايمز، ساق نيكولاس كريستوف حجة مفادها أن العقاب السريع قد يقنع الرئيس السوري بشار الأسد، بالتوقف عن استخدام الأسلحة الكيماوية واستخدام "وسائل أكثر اعتيادية لذبح شعبه، إن هذا غير منطقي ولا معنى له في نظري، فالمشكلة بكل تأكيد هي في الذبح ذاته وليس في الوسيلة المستخدمة.
وعلى أي حال فإن الغضب الأخلاقي، مهما كان مبررا، ليس بالسبب الكافي لخوض الحروب، كان ماو تسي تونغ مسؤولاً عن موت أكثر من أربعين مليون صيني في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، ولم يقترح أحد سليم العقل أن التدخل العسكري في الصين كان ليشكل فكرة جيدة آنذاك، وفي الثمانينيات استخدم صدّام حسين الغاز لقتل مئات الآلاف من الإيرانيين والأكراد، وكانت الولايات المتحدة تسانده.
وعاد بوروما الى التساؤل: أهي قضية قانونية إذن؟، إن استخدام الأسلحة الكيماوية في واقع الأمر انتهاك للاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية الأسلحة الكيماوية، التي لم توقع عليها سوريا قط، وبروتوكول جنيف، وسوريا أحد أطرافه، لذا فهناك أسباب وجيهة للتعامل مع الأسد باعتباره مجرم حرب، وفي هذه الحالة لا بد من توجيه الاتهام إليه في المحكمة الجنائية الدوليةــ والتي تأسست بالمناسبة بموجب معاهدة لم تصدق عليها الولايات المتحدة قط، ولكن تجاهل الأمم المتحدة وشن حرب غير قانونية لمعاقبة تصرف غير قانوني ليس بالسياسة التي يسهل الدفاع عنها.
واستطرد بالقول: مع ذلك فان بوسعنا أن نقول إن "المجتمع الدولي" أو الغرب، أو الولايات المتحدة باعتبارها القوة الغربية الرئيسة، لابد أن ترسم الخط عند حد ما، فكيف تشيح الحكومات المسؤولة بوجهها بعيداً، ببساطة، عندما يُقتَل أناس أبرياء بأعداد كبيرة؟ إن التغاضي عن الإبادة الجماعية أمر لا يمكن احتماله.
ولكن أين بالضبط نرسم هذا الخط؟ وكما عدد جرائم القتل التي قد تشكل إبادة جماعية؟ الآلاف؟ مئات الآلاف؟ الملايين؟
هذا هو السؤال ، وهو ليس سؤالا أخلاقيا ولا سؤالا يتعلق بماء الوجه، وكل شيء يتعلق في النهاية بنتائج استخدام العنف ونجاح الضربة أيا كانت أسبابها.
https://telegram.me/buratha
