استيقظت بغداد أمس الأحد، لتجد نفسها مقطعة الأوصال، بسبب إجراءات أمنية مشددة، فرضت على خلفية تنفيذ مسلحين يستقلون درجات نارية، هجمات قاتلة في عدد من مناطق غرب بغداد، خلال اليومين الماضيين.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد إطلاق عدد من بالونات المراقبة المزودة بالكاميرات في سماء العاصمة لرصد تحركات المشبوهين، على خلفية انباء عن عودة "حالات القتل العشوائي".
وشهدت العاصمة بغداد، أمس، إجراءات امنية مشددة تسببت باختناقات مرورية حالت دون وصول معظم المواطنين إلى أماكن عملهم، فيما قامت وحدات من الجيش وشرطة المرور بحجز السيارات المخالفة لنظام "الزوجي والفردي".
وجاء تشديد الإجراءات الأمنية في بغداد، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة مقتل 804 أشخاص جراء أعمال العنف خلال شهر آب الماضي.
واغلقت قيادة عمليات بغداد، منذ فجر أمس الاحد، مداخل العاصمة وقطعت الطرق الرئيسة، ومنها محمد القاسم والدورة والقناة والجادرية ومدينة الصدر والكاظمية.
وقال مواطنون، لـ"العالم"، إن "الإجراءات اضطرتنا الذهاب إلى دوائرنا ومصالحنا مشياً على الاقدام، فيما عاد كبار السن إلى منازلهم، بسبب ارتفاع درجات الحرارة".
وقال محسن محمد (54 عاماً)، "جئت مشياً من تقاطع المأمون. دائرتي في الجادرية، وانا هنا استريح في منطقة العلاوي"، مشبها ما حصل منذ صباح الاحد بـ"الساحة والميدان".
فيما اكد راجي علاوي، أنه "شاهد كبار السن يجلسون على الرصيف بسبب التعب وارتفاع درجات الحرارة".
وتابع "كان يوماً عصيباً وبغداد في حالة فوضى وذعر". ونشرت قيادة العمليات نقاط تفتيش جديدة على الطرق المؤدية إلى وسط العاصمة للتدقيق في السيارات.
وذكر مصدر أمني لـ"العالم" أن "قيادة عمليات بغداد فرضت (امس) إجراءات امنية مشددة في عدد من مناطق العاصمة، على خلفية بروز حالات قتل عشوائي واستهداف للتجمعات والمقاهي"، مشيراً إلى أن "الأجهزة الأمنية سجلت خلال اليومين الماضيين مقتل 16 شخصا على ايدي مسلحين يستقلون دراجات نارية في منطقتي المنصور والإسكان" غرب بغداد.
ولفت المصدر إلى أن "قيادة العمليات قررت إطلاق بالونات مزودة بكاميرات مراقبة تعمل على تدقيق الحركة في بغداد وأطرافها"، مؤكداً أن "الاجراء يهدف إلى ضبط أي تحرك مشبوه".
وتأتي هذه الاجراءات عقب يوم من خروج تظاهرات شعبية في بغداد وعدة محافظات للمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية، والتي لم تخل من أعمال عنف تسببت بوقوع اصابات بين صفوف المتظاهرين بعد محاولة قوات مكافحة الشغب فض التظاهرات بالقوة باستخدام خراطيم المياه والعصي.
إلا أن المتحدث باسم وزارة الداخلية العقيد سعد معن نفى في تصريحات صحفية امس وجود اختناقات مرورية واجراءات امنية استثنائية.
وقال معن إن "شوارع العاصمة بغداد تشهد حركة انسيابية ولا يوجد تكثيف للإجراءات الامنية صباح (امس)".
وكانت وزارة الداخلية اعلنت نيتها وضع خطة امنية جديدة خلال الايام المقبلة على خلفية الخروقات الامنية الاخيرة، مؤكدة استمرار عملية "ثأر الشهداء"، التي حققت نتائج كبيرة.
وأكد الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي، أن "الخطة ستركز على الجهد الاستخباري فضلا عن نصب كاميرات مراقبة في عموم شوارع بغداد".
واوضح أن عملية ثأر الشهداء حققت نجاحا كبيرا، مشيرا إلى أن العملية مستمرة في ملاحقة الزمر الارهابية وتم القاء القبض على قيادات بارزة في تنظيم القاعدة وتدمير عدد من الخلايا الارهابية الخطيرة وسيتم الكشف عنها بعد اجراء التحقيق معها.
وأعرب الاسدي عن قلقه من تأثير الاوضاع الامنية التي تشهدها المنطقة وخصوصا سورية على الوضع الامني في البلاد.
وكشفت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" امس عن مقتل 804 أشخاص وإصابة 2,030 آخرين جراء أعمال العنف و"الإرهاب" التي وقعت خلال شهر آب الماضي.
وقال بيان لممثلية الامم المتحدة في العراق في بيان تلقت "العالم" نسخة منه امس إن "عدد القتلى المدنيين بلغ 716 شخصاً، بما في ذلك 106 من قوات الشرطة المدنية.
أما عدد الجرحى المدنيين فقد بلغ 1,936 شخصاً بما في ذلك 195 من قوات الشرطة المدنية.
كما قُتل 88 عنصراً من منتسبي قوات الأمن العراقية وأصيب 94 آخر.
واوضحت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جاكلين بادكوك، حسب البيان "على الرغم من انخفاض أعداد الضحايا في شهر آب مقارنة بشهر تموز ، لا تزال أعمال العنف تخلّف آثاراً كبيرة على المدنيين وتشكل مصدر قلق كبير في ظل مقتل ما يقارب5000 مدني، وإصابة12000 آخر منذ بداية سنة 2013".
ووفقا للبيان كانت بغداد المحافظة الأكثر تضرراً خلال شهر آب حيث بلغ مجموع الضحايا المدنيين1,272 شخصاً، تلتها محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى والأنبار حيث أفادت التقارير الواردة بسقوط مئات الضحايا.
أما في محافظات كركوك، وبابل، وواسط، والبصرة فقد أوردت التقارير أيضاً سقوط عشرات الضحايا.
https://telegram.me/buratha
