شكك مرصد الحريات الصحفية، السبت، بنجاح مساعي الحكومة بتمويل وسائل الاعلام العراقية، لوجود فضائيات تمتلكها احزاب واشخاص لهم قدرات مالية تفوق قدرات الحكومة، لافتا الى ان هذه الخطوة ستفقد بعض القنوات حياديتها.
وكان مصدر مقرب من رئاسة الوزراء لم يُكشف عن هويته، قد كشف أن الحكومة تعتزم تنفيذ مشروع إحصائي وتوثيقي يعد الأكبر من نوعه في العراق لإعداد دراسة شاملة عن الإعلام وتوفير البيانات اللازمة وعن مصادر تمويله.
وقال المصدر إن هيئة الإعلام والاتصالات ستتبنى المشروع المذكور الذي ستنفذه منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، في خطوة لتشخيص واقع الإعلام والصحافة في العراق وتوفير البيانات عن تمويله وكوادره واتجاهاته وميوله واحترافيته، مبينا أن الحكومة تسعى من خلال ذلك إلى إيجاد منافذ لتمويل هذا القطاع في خطوة لدعم حرية التعبير والدفع باتجاه الالتزام بقواعد البث والنشر والعمل الصحفي.
من جانبه قال رئيس مرصد الحريات الصحفية، هادي جلو مرعي، انه لا توجد لدى منظمته معلومات شافية عن هذه الخطة، ولكن لنفترض جدلا انها موجودة وانها طرحت او هي في طور النقاش، مستدركا ان "العراقيين يدركون تماما طبيعة وسائل الاعلام العراقي من الفضائيات والصحف وغيرها، وهي في غالبها مملوكة لاحزاب وجهات سياسية وطائفية وقومية من الصعب السيطرة عليها من جهة التمويل او الدعم الحكومي".
واضاف ان "هناك قنوات ممولة من احزاب تعارض الحكومة العراقية ولديها مواقف حتى ربما عدائية، وهنالك مشاكل من نوع ما تدفع باتجاه عدم القبول بالتمويل الحكومي".
وعد مرعي هذه الخطوة الحكومية متأتية من باب "الضغط على وسائل الاعلام لاتخاذ مواقف معينة"، معبرا عن "عدم اعتقاده بانها خطة حقيقية او قابلة للتطبيق على ارض الواقع لانه من الصعب على الحكومة ان تمول القنوات الفضائية ووسائل الاعلام".
وتابع بالقول لو افترضنا ان الحكومة تريد القيام بهذه الخطوة فعلا، فان "وسائل الاعلام في اغلبها لن تقبل بذلك، لانها ستفقد قدرتها على انتقاد الحكومة وان تكون محايدة وتفقد قدرتها في تبنيها خطاب الجهة التي تمولها، لانها اما ان تكون موالية للحكومة او للجهة الحزبية التي تمولها".
وحول امكانية تفسير نوايا الحكومة بانها تاتي ضمن اطار "شراء ذمة القنوات او لها علاقة بالوضع الامني لتخفيف الضغط على المتلقي بسبب ما تضخه وسائل الاعلام من اخبار حول تصاعد العنف واعداد الضحايا، اوضح مرعي انه حتى لو قلنا جدلا ان هذه الخطة متوفرة وحقيقية، "فانا بصراحة اراها غير قابلة للتطبيق على المستوى القريب وحتى على المستوى البعيد".
ونوه الى ان كل الحكومات لديها رغبات في ان يكون هناك اعلام محايد او "بعيد عن تصويب السهام لها او انها لا تتبنى خطاب ناقد او لا تعاديها على الاقل"، مستدركا ان "البيئة العراقية لا تصلح لذلك، لان القنوات الفضائية ووسائل الاعلام المختلفة ممولة من احزاب وجهات سياسية بعضها متحالف مع الحكومة وبعضه الاخر مناوئ لها".
ورأى مرعي انه اذا كانت بعض القنوات التي تتبنى خطاب سياسي لقوى سياسية قريبة من الحكومة، فهي "ليست بحاجة ان تمول من الحكومة وان الاخيرة ليست بحاجة ان تمولها لانها مضمونة الولاء".
واشار الى ان "هناك بعض القنوات الفضائية ويعرفها الجميع وهي ليست بحاجة للتمويل الحكومي ويملكها اشخاص ومؤسسات لهم قدرات مالية هائلة احيانا حتى اقوى من قدرة الحكومة، ولديها تمويل خارجي وتمتلك قدرات مالية كبيرة وهي في غنى عن هذا التمويل".
https://telegram.me/buratha
