اعترف رئيس حكومة اقليم كردستان برهم صالح بوجود قلق كردي حيال ظهور "ميول استبدادية ودكتاتورية" تلوح احيانا في بغداد، موضحا ان "من حق الشعب الكردي ان يقلق بشأن الانباء التي تحدثت عن امتلاك الجيش العراقي اسلحة ثقيلة".
وقال صالح، في حوار مع صحيفة لوس انجلس تايمز الاميركية، نشرته أمس الأحد، ان عدم تشكيل حكومة منذ اعلان نتائج الانتخابات في آذار (مارس) وحتى الآن، هو "في الحقيقة امر مخجل".
واضاف ان "البلاد تتعرض الى هجمات ارهابية خطيرة، وهناك ازمات في الخدمات الاساسية كالكهرباء وامدادات المياه التي تُقدم للناس". وتابع "في الظروف الطبيعية فان الحكومات تسقط بسبب هذه المشاكل، وتتشكل حكومات جديدة"، مشيرا الى ان "ما يحدث الآن هو اخفاق كامل للنخب السياسية امام الناخب العراقي الذي تحدى الارهاب عندما ذهب الى صناديق الاقتراع واراد تأسيس بداية جديدة لبلاده".
واوضح صالح "ليس هناك من شك بان مثل هذه الحالة تؤثرسلبيا على الحالة الأمنية"، مؤكدا ان "استمرارية المشاكل والنزاعات السياسية تمثل مدخلا للمتطرفين والإرهابيين لزعزعة الأمن". وقال ان "الأمن في العراق لن يستقر بشكل دائم من دون حل القضايا السياسية العالقة في البلاد وبشكل خاص مشكلة الإشتراك بالسلطة بين المكونات العراقية الرئيسية وتشكيل حكومةً عراقية مدعومة من قبل الناس لتكون سدا منيعا بوجه الإرهابيين والمتطرفين الذي يحاولون الحاق الهزيمة بالتجربة العراقية الصاعدة".
ومضى صالح الى القول ان "هناك الآن مظاهرات تنتقد أداء الحكومة في حقل الخدمات. وأعتقد أن إستمرار هذه الحالة سيتسبب في فقدان النخبةَ السياسيةَ الحاليةَ لمصداقيتها امام الشعب". وردا على سؤال بشأن الإختلاف في الاراء بين الزعيمين الكرديين جلال طالباني ومسعود بارزاني بشأن دعم الاول لعلاوي ودعم الثاني للمالكي، قال صالح "هناك اجماع كردي معلن حول اننا نتعامل بشكل متطابق مع المبادئ الاساسية والطلبات المحددة بخصوص الترشيحات لمنصب رئيس الوزراء". وتابع ان "هذه المبادئ تصرح بالحاجة الى الالتزام بالدستور وبمبدأ التشارك في الحكم، ومنع احتكار السلطة وحل المشاكل الكبيرة بين اقليم كردستان وبغداد، ومنها مصير المناطق المتنازع عليها وقانون النفط والغاز ووضع قوات البيشمركه بوصفها جزءا من منظومة الدفاع العراقي"، مشيرا الى ان "اي شخص يستجيب لهذه الاساسيات ويقدم الضمانات للالتزام بالدستور والشراكة فانه سيحظى بدعم الكتلة الكردية".
وذكر صالح الساسة يمتلكون فرصة لحل المشاكل السياسية في العراق. وقال ان حل الاشكالية السياسية سيكون لمصلحة البلاد ككل، وليس الاكراد فقط، موضحا ان "قانون النفط والغاز ليس لكردستان فقط لكنه يصب في مصلحة العراق الحيوية". وفي هذا السياق وجه صالح نقدا شديدا للسياسة النفطية التي تتبعها الحكومة المركزية. وقال انها "لم تنجح". واضاف ان "مستويات الإنتاج منخفضة جدا. ونحن بحاجة لافتتاح ضخم في ادارة القطاع النفطي وفي جلب التقنية النفطية الحديثة وراس المال الخاص والخبرة لتحسين مستويات الصادرات النفطية". وبشأن القدرات الميداينة للجيش العراقي، في اعقاب الانسحاب الاميركي، قال صالح ان الولايات المتحدة قدمت الكثي للعراق. واضاف "اننا نشكر أمريكا لمساعدتها العراقيين في التخَلص من استبداد صدام واعطائنا الفرصة لبناء عراق ديمقراطي. ونحن نقدر عاليا تضحيات الجيش الأمريكيِ". وتابع ان "المسؤولية تقع علينا الآن وامامنا تحد رئيسي. فالعراق ما زال يمر بفترة انتقال صعبة وسط بيئة إقليمية معقدة". وزاد ان "العراق بحاجة لابقاء دعم الحكومة الأمريكية مستمرا لغرض استكمال عملية بناء عراق ديمقراطي إتحادي".
وذكر صالح ان القدرات العسكرية العراقية شهدت تطورا اساسيا. لكنه عاد وأقر بان قدرات الجيش العراقي "مازالت محدودة في الدفَاع عن حدود العراق تجاه الأخطار الإقليمية". وقال "سنحتاج مساعدةَ الولايات المتحدة لوقت طويل لنكون قادرين على اكمال بناء مؤسسات الدفاعَ والجيش".
واكد صالح ان الجيش العراقي يجب ان يكون "جيشا وطنيا ولكل العراقيين. وقوات البيشميركة جزء من منظومة الدفاعِ الوطنيِ العراقيِ وتم استخدامها في أوقات مختلفة للمحافظة على الأمن في بغداد ومناطق أخرى". واضاف "لدينا الان تفاهم مع الحكومة العراقية وبدعم من القوات الاميركية لتدريب البيشمركة وتجهيزها. وهذا تطور جيد، لكننا بحاجة الى المزيد. وهذا يشكل ضمانة كي تتكامل القابليات الامنية العراقية وتترقى".
وعن المخاوف الكردية من ظهور دكتاتورية جديدة قد تلجأ الى استخدام اسلحة الجيش الثقيلة ضد منطقة معينة، أقر صالح بأن "لدينا قلقا مشروعا حول عودة الإستبداد والدكتاتورية". لكنه قال ان "هذا القلق لاينحصر بالاكراد. فهناك قطاعات معينة من العراقيين تتخوف من ان يُستَخدمْ الجيش العراقي كوسيلة للاضطهاد كما حدث في الماضي". وتابع "يجب ان يُحكَمْ العراق وفق نظام الاجماع الذي يُبنى على الاسس الديمقراطية والاتحادية".
وذكر صالح "نعم، هناك ميول إستبدادية ودكتاتورية تظهر من وقت لآخَر تجعلنا قلقين. ويجب ان تكون الحكومة جديةَ وحازمة في مواجهة هذه الميول عبر التأكيد على الضمانات الدستورية لمنع احتكار السلطة في بغداد".
وتابع ان "للمواطنين الأكراد الحق في ان يخافوا من تكرار الماضي لنفسه عندما يسمعون عن تسليح الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة". وقال ان "الجيش العراقي يجب أن يكون جيشا وطنيا يمثل كل المكونات العراقية". واضاف "نحن لا نقبل تهميش الاكراد في المنظومة الامنية والعسكرية. والتسليح والتدريب والتجهيز يجب ان يشمل القوات الكردية بوصفها جزءا من منظومة الدفاع الوطني العراقي".
https://telegram.me/buratha