تتعرض الحريات المدنية في البلاد الى خطر حقيقي، مصدره الأول والأساس الجهل المطبق لأفراد الأجهزة الأمنية بمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير التي كرّسها الدستور وألزم بكفالتها واحترامها،وهي بالتالي ليست منحة أو منــّة من أحد. أما المصدر الثاني لهذا الخطر فهو التطرف الذي يترجم على شكل مليشيات تتعرض للنشطاء في مجال حقوق الإنسان والحريات المدنية تارة وتهاجم مقاهي وأماكن عامّة تارة أخرى بحجة امتلاكها للحقيقة واستنادها الى المـُـقدس وغيرتها وحميـّتها الزائفة على اخلاقيات المجتمع العراقي وعاداته وتقاليده.
بات كل يوم يمر على العراقيين يوماً دامياً حزيناً يدفعون فيه ارواحاً بريئة ومصادر للرزق في إعتداءآت تطال أماكن عامة وتتحمل المسؤولية الجنائية عنها جهات إرهابية غدت معروفة بانتهازها مواسم التقصير الحكومي والإجراءآت العبثية التي تضيـّق على الحريات العامة والخاصة ولا تحدّ من قدرة الإرهاب في التحرك الإجرامي.
قبل ايام هاجمت مليشيات ادعت العشائرية والغيرة على العادات والتقاليد مقاهيَ آمنة وسط العاصمة بغداد لم تكن تقدم سوى المشروبات العادية والدخول الحر الى شبكة الأنترنت،وتوفر مكاناً للنقاش وتبادل الآراء الحرة ومجالاً للتواصل الاجتماعي المُباشر في غياب وسائل الثقافة والترفيه وممارسة الهوايات الرياضية والعامة. حدث هذا في وقت انشغلت فيه القوات الأمنية عن تأمين الحياة المدنية بملاحقة بضعة إعلاميين ونشطاء قرروا التظاهر السلمي تحت نُصب الحرية إحتجاجاً على سوء الخدمات، وثبُت لدينا تجسس أجهزة أمنية بعينها على نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي وملاحقتهم على إثر ما ينشرون في هذه المواقع وما يتفقون عليه من تواصل للإحتجاج السلمي الذي يكفله الدستور.
مرّة أخرى يُطاح بالنص الدستوري الحامي لحرية التظاهر والتجمع السلمي المدني، ومرة أخرى تخرج خفافيش الظلام المليشياوية مستفيدة من غضّ الأجهزة الحكومية لبصرها عنها وعن افعالها المنتهكة على نحو صارخ للقانون.
إن نقابتنا تؤشر خطر الإنزلاق نحو الإجهاز على أهم مكاسب الشعب، وهو حرية التعبير وحق التجمع والتظاهر السلمي، وهو مكسب يبدو في خطر اليوم أكثر من اي وقت مضى. ندعو الجهات والمنظمات الأممية التي قدمت يد العون للعراق في التخلص من الارث الاستبدادي للدكتاتورية الى ان تعيد مدّ اليد ذاتها كي يتجاوز شعبنا فخ فقدانه حرياته الأساسية تحت تهديد مُسميات مختلفة، تأخذ مرّة شكل الضرورة الأمنية وأخرى شكل حماية الأعراف الإجتماعية ومرّة ثالثة شكل الحميّة الدينية، وهي ليست في شيء من هذا كله .
حرية التعبير عن الرأي وحق التظاهر السلمي من أقداس الديمقراطية التي لا ينبغي التنازل عنها، بل يجب ملاحقة المتجاوزين عليها قانونياً بوصفهم منتهكين لحقوق كفلها الدستور الذي الزم الدولة بصيانتها.
تدعو نقابتنا المجتمع المدني والقوى الديمقراطية في البلاد الى وقفة جادة في وجه الحملة الارهابية – الحُكومية على الحقوق والحرّيات المدنية.
https://telegram.me/buratha
