أودى تفجير نحو 17 سيارة مفخخة في بغداد ومدن أخرى، أمس الاثنين، بحياة أكثر من 50 شخصا.
وتقول الشرطة إن أكثر من 236 شخصا أصيبوا بجروح في التفجيرات التي استهدفت الأسواق وأماكن وقوف السيارات في مناطق متفرقة من العاصمة.
وقال مصدر في استخبارات الداخلية، في تصريح لـ"العالم"، إن "التفجيرات وقعت بشكل متزامن، ما يشير إلى أن الجماعات المسلحة استغرقت وقتاً طويلاً للتحضير لهذه العملية".
وكشف المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أن "عدداً من السيارات بقي لفترة طويلة في مواقع التفجير، كما حصل في مدينة أبو دشير، حيث أشارت معلومات مؤكدة إلى أن السيارة التي انفجرت هناك مكثت في المنطقة لأكثر من يومين قبل تفجيرها".
وواصل المصدر حديثه عن تفاصيل مقلقة عن الوضع الأمني في العاصمة، بالقول ان "التفجيرات التي وقعت أمس كان مخططاً لها أن تنفذ في يوم واقعة سجني أبو غريب والتاجي"، مشيراً إلى أن "عملية كبيرة كان من المفترض ان تقع ضمن خطة أطلق عليها (فوضى النيران)".
وبحسب المصدر، وهو فاعل في احدى غرف عمليات الأمن العراقية، فإن "الهدف من (فوضى النيران) التي تتوزع على عمليتي السجن والمفخخات في بغداد ومناطق اخرى، هو إسقاط السيطرة الأمنية للحكومة بشكل نهائي".
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية أمس، إن 11 سيارة مفخخة ضربت تسع مناطق في العاصمة، سبع منها يمثل الشيعة غالبية سكانها.
ووقعت التفجيرات في أحياء الحبيبية والشعب شرقي وشمال شرقي العاصمة بغداد، وفي أحياء الشرطة الرابعة، والرسالة والبياع جنوبا، والحرية شمالا.
وانفجرت سيارتان أخريان في الكوت، وضربت اثنتان السماوة، بينما انفجرت سيارة أخرى في البصرة.
وكان أكثر التفجيرات عنفا، بحسب التقارير، هو ما وقع في مدينة الصدر. ويعد هذا العام أحد أكثر الأعوام عنفا في العراق منذ 2003. فيما قتل منذ بدء العام الحالي نحو 3000 شخص. بدورها، قالت وزارة الداخلية في بيان إن "تنظيم القاعدة" هو من نفذ التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة.
واكدت إن "البلاد أصبحت في مواجهة حرب معلنة تشنها قوى طائفية دموية تستهدف إغراق البلاد في الفوضى وإعادة إنتاج الحرب الأهلية التي تجاوزها العراقيون بتضحياتهم ووعيهم".
واضافت ان "ضخامة وسعة الاعتداءات الإرهابية تكشف عن اختراق كبير لجماعات الإرهاب للنسيج الاجتماعي ووجود حواضن بشرية ودعم تتلقاه هذه العصابات على خلفيات طائفية وسياسية".
واتهم ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي, الولايات المتحدة بالمساهمة في "ارتفاع معدلات العنف في العراق"، بسبب قرار الرئيس الأميركي باراك اوباما, الاخير تسليح المعارضة السورية".
وقال القيادي في الائتلاف وليد الحلي إن "أميركا لها يد مهمة جدا في قضية ارتفاع العنف في العراق، بعد موافقة أوباما على تسليح المعارضة السورية".
وأضاف الحلي، في تصريح صحفي، أن "من أهم المشاكل التي نعانيها في العراق هي تسليح المعارضة السورية، التي نقلت الأسلحة إلى العراق، بعد الضوء الأخضر الصادر من الولايات المتحدة الأميركية لبعض الشركات لتسليح المعارضة السورية"، موضحا أن "تلك الأسلحة سوف تستخدم في العراق ضد الشعب العراقي ومؤسسات الدولة". وبين الحلي، أن "الولايات المتحدة أثناء وجودها في العراق اعتقلت أعدادا كبيرة بما يقارب 60 الف من العراقيين، وهؤلاء أميركا تعرف أن اغلبهم قاعدة وإرهابيين، لكنها اطلقت سراحهم".
وتابع "هؤلاء هم قادة جبهة النصرة في سورية، وما يسمى دولة العراق الإسلامية، وهم أيضا قادة الأعمال الإرهابية التي تذبح العراقيين كل يوم".
وأكد الحلي أن "الولايات المتحدة الأميركية لا تمارس الضغط على حليفتها تركيا ودول عربية مثل قطر والسعودية التي تقوم بدعم الإرهاب بالعراق، وليس فقط من حكوماتها، بل من خلال منظمات خيرية تقوم بتمويل الإرهاب في العراق".
من جهته قال رئيس البرلمان اسامة النجيفي إن "التفجيرات ترمي الى بث الفرقة وإثارة النعرات الطائفية بين ابناء الشعب الواحد".
واعتبر في بيان انها "مؤشر خطير يؤكد العجز الواضح في أداء الاجهزة الامنية وعدم قدرتها على حماية المواطنين لاسيما بعد توالي الهجمات وارتفاع عدد الخروقات في الكم والنوع مما أدى الى وقوع خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات"
واضاف النجيفي أن "هذه الهجمات لم يقابلها أي تطور نوعي ملموس يمكن من خلاله طمأنة الشعب بقدرة المؤسسات الامنية على التصدي ومواجهة هذا الخطر الدائم". واعتبر ائتلاف "متحدون" الذي يتزعمه النجيفي، ان "التفجيرات التي ضربت معظم مناطق العاصمة وبعض المحافظات تشير إلى وجود تواطؤ واضح من قبل بعض العناصر الفاسدة التي تخترق اليوم المؤسسة الأمنية".
وطالب ائتلاف متحدون بـ"تفعيل الجهد الاستخباراتي، والقضاء على الفساد في الأجهزة الأمنية".
وقال القائم بأعمال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جيورجي بوستين، في بيان، "نشعر بقلق عميق في أعقاب موجة التفجيرات الجديدة بالسيارات المفخخة (...) أعمال العنف تحمل في طياتها مخاطر عودة البلاد إلى الصراع الطائفي".
وحث بوستين "جميع الزعماء السياسيين على القيام بتحرك فوري وحاسم لوقف سفك الدماء الذي لا معنى له". بدوره، قال الشيخ جلال الصغير، القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى، إن "الكوارث لا تنفك تقع اسبوعيا على رؤوسنا، ولا نعلم ما هو المقسوم لنا".
وتساءل الصغير "لماذا لا نقول من يقصر في تحمل المسؤولية (...) بارك الله بك وهذه اموالك وتقاعدك واذهب اجلس في بيتك".
بدوره، قال الحزب الإسلامي، في بيان تلقت "العالم" نسخة منه، إن "وقوع الانفجارات بهذا العدد الكبير والتزامن في الوقت والمكان تؤشر خللاً واضحاً في العمل الأمني".
https://telegram.me/buratha
