تشهد شوارع العاصمة بغداد ما يشبه حالة الشلل بسبب الزحام عند نقاط التفتيش والمفارز الأمنية المتحركة، في وقت اشتكى مواطنون من "جنود وضباط لا يفعلون شيئاً عند تلك النقاط، بينما طوابير العجلات تضطر الانتظار لساعات، وسط درجات حرارة عالية".
وزادت اخيراً، نقاط التفتيش في جانبي الكرخ والرصافة، وأضيف لها مفارز مشتركة بين دوائر امنية مختلفة، تقوم بتفتيش عجلات المدنيين.
وعلى رغم حالة السخط العامة في الشارع، استبعدت قيادة عمليات بغداد القيام بتقليص عدد السيطرات، وقالت إن "الوضع الامني لا يسمح بذلك".
وروى عدد من سكان بغداد حوادث يومية عند نقاط التفتيش في بغداد.
وقال مؤيد إبراهيم، وهو من سكان حي المأمون، إن "طابور العجلات امتد إلى نحو كيلومتر في (أحد شوارع الكرخ)، وبينما يجتازها المواطنون، تفاجئهم مفرزة مشتركة للتفتيش أيضاً".
واوضح إبراهيم، بعد أن قضى نحو ساعة ونصف عند سيطرة وسط بغداد، أنه "لم يتعرض للتفتيش، برغم الانتظار الطويل".
وتابع "وصلت بسيارتي إلى حيث يقف الجندي في السيطرة. كان يستعمل هاتفه الخلوي، وقال لي هل تحمل سلاحاً، اجبته بالنفي، وسمح لي بالمرور (...) لهذا السبب فقط ننتظر ساعات قبل ان نلتحق باعمالنا ومصالحنا".
ويقول وسام عادل، إن "بعض عناصر الأمن، يعاقبون السائق عندما يصل إلى نقطة تفتيش وقد أغلق زجاج سياراته من أجل التبريد".
ويعتقد عدد من المواطنين إن الإجراءات الامنية مطلوبة في ظرف حساس تمر به البلاد، لكنهم يرون ان "أداء عناصر الأمن لا يؤدي غرض التفتيش".
وقال علي جعفر، وهو طالب جامعي، إنه "طابور عجلات طويل تتسبب به إحدى سيطرات الرصافة الكبيرة، لكن الضابط المسؤول عنها يستهدف النساء، دون غيرهم حين يقوم بتفتيش العجلات".
مواطنون آخرون سردوا لـ"العالم" شهادات مختلفة عن سيطرات بغداد. بعضهم شاهد جندياً يستعمل خدمة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، من الحاسوب المحمول الموجود في السيطرات. بينما تكررت شكوى الناس من ظاهرة تدخين الجنود، واهمالهم الواجب.
في المقابل، استبعدت "قيادة عمليات بغداد" تقليص عدد نقاط التفتيش في العاصمة واعتبرتها "ضرورية في فرض الامن" ورفضت وصفها بـ "غير مجدية".
وقال مصدر في القيادة، رفض الكشف عن اسمه، إن "هناك جدوى كبيرة من وراء السيطرات والتدقيق والتفتيش ولا نية لتقليصها في الوقت الحالي".
واردف المصدر، أن "على المواطن ان يعلم ان هذا الموضوع مؤقت ولا يمكن ان يستمر طويلا، فهناك خطط حديثة ستطبق في المستقبل للتخلص من حالة الازدحام وضمان انسيابية السير، وفي نفس الوقت نضمن من خلال هذه الحالة التفتيش الدقيق للمركبات".
واشار إلى ان "الظرف الامني الصعب في بعض الاحيان يؤدي إلى توتر افراد القوات الامنية في الشارع، وقد يؤدي عدم تعاون المواطن مع الشرطة والجيش إلى حصول بعض الملاسنات الكلامية وهذا ما يجعل الناس تتذمر من الزحام في هذه النقاط".
واضاف "بعض الاحيان نحصل على معلومات غير محددة بشأن دخول سيارات مفخخة، وهي تؤشر لون السيارة ونوعها فقط، وهذا يتطلب نمطاً معينا من التفتيش يسبب حالة الزحام التي تشهدها بغداد بشكل يومي".
في شأن متصل، لا تزال القوات الأمنية تستعمل جهاز كشف المتفجرات "السونار"، على رغم تأكيدات رسمية بعدم صلاحيته.
