كشف خبير نفطي مطلع عن ان عقد استثمار الغاز في جنوب العراق من قبل شركة شل وميتسوبيشي الذي وافق عليه مجلس الوزراء المنتهية ولايته نهاية حزيران الماضي، يكتنفه الغموض، ورأى انه فيه تفريط بحقوق العراق، كونه لايتضمن التزامات متقابلة.
وقال الخبير المطلع، الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية موقفه، ان العقد الذي وقعته حكومة تصريف اعمال، هو عقد احتكاري بامتياز، مثلما سعت وارادت شركة شل النفطية، وهو بالاضافة الى كونه لم يطرح في مناقصة علنية للتنافس مع شركات اخرى، فانه يواجه اشكاليات عديدة، لم تتوضح في بنود العقد.
وبالرغم من اعتراف الخبير باهمية المشروع عراقياً ودوره في تعظيم الموارد الوطنية، الا انه أوضح في تصريح خص به وكالة (اور) ان اولى الاشكاليات التي تؤخذ على العقد هو تقاطع المصالح على جميع المستويات، واولها تقاطع مصالح شل مع مصلحة العراق، اذ لم يُعرف كيف سيتم توفير الغاز الكافي لاحتياجات الاهالي والمحطات الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية، وباية اسعار سيتم بيعه للعراق، وماهي الاسعار التفضيلية التي يشير اليها العقد، وهل سيؤدي ذلك الى ارتفاع سعر اسطوانة الغاز بالنسبة للمستهلك العراقي.
اما الاشكالية الاخرى، فهي كما يقول الخبير، تتمثل بقيام وزارة النفط بطرح ثلاثة حقول غازية للاستثمار في جولة التراخيص الثالثة الشهر المقبل، وايضاً ربما ستكون في ظل حكومة تصريف اعمال، مشيراً الى ان الحقول التي ستطرح في الجولة هي حقول المنصورية وعكاس والسيبة. وتساءل قائلاً لمن ستكون الاولوية في التصدير عندئذٍ، لافتاً الى ان شركة شل اشترطت ان يكون ال 100 مقمق المعدة للتصدير من حصتها.
والاشكالية الثالثة، بحسب الخبير، هي موجودات شركة غاز الجنوب التي ذهبت الى شركة غاز البصرة التي تم تأسيسها لتكون نسبة 51% للعراق و44% لشل و5% لشركة ميتسوبيشي. وقال ان شركة دولية قدرت موجودات غاز الجنوب بمليار ونصف المليار دولار، برغم انها تساوي بسعر اليوم نحو 5 مليارات دولار، وتساء الخبير، وهذا يفترض ان تقوم كلا من شل وميتسوبيشي المشاركة بمبلغ 735 مليون دولار، كي تصبح هذه الشراكة عادلة، وهذا ايضاً لم يتوضح في العقد.
والاشكالية الرابعة مرتبطة بالتي سبقتها، وتتعلق بالاراضي التي تمتلكها شركة غاز الجنوب، وهنا نتحدث عن مئات الالاف من الدونمات، وهذه ايضاً لم يعرف اذا ماكان سيتم وضع مبالغ مقابلها أم لا، لان شل وميتسوبيشي دخلتا كشريكين في غاز البصرة التي حلت محل غاز الجنوب.
والاشكالية الاخيرة، كما يقول الخبير النفطي العراقي المطلع، تتعلق في الارباح التي سيجنيها العراق من هذه الصفقة الغامضة، ويقول اذا كنا شركاء فعلاً، فعلينا ان نتقاسم الارباح وفق النسب الرسمية، لا ان نبيع نحن لشل الغاز الغاز الخام بأبخس الاثمان، ومن ثم تقوم هي بتحويله الى غاز مسال في عرض البحر، وتبيعه بسبعة اضعاف السعر الذي دفعته للعراق.
واشار الخبير الى ان فلسفة الاستثمار تقوم اساساً على مبدأ تعظيم الموارد، لاسيما وان عقد استثمار الغاز في جنوب العراق من العقود الطويلة التي تستمر لمدة 25 عاماً، وهذا الامر، بحسب الخبير، لم يتوضح في العقد.
مشروع غاز البصرة هو المشروع المشترك المقترح (الشركة المشتركة) الذي يضم شركة غاز الجنوب، وهي شركة عراقية، مع شركة رويال داتش شل وشركة ميتسوبيشي كوربوريشن وسيتم تفعيل هذه الشراكة الجديدة من خلال استحداث وتأسيس "شركة غاز البصرة".
لقد بدأت المناقشات حول الغاز بين وزارة النفط العراقية وشركة شل قبل بضع سنوات، وفي أيلول/ 2008 قام الطرفان بتوقيع )اتفاقية مبادئ HOA ) ووافق مجلس الوزراء العراقي على ان تستمر المفاوضات لمدة عام، ومن ثم جرى تمديدها ستة اشهر اخرى، عندما وافق مجلس الوزراء العراقي في 29 حزيران الماضي على بدء المشروع المشترك الذي يعني استثمار الغاز في اربعة حقول كبرى هي مجنون والزبير والرميلة وغرب القرنة.
ومشروع غاز الجنوب، كا يشير الموقع الالكتروني لشركة غاز البصرة، هو مشروع لتخزين ونقل الغاز، ويشتمل على تجميع ومعالجة وتصنيع الغاز الخام الذي يتم إنـتاجه في البصرة (غير الغاز اللازم لعمليات الاستكشاف والإنتاج)، ثم بيع الغاز الطبيعي المعالج (وما يرتبط به من مواد مثل المكثفات والغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال) لاستخدامه في الأسواق المحلية وتصديره إلى الأسواق الخارجية.
وقدّر الخبير النفطي المطلع خسارة العراق جراء عدم استثمار الغاز بـ (10-15) مليار دولار سنوياً، مشيراً الى ان العراق يحرق سنوياً نحو 700 مقمق (مليون قدم مكعب) من الغاز الطبيعي من حقول جنوب العراق، و250 مقمق من حقول كركوك.
https://telegram.me/buratha