بعد أكثر من عام على قرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري إلغاء بث تسجيلات اعترافات المعتقلين من الارهابين المتورطين في أعمال مسلحة، إثر ورود أسماء مسؤولين وأحزاب فيها، عاود تلفزيون «العراقية» الحكومي الى بث تسجيلات جديدة لاعتراف عدد من عناصر تنظيم «التوحيد والجهاد» التابع لـ القاعدة وجماعات مسلحة أخرى، بمسؤوليتهم عن عمليات كان بينها تفجيرات استهدفت شارع المتنبي وحي الصدرية. وتوزعت انتماءات المتهمين بين «القاعدة» و «كتائب ثورة العشرين» و «الجيش الاسلامي»، في حين روى أحد عناصر «القاعدة» كيف فخخ وثلاثة من زملائه شاحنة كبيرة بمتفجرات «تي ان تي» والبارود وقذائف المدفعية وألغام للأفراد والآليات وضعت جميعا في علب سكاكر كارتونية من الحجم الكبير.
واعترف هذا العنصر أيضاً باستخدام أطفال من مرتادي أحد المساجد القريبة من معمل التفخيخ، وهو عبارة عن مخزن تجاري وسط بغداد، لتحميل الشاحنة الذي استمر من بعد صلاة العشاء حتى قبيل صلاة الفجر. وروى أيضاً على شاشات «العراقية» كيف خرجت الشاحنة من هذا المخزن الى منطقة الصدرية وقت الظهر، لاستغلال زحمة السير. وكان يشرف على العملية أفغاني يُدعى «أبو قتادة».
وأفاد أيضاً أن مجموعة أخرى شاركت أيضاً في الإعداد لتفجيرات شارع المتنبي، إذ أوصلت سيارة مفخخة من طراز «دايو» الكورية الصنع الى الشارع حيث كانت مجموعة أخرى أوصلت حافلة صغيرة أخرى من نوع «كيا». وحُمّلت هاتان السيارتان بالمتفجرات إثر إعدادها في مخازن وسط سوق الشورجة. وأكد المتهم الذي لم يذكر اسمه أنه ومجموعته كانوا يعملون تحت تأثير المخدرات التي يتعاطونها. كما أشار متهم آخر (27 عاماً) الى ارتكابه خطأ خلال اقدامه على أول جريمة قتل، إذ اخطأ التصويب وأصاب كتف الرهينة بدلاً من رأسه».
وأوضح أنه كان في منزله عندما تلقى اتصالاً من «الأمير» الذي طلب منه المجيء الى منطقة الخط السريع شرق بغداد حيث «وجدت شخصين معصوبي الأعين ومقيدي الأيادي في سيارة أنزلوهما منها. وأمرني باطلاق النار على أحدهما فيما يطلق هو النار على الآخر. فوضعت المسدس على رأس الشخص ولكون العملية الأولى لي، كنت مرتبكاً فأشحت بوجهي عند ضغطي على الزناد فأخطأت وأصبته في كتفه، ما دفع الامير الى تأنيبي».
أما المتهم الثالث، فبدا في العشرين من عمره، وقال «بدأنا العمل في كتائب ثورة العشرين بنصب حواجز وهمية والخطف على الهوية، وتسليم الضحايا الى مجموعات أخرى لتتصرف بهم عبر القتل أو المطالبة بفدية. ثم بعدها تطور الواجب ليشمل زرع العبوات على الطرق العامة ليلاً وتفجيرها نهاراً حتى بدأت المرحلة الاخيرة، عندما استُدعيت الى منطقة جنوب بغداد فوجدت الامير يصطحب معه شخصين مخطوفين فأمرني باطلاق النار على أحدهماً من مسدس. ولاحظت عندما أطلقت الرصاص على رأس الشخص الثاني، أن الامير كان يكبر بصوت عال».
وأشار متهم رابع (25 عاماً) الى حرص «أمير» مجموعة على إعطاء عناصره مخدرات قبل تكليفها بالإغارة على أي هدف سواء بنصب حواجز وهمية شمال العاصمة لخطف «الشيعة» أو عندما يكون «الواجب» قتل شخص ما. وروى تفاصيل عملية قتل امرأتين خُطفتا جنوب بغداد، ثم رمي جثتيهما في النهر، وهو تقليد متبع للتخلص من جثث المقتولين.
وفي المقابل، عزا آمر فوج «الصادق» في مغاوير الداخلية المقدم عبد الأمير جبار استخدام المخازن التجارية وغيرها داخل المناطق المزدحمة بالسكان إلى قربها من أطراف العاصمة. واعتبر ذلك تغييراً في تكتيك «الارهابيين» بعدما فرضت الخطة الأمنية «حصاراً قاتلاً» عزل الجماعات المسلحة داخل بغداد عن «حواضنها في المحيط». وأضاف أن هذا التكتيك الجديد يتكون من ثلاث مراحل. وأوضح أن المرحلة الأولى تشمل جمع أكبر كمية من المتفجرات والمواد المساعدة الاخرى مثل قذائف المدفعية والالغام، وهي مواد متوافرة في أسواق الأحياء الشعبية امتهن بيعها كثير من الناس يلتقطونها من معسكرات الجيش السابق أو مخازنه، وبينهم من جمع كميات كبيرة منها إبان سقوط النظام في نيسان (أبريل) عام 2003 وترك الجيش المنحل مواقعه. وتتمثل المرحلة الثانية بنقل هذه المواد والمواد الاساسية مثل الـ «تي ان تي» والـ «دي ان تي» الى المخازن المستخدمة كمعامل تفخيخ، فيما تشهد المرحلة الثالثة اختيار السيارات أو الشاحنات التي ستستخدم، وإيصالها الى المكان ذاته.
وكان مسؤول عسكري أميركي كبير أوضح لوكالة «فرانس برس» أن متمردين في العراق فجروا سيارة مفخخة كان طفلان يجلسان على مقعدها الخلفي، بعدما سمح لها جنود أميركيون بعبور حاجز في عطلة نهاية الأسبوع. وقال الميجور - جنرال مايكل باربيرو نائب قائد العمليات في هيئة أركان الجيش إن سيارة مفخخة أُوقفت عند نقطة مراقبة ثم سمح لها بالمرور عندما رأى الجنود الطفلين اللذين يجلسان في المقعد الخلفي. وأضاف أن «وجود الطفلين قلّل من الشكوك وسمحنا للسيارة بالمرور»، موضحاً أن «الراشدين أوقفوا السيارة بعد ذلك ونزلوا منها بسرعة ثم فجروها».
وأكد الجنرال أنها المرة الأولى التي يسجل فيها استخدام المسلحين أطفالاً في عمليات تفجير، لكنه تابع أن تنظيم القاعدة بات يغير تكتيكاته لمواجهة المراقبة المتزايدة للعاصمة.
الحياة
https://telegram.me/buratha
