كشفت معضلة تشكيل الحكومة المستمرة منذ سبعة شهور، وتداعيات تجربة السنوات الخمس السابقة، واقعا جديدا في المشهد السياسي والحياتي في صلاح الدين، لعل من أبرز سماته “حماس” المواطنين لـ”الفيدرالية” برغم محاولة تفاديها من قبل السياسيين أو تناولها بشيء من “الحياء”.
وعزا التدريسي عبد الله محمد فارس (53 سنة)، ذلك إلى أن “وضع أبناء المحافظات شمال بغداد أو ما يطلق عليه المكون السني تحديدا موضع تهمة واستهدافهم في مختلف الأوجه الأمنية والسياسية وحتى الاجتماعية منذ سبع سنوات عزز هذا القبول الشعبي للفيدرالية وجعله بمثابة ضمانة للوجود”، قائلا لوكالة (أصوات العراق)، إن أهالي تلك المناطق “يعتقدون أنهم يتعرضون للاستهداف في وجودهم ومعتقداتهم”.
وأضاف أن “فقدان الأمل في التغيير حتى بعد فوز ائتلاف العراقية بالانتخابات البرلمانية وعدم السماح لها بتشكيل الحكومة وهي المدعومة في غالبيتها من أبناء هذه المناطق عزز الشعور بضرورة إيجاد كيان يحقق لهم ما يصبون إليه من عدم تهميش وقوانين ظالمه وممارسات حكومية ذات طابع طائفي تمس معتقداتهم الدينية”، بحسب رأيه.
ويذهب الموظف هشام محمد (38 سنة)، إلى أبعد من ذلك، قائلا “لا شيء يجمع أبناء هذه المناطق مع الآخرين في البلد”، شارحا “فكل عوامل التوحد مفقودة ولا يوجد ما يبرر البقاء تحت سلطة الآخرين”، بحسب تعبيره. وأعرب محمد عن اعتقاده أن “الذهاب إلى ما هو أبعد من الفدرالية وارد”، مضيفا أن هناك تجارب “ناجحة لمناطق استقلت و تطورت وأصبحت دولا مثل جيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا والهند”.
لكن رئيس جبهة المشروع الوطني العراقي (جموع) الذي يحوز ثلاثة مقاعد في مجلس صلاح الدين، المهندس سبهان الملا جياد، أعرب عن “رفض مثل هذا الطرح”، مشددا على ضرورة “تشكيل تكتلات اقتصادية من أكثر من محافظة بنحو يجعلها قادرة على تغيير واقع المواطن ويضمن وحدة البلد”.
وبهذا الشأن قال ل (أصوات العراق)، إن الفدرالية “لا ينبغي أن تقوم على أساس طائفي أو عرقي”، مضيفا أنها “ينبغي أن تقوم على نهج الإدارة اللامركزية وتشكيل المناطق الاقتصادية من خلال تحديد دور كل محافظة أو مجموعة منها بسمة اقتصادية معينة بعيدا عن الطابع السياسي كأن تركز النجف وكربلاء على السياحة الدينية والموصل وصلاح الدين على الزراعة وهكذا وبنحو يأخذ بالاعتبار حياة المواطن وحفظ كرامته وكفالة معيشته مع الحفاظ على وحدة العراق”.
وتابع أن الفدرالية في الوقت الحاضر “لن تحقق للمنادين بها ما يأملون بل ستثير الصراعات الداخلية بين الكتل والأحزاب السياسية بل وحتى العشائرية وتنقل الخلافات العامة إلى الإقاليم أو المحافظات نتيجة عدم النضوج الفكري”.
رئيس الحزب الإسلامي في صلاح الدين علي العجيلي، قال إن السياسيين كانوا قبل مدة “يتجنبون ذكر كلمة الفدرالية أما الآن فأصبحت معتادة وتتداول بكثرة”، مبينا أن الحزب “ضد تقسيم العراق والفدرالية لأنه يريد حكومة مركزية تمنح صلاحيات كبيرة للمحافظات ليتسنى لها إدارة شؤونها ولا تتعرض للغبن في حقوقها المالية وأن تكون مخصصات الدوائر والوزارات تحت تصرف مجالس المحافظات”.واستطرد العجيلي “إما وقد أصبحت الفدرالية واقعا على الساحة فأن الحزب يفضل إخضاع الأمر لمجلس شورى جبهة التوافق للتصويت بشأنه”.
وكان موضوع الفدرالية طرح من قبل بعض المثقفين بشكل غير مباشر، في اجتماع سياسي عقد قبل نحو أسبوعين في محافظة صلاح الدين، ضم مسؤولين كبار من خمس محافظات لمناقشة قضية التعداد العام للسكان.الناشط السياسي صالح إبراهيم الفراجي، ذكر ل(أصوات العراق) أن مجموعة من منظمات المجتمع المدني والمثقفين “تعمل على تهيئة الظروف الموضوعية للعمل الفعلي لتطبيق مشروع الفدرالية أولا بين محافظتين ثم تلتحق به باقي المحافظات المجاورة”، مضيفا أن المساعي تبذل لـ”إقناع أكثر من حزب سياسي بتفعيل الجانب التنظيمي وإنضاج هذه التجربة التي ستكون رائدة في تحقيق الرفاهية للمواطن ورفع الظلم والاضطهاد عن كاهل أبناء هذه المحافظات”.
https://telegram.me/buratha