اعترف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من أربيل، اليوم الاحد، بأن "شبح الحرب الطائفية" عاد إلى العراق وأكد أن البلد بدأ يتأثر بموجة الاقتتال التي تجتاح المنطقة،
ودعا جميع الأحزاب والتيارات والطوائف إلى التكاتف لمواجهاتها والاحتكام إلى الدستور لحل الخلافات فيما بينها وعدم الاصطفاف في الاصطفافات التي تشهدها المنطقة، في حين اعرب عن أمله بحل المشاكل مع أربيل مبينا أن ما يثار عن مشاكل بينهما "مضخم" .
وقال المالكي في كلمة له في بداية جلسة مجلس الوزراء التي يعقدها في قاعة سعد عبد الله في أربيل ونقلت مباشرة عبر الفضائيات، "بعدما خرج العراق من تلك الحقبة السوداء واثبت العراقيون القدرة على احتواء ازمة الاقتتال الداخلي والطائفية البغيضة وعاد البلد الى استقراره فإن شبح الاقتتال الطائفي قد عاد".
وأضاف المالكي أن "المنطقة التي تمر بعاصفة جديدة، عاصفة هوجاء وتحديات سياسية وأمنية أخطرها هو عودة بروز التنظيمات المتطرفة مثل القاعدة وجبهة النصرة وغيرها من دعاة التطرف والطائفية مدعومة احيانا بفتاوى مع الاسف الشديد مما اعاد شبح الخوف من عودة الاقتتال ليس في العراق فحسب وانما في المنطقة".
وتابع المالكي "العراق جزء من المنطقة وجزء من نسيجها بشكل عام ولذلك بدأنا نتأثر بالعاصفة التي تمر بها المنطقة"، مشددا على أن "ذلك يقتضي منا جميعا سياسيين واحزاب، وكتل، وعشائر، وعلماء دين، ومثقفين، ورجال، ونساء ان ننهض مرة أخرى بمشروع البنية الوطنية والمصالحة الوطنية لمواجهة هذا الخطر الذي يأتي على كل ما تمكنا من بنائه وتثبيته لوحدة هذا البلد واستقراره وحتى لا نتأثر بما يجري في المنطقة ونتوزع الى فريق يؤيد هذا الوضع في هذه الدولة وفريق يعارض".
واكد المالكي أنه بغض النظر عن علاقات العراقيين بأصدقائهم في البلدان الأخرى، "يجب أن يبقى الشأن العراقي بعيدا كل البعد عن التأثر بما يجري في المنطقة وخلفيات هذا التأثر"، مبينا "نحن كبلد لنا خصوصيتنا، لنا شأننا، لنا علاقتنا، لنا مكوناتنا".
وعدَّ المالكي أن "مقومات البلد المنيع العزيز القوي موجودة، والعراق اذا تيسرت له اجواء من الانسجام وحلول للمشاكل بشكل هادئ سيتحقق المطلوب"، مؤكدا أن "اخطر وأهم ما ينبغي ان نعمل عليه هو أن نتعامل على اساس الانتماء الوطني وليس على اساس الانتماء للهويات الطائفية او الهويات الحزبية مع احترامنا لها".
ودعا رئيس الحكومة "الجميع أن يكون محكوما بهوية واحدة هي العراق"، وبين "هذه الهوية هي التي منها ننطلق في احترام باقي الهويات التي ننتمي اليها والتي هي مورد احترام واعتزاز في الانتماء المذهبي"، مؤكدا أن "الانسجام بين التعددية يكون بمقدار الالتزام بمصلحة البلد وبالدستور وبالهوية الوطنية".
واستدرك المالكي قائلا "ليس سهلا ان ننتقل من نظام حديدي الى نظام فدرالي اتحادي ديمقراطي يعطي الحريات للآخرين ولذلك سنمضي في هذه الدورة، في هذه الحكومة وفي مجلس النواب، وفي الحكومات المقبلة للتعامل تحت سقف التعريف الذي نتفق عليه لبلدنا وهو جمهورية ديمقراطية اتحادية، نظامها جمهوري دستوري برلماني قائم على اساس الدستور، سقفنا في كل التعاملات التي نتعامل بها، والذي نرجع إليه في ايجاد حلول للمشاكل وتطوير الامكانات هو الدستور الذي اتفقنا عليه وصوت عليه الشعب العراقي"، وأردف "واذا كان هناك ما يحتاج في الدستور من تعديل لكي ينسجم مع تطلعاتنا لبنية دولة متينة ايضا لابد ان يكون من خلال الدستور".
وأعرب المالكي عن أمله أن تساهم زيارته إلى اربيل في حل المشاكل بين الاقليم والمركز، وقال "انا سعيد واعبر عن هذه السعادة باننا نعقد هذا اللقاء لمجلس الوزراء في جلساته الاعتيادية لمناقشة برنامجه وجدول عمله في محافظة عزيزة في اقليم كردستان العراق وهي محافظة اربيل، وهذه ستكون خطوة لإيجاد حلول لكل المشاكل العالقة التي احيانا تضخم واحيانا تخرج عن إطار السيطرة ولكن الارادة حازمة في اننا يجب ان نجد حلولا لكل المشكلات العالقة".
وكان رئيس الحكومة المركزية نوري المالكي وصل، صباح اليوم السبت، إلى مدينة أربيل برفقة وزرائه وعدد كبير من المستشارين، وكان في استقباله رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس الحكومة نيجرفان بارزاني وعدد آخر من كبار المسؤولين الكرد كانوا في استقبال المالكي في المطار، في لقاء هي الأول للرجلين منذ الاتفاق على تشكيل الحكومة الحالية في كانون الأول 2010 والذي اعقبته مقاطعة بينهما اشتدت بقوة مع نهاية العام 2011 بعد إصدار مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.
https://telegram.me/buratha