سوى أن المصدر الأمني، كشف عن "دراسة تجرى حاليا على اجهزة الكشف عن المتفجرات (السونار) لا يمكن الافصاح عن نتائجها الان".
وعن الاتهامات التي وجهت لبعض عناصر الاجهزة الامنية بـ"الاهمال والتقاعس" او التطاول على المواطنين اكد المصدر ان "هناك عقوبات طالت العديد من افراد القوات الامنية المخالفين، وقد وجه القائد العام للقوات المسلحة بعدم التساهل مع أي عنصر امني يخالف القوانين او يعتدي على مواطنين".
وتابع "بالفعل تم تقديم العديد من الافراد إلى المحاكم العسكرية ونالوا جزاءهم ازاء تصرفات غير مسؤولة تضر بسمعة الاجهزة الامنية".
إلى ذلك، اوضح مصدر في وزارة الداخلية، لـ"العالم"، ان "المفارز المشتركة أو مايعرف بـ(المرابطة) هي جزء من خطة عمليات بغداد"، لافتا إلى انها اثمرت "في بعض المناطق عن كشف العديد من السيارات المسروقة، وتوصلت إلى خيوط مهمة لعصابات سرقة وارهابيين".
واضاف ان "المرابطات تتم بالتنسيق مع شرطة المرور والانضباط العسكري وشؤون الداخلية والشرطة الاتحادية، وبفضلها ضبطت رخص قيادة وجنسية احوال مدنية ووثائق اخرى رسمية مزورة، كان منها هوية منتسبي الداخلية".
وتابع المصدر أن "عمل المفارز المشتركة اسفر عن اعتقال العشرات".
واشار المصدر إلى أن "السيطرات الثابتة تركز على العجلات المفخخة او التي تحمل اسلحة لكنها لا تدقق بشخصيات راكب العجلة او هويته ان كانت مزورة ام لا".
وبين انه "في المرابطات يتم زرع ضباط ذو خبرة في الوثائق المزورة".
من جتهه، قال عمار طعمة، عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية، في تصريح لـ"العالم"، ان الغاء السيطرات او المرابطات تماما أمر مستحيل لانها واحدة من الاساليب التي اعتمدت في الخطط الامنية لقيادة عمليات بغداد عام 2007، نظرا لجسامة التحديات الأمنية".
وشدد طعمة على ان "السيطرات وحدها لا تستطيع مواجهة كل التحديات الامنية التي تشكلها الهجمات بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، ولا بد من التركيز على اساليب اخرى من خلال التواصل مع المواطن باعتباره المصدر الرئيس للمعلومة ويمتلك مرونة اكبر من الاجهزة الامنية لمراقبة ورصد أي حركات مريبة يمكن الإخبار عنها".
واعرب عن اعتقاده بأن تخفيف السيطرات، وتقليص عددها، مرتبط بتعزيز السلطات الأمنية لقدراتها الاستخبارية.
لكن طعمة يدعو أجهزة الرقابة في الداخلية إلى متابعة أداء عناصر الأمن في السيطرات.
وأكد أن "دائرة الشؤون والامن في الداخلية، ومديرية الامن والاستخبارات في الدفاع هي من عليها كشف الاختراق داخل المؤسسة الأمنية، إلى جانب متابعة أداء عناصرها".
ومع ذلك يؤيد طعمة "التحركات التي تقوم بها المفارز المتحركة، لانها تمتلك صلاحيات كبيرة، وتعتمد على عنصر المفاجأة حين تستقر في منطقة ما".
واعتبر طمعة ان "التدهور الامني في العراق لم ينشأ من القصور والخلل في المؤسسات الامنية وحسب، بل هناك مشكلة سياسية تغذي العنف في العراق".
بينما يعتقد طعمة، النائب عن التحالف الوطني، أن "الحديث عن تصرفات عناصر الأمن فيه مبالغة بعض الشيء"، ويؤكد أن "مظاهر الاهمال في الواجب والتعامل السيء مع المواطنين قلت كثيرا عن السنوات الماضية".
وتابع "علينا أن نعرف أيضاً ان ردود الفعل السيئة التي يلجأ إليها الجنود في الشارع ناجمة عن حالة الضغط التي يعانون منها".
https://telegram.me/buratha
